أثارت التعريفات الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بداية فبراير الماضي اضطرابات اقتصادية كبيرة، حيث فرضت تعريفة إضافية بنسبة 25 بالمئة على الواردات من كندا والمكسيك، إضافة إلى 10 بالمئة على الواردات من الصين.

وبالرغم من أن التنفيذ الفعلي لهذه التعريفات، الذي كان مقررًا في الأصل لشهر مارس، واجه احتمال التأجيل لمدة شهر، فإن الواردات الأميركية وعجز الميزان التجاري استمرا في الارتفاع منذ نوفمبر الماضي، مع قفزة كبيرة في يناير، مما أثر سلبًا على تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

Ad

وبالتزامن مع تنفيذ هذه التعريفات، ارتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة خلال شهر يناير للسنة الرابعة على التوالي. وبالرغم من أن هذا الارتفاع قد يكون جزئيًا نتيجة لعوامل اقتصادية سابقة، فإنّ حجم التهديد الذي تشكله هذه التعريفات، والذي يفوق ذلك الذي حدث عام 2018، يشير بقوة إلى تأثير أكثر وضوحًا على أسعار المستهلكين بحلول الربع الثاني من عام 2025.

وقد أثارت حالة عدم اليقين بشأن حجم ونطاق التعريفات الأميركية المستقبلية قلق الأسواق العالمية. فعلى سبيل المثال، قامت ألمانيا بإعفاء إنفاقها الدفاعي من قواعد الميزانية، مما يعكس الجهود الدولية للتكيف مع المشهد الجيوسياسي المتغير. وإضافة إلى ذلك، أعلنت كل من كندا والمكسيك عن إجراءات مماثلة بفرض تعريفات جمركية مضادة على السلع الواردة من الولايات المتحدة، مما أدى إلى تصعيد النزاع التجاري.

وتفاعلت الأسواق الأميركية بحدّة مع هذه التطورات، فمع حلول نهاية فبراير، انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 1.7 بالمئة، كما تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة مماثلة، بينما هبط مؤشر ناسداك بنسبة 2.2 بالمئة.

كما تأثرت عائدات سندات الخزانة في الأسواق المالية، حيث تراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.42 بالمئة من 4.51 بالمئة، وذلك بسبب اندفاع المستثمرين نحو الملاذات الاستثمارية الأكثر أمانًا.

يذكر أنه كانت هناك قفزة بنسبة 10 بالمئة في الواردات الأميركية خلال شهر يناير، حيث سعى المستوردون إلى استباق تنفيذ التعريفات الجمركية. ومع ذلك، فإن هذا يعد مصدرًا لعدم الاستقرار التجاري العالمي واضطرابات من غير المرجح أن تستمر لفترة طويلة.

ومن الملاحظ أن التأثيرات على الأصول الأميركية كانت أكبر من تلك التي شهدتها الأسواق العالمية بشكل عام، وهو ما يتماشى مع حقيقة أن التعريفات الجمركية تسدد في المقام الأول من قبل دافعي الضرائب الأميركيين.

من وجهة نظري، ومع الأخذ في الاعتبار جميع السياسات الأميركية الحالية، بما في ذلك تدابير تقليص الوظائف الفدرالية، فإن هذا التأثير لا يقتصر على التقلبات في الأسواق فحسب، بل يمتد ليعيد تشكيل الأداء الاقتصادي الأميركي على المدى القريب بشكل جوهري.