كل بضع سنوات، يحدث شيء مروع، ويسارع التقدميون إلى إلقاء اللوم على التعليم المنزلي والادعاء دائماً هو نفسه: التعليم المنزلي يسهل الإساءة للأطفال من خلال إبعادهم عن أعين المعلمين والإداريين والمدربين والمجتمع الأوسع. لماذا قد يرغب الآباء في إخراج أطفالهم من بيئة المدرسة التقليدية، إذا لم يكن ذلك لغرض التلقين أو الإساءة؟

إنه سؤال مستهلك، زادت رتابته مع الشعبية المتزايدة للتعليم المنزلي بسبب الجائحة. لم يعد تدريس الأطفال في المنزل أو ضمن مجموعات تعليمية مع عائلات أخرى أمراً غير عادي. لكن هذا لم يمنع منظومة التعليم التقليدية - بما في ذلك نقابات المعلمين، والبيروقراطيات، وكليات التربية، وحلفاؤهم في وسائل الإعلام - من محاولة إعادة التعليم المنزلي إلى الهامش.

Ad

وتأتي أحدث حالة من ولاية كونيتيكت، حيث يُزعم أن رجلاً يبلغ من العمر 32 عاماً كان محتجزاً في الأسر من قبل زوجة أبيه لمدة 20 عاماً وهو يعاني من سوء تغذية شديد. في 17 فبراير، استجاب رجال الإطفاء لحريق في منزل بمدينة ووتر بوري، حيث أنقذوا زوج الابن من غرفة مغلقة بحجم 9 × 8 أقدام، وكان وزنه لا يتجاوز 68 رطلاً. وأخبر الضحية، الذي لم يُكشف عن اسمه، رجال الإنقاذ أنه أشعل الحريق لأنه أراد الحرية.

وكان الضحية قد التحق بالمدارس العامة المحلية عندما كان طفلاً. تذكره المعلمون والإداريون وهو يبحث في صناديق القمامة عن الطعام أو يطلب من زملائه مشاركته غداءهم. وقالوا إنهم أبلغوا وكالات رعاية الأطفال في الولاية، لكن لم يُتخذ أي إجراء. وفي مرحلة ما، قامت أسرته بسحبه من المدرسة. وقالت شرطة ووتر بوري الأسبوع الماضي إنه لم يُعثر على أي مخالفات في المنزل أثناء فحص الرعاية الاجتماعية الذي تم عام 2005 بناءً على طلب وزارة الأطفال والأسر في الولاية. لم يسمع أحد عن الأسرة مرة أخرى حتى اندلاع الحريق في 17 فبراير.

والتفاصيل، كما وردت، مؤلمة للقلب. ووصف قسم شرطة ووتر بوري الظروف التي تم العثور فيها على الضحية بأنها «غير إنسانية». تم اعتقال زوجة الأب، كيمبرلي سوليفان، ووجهت إليها تهم متعددة، بما في ذلك الاعتداء والاختطاف والاحتجاز غير القانوني والقسوة على الأشخاص. ونفت عبر محاميها أي ارتكاب لجرم، وتم الإفراج عنها بكفالة.

لكن وسائل الإعلام حددت الجاني مسبقًا. فقد عنونت شبكة NBC News تقريرها: «قوانين التعليم المنزلي ‹المتساهلة› في كونيتيكت ربما سهلت الإساءة للفتى، وفقًا لبعض دعاة التعليم». وحتى صحيفة (New York Post) ذات التوجهات الليبرالية نشرت تقريراً يقول: «المرأة المتهمة بحبس زوج ابنها المجوع في (منزل الرعب) لعقود ربما أفلتت من العقاب بسبب نظام التعليم المنزلي غير المنظم في كونيتيكت».

سبق أن مرت كونيتيكت بهذا السيناريو. بعد أن ارتكب آدم لانزا جريمة قتل جماعي في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في نيوتاون عام 2012، نشرت وسائل الإعلام على نطاق واسع أنه كان متعلماً منزلياً. وكان جوهر التغطية الإعلامية أنه لو كان لانزا قد التحق بمدرسة عامة، لكان المعلمون اكتشفوا حالته العقلية الخطيرة وساعدوه، وبالتالي كان من الممكن تجنب المذبحة.

لكن هذا السرد كان تحريفاً للواقع. فقد كشف تقرير شامل صدر عام 2014 عن مكتب مناصرة الطفل في كونيتيكت أن لانزا لم يكن متعلماً منزلياً بالمعنى التقليدي. فقد كان طالباً يعاني من مشكلات منذ سنواته الأولى في المدرسة، وسجل المعلمون سلوكياته «المزعجة» منذ الصف الخامس. كان الجميع في نيوتاون على دراية بمشكلاته النفسية الحادة.

بالتعاون مع والدته، وضعت المنطقة التعليمية لانزا، الذي كان لديه خطة تعليمية فردية، في «وضع التعليم المنزلي» في الصف الثامن، وهو ترتيب هجين يتطلب من المدرسة متابعة تقدمه الأكاديمي، وهو ما لم تفعله على ما يبدو. ثم عاد إلى المدرسة في الصف العاشر وتخرج قبل أوانه بعام واحد في 2009. ولم تقع الجريمة إلا بعد ثلاث سنوات من ذلك.

يحتاج التقدميون إلى تذكيرهم بأن افتراضهم الأساسي حول العلاقة بين المواطنين والدولة خاطئ. فالأطفال لا «ينتمون» إلى الحكومة، بل إلى أسرهم- إذا جاز استخدام كلمة «انتماء» هنا أصلاً. الدولة موجودة لخدمة المواطنين، وليس لإجبارهم على حضور المدارس الحكومية. وهذه فكرة يصعب على اليسار استيعابها، خصوصاً وأن الحزب الديموقراطي تسيطر عليه نقابات المعلمين في أجزاء كثيرة من البلاد، وهم من أشد أعداء التعليم المنزلي.

* ماثيو هينيسي نائب رئيس تحرير قسم المقالات الافتتاحية في صحيفة