أبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، أمس ، سعر الفائدة دون تغيير، كما كان متوقعا، لكن صانعي السياسات أشاروا إلى أنهم لا يزالون يتوقعون خفض تكاليف الاقتراض نصف نقطة مئوية بحلول نهاية العام، في ظل تباطؤ متوقع بالنمو الاقتصادي.
وبعد الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، رفع مسؤولو مجلس «الاحتياطي» تقديراتهم للتضخم هذا العام، إذ يتوقع أن يصل مؤشر أسعار المستهلكين إلى 2.7 بالمئة بنهاية العام، مقابل 2.5 بالمئة المتوقعة في ديسمبر. ويستهدف «الاحتياطي الاتحادي» الوصول بمعدل التضخم إلى 2 بالمئة.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، جيروم باول، في مؤتمر صحافي بعد قرار البنك الإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير، إنه ليس لديه سبب للاعتقاد بأن الولايات المتحدة تشهد تضخما مرتفعا على غرار حقبة سبعينيات القرن الماضي، عندما دفع التضخم البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد وتسبب في ركود كبير.
وأضاف أن الوضع لا يُقارن إطلاقا بارتفاع التضخم في سبعينيات القرن الماضي، وتابع قائلا: «لا أرى أي سبب للاعتقاد بأننا نشهد تكرارا لأزمة السبعينيات أو شيء من هذا القبيل».
وفي تناقض واضح، أشار باول إلى أن التضخم الأساسي تراجع بالفعل إلى نطاق 2 بالمئة، مع انخفاض معدل البطالة، لكنّ قدرا من التضخم ربما يكون ناتجا عن «مصدر خارجي»، في إشارة إلى زيادة الرسوم الجمركية الأميركية، بينما قال إن من السابق لأوانه قياس تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على التضخم، مضيفا أنه سيكون من الصعب تحديد تأثيرها على حجم الزيادات في أسعار السلع.
وذكر باول، في مؤتمر صحافي، بعد أن أبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، أن الرسوم الجمركية لا تحمل مؤشرات تُذكر فيما يتعلق بالسياسة النقدية. وأضاف أن الكثير سيعتمد على سرعة تحرّك التضخم المرتبط بالرسوم الجمركية عبر الاقتصاد، ومدى استقرار توقعات التضخم.
وحضّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء، بنك الاحتياطي الفدرالي على خفض أسعار الفائدة للحدّ من تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها وأثارت ردود فعل تضخمية.
وجاءت هذه الدعوة من الرئيس الأميركي بعد أن قرّر البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير.
وكتب ترامب على منصّته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي، مخاطبا أعضاء مجلس الاحتياطي الفدرالي «افعلوا الصواب».
وحافظ مجلس الاحتياطي الفدرالي في اجتماعه على موقفه بشأن أسعار الفائدة المرجعية، مع إشارته إلى احتمالية إجراء تخفيضات في وقت لاحق من العام.
وإلى جانب القرار، حدّث المسؤولون توقعاتهم لأسعار الفائدة والاقتصاد لهذا العام وحتى عام 2027، وعدّلوا وتيرة تخفيضهم لحيازات السندات.
وعلى الرغم من التأثير غير المؤكد لرسوم ترامب الجمركية، إضافة إلى السياسة المالية الطموحة المتمثلة في الإعفاءات الضريبية وتحرير القيود، صرح المسؤولون بأنهم ما زالوا يتوقعون تخفيضات أخرى في أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية حتى عام 2025. ويُفضّل «الاحتياطي الفدرالي» تطبيق زيادات ربع نقطة مئوية، مما يعني إجراء تخفيضين هذا العام.
وقد استمد المستثمرون التشجيع من احتمال إجراء تخفيضات إضافية، حيث ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 200 نقطة عقب القرار.
وفي مواجهة المخاوف الملحّة بشأن تأثير الرسوم الجمركية على تباطؤ الاقتصاد، أبقت لجنة السوق المفتوحة الفدرالية، المحددة لأسعار الفائدة، سعر الفائدة الرئيسي المستهدف في نطاق يتراوح بين 4.25 و4.5 بالمئة، وهو المستوى المستقر عليه منذ ديسمبر. وكانت الأسواق تتوقع احتمالًا ضئيلًا للغاية لأي تغيير في اجتماع السياسة النقدية الذي استمر يومين هذا الأسبوع.
وفي أحدث مراجعة لتوقعاته الاقتصادية، رفع «الفدرالي» تقديراته لمعدل البطالة في الولايات المتحدة خلال 2025 من 4.3 إلى 4.4 بالمئة.
وخفض مسؤولو «الاحتياطي الفدرالي» توقعاتهم الاقتصادية في أحدث التوقعات الصادرة يوم الأربعاء، متوقعين نمو الاقتصاد الأميركي بوتيرة أقل من 2 بالمئة.
وخفضت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة، المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، توقعاتها الجماعية للنمو الاقتصادي إلى 1.7 بالمئة، بانخفاض عن آخر توقعاتها البالغة 2.1 بالمئة في ديسمبر.
وفي غضون ذلك، رفع المسؤولون توقعاتهم للتضخم، متوقعين نمو الأسعار الأساسية بمعدل سنوي 2.8 بالمئة، بارتفاع عن التقدير السابق البالغ 2.5 بالمئة. وتشير هذه الخطوات إلى أن البنك المركزي يرى خطر سيناريو الركود التضخمي، حيث يرتفع التضخم مع تباطؤ النمو الاقتصادي، وفقا لتقرير نشرته «CNBC» الأميركية، واطلعت عليه «العربية Business».
وفي بيان لها، أشارت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة إلى «تزايد حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية»، مضيفة أن «الاحتياطي الفدرالي» يُولي اهتمامًا كبيرًا للمخاطر التي قد يتعرض لها كلا الجانبين في إطار ولايته المزدوجة.
وتزايدت المخاوف من تباطؤ اقتصادي وتسارع التضخم بشكل ملحوظ، حيث من المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية الصارمة التي فرضها ترامب على شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتقليص إنفاق المستهلكين.
من جهته قال باول، في مؤتمر صحافي: «بدأ التضخم بالارتفاع الآن. نعتقد أن ذلك يعود جزئيًا إلى الرسوم الجمركية، وقد يكون هناك تأخير في إحراز المزيد من التقدم خلال هذا العام».
جيروم باول لا يتوقع تكرار التضخم على غرار السبعينيات
وأضاف: «بشكل عام، الوضع جيد. تُظهر بيانات المسح، سواءً للأسر أو الشركات، تزايدًا كبيرًا في حالة عدم اليقين ومخاوف كبيرة بشأن مخاطر التراجع».
وفي الوقت الحالي، لا يزال «الاحتاطي الفدرالي» يتوقع إجراء خفضين لأسعار الفائدة خلال الفترة المتبقية من عام 2025، وفقًا للتوقعات المتوسطة، حتى مع رفع توقعات التضخم.
وأشار ما يسمّى بالرسم البياني النقطي إلى أن 19 عضوًا في اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة، من المصوتين وغير المصوتين، يرون أن سعر الفائدة القياسي على الأموال الفدرالية سيبقى عند 3.9 بالمئة بنهاية هذا العام، وهو ما يعادل نطاقًا مستهدفًا يتراوح بين 3.75 و4 بالمئة.
ومع ذلك، أصبح رأيهم أكثر تشددا في توقعاتهم بشأن أسعار الفائدة، حيث توقّع 4 أعضاء عدم حدوث أي تغييرات في أسعار الفائدة عام 2025. وفي اجتماع يناير، توقع مسؤول واحد فقط عدم حدوث أي تغييرات في أسعار الفائدة هذا العام.