لا أتذكر صراحة اسم الكتاب أو إن كانت رواية، ولا إن كان مشهداً من فيلم مصور، ولكن لمّا كان للكلمات أثر عليّ شخصياً منذ زمن بعيد فإنني مازلت أتذكر الجملة والكلمات التي حفرت في مخيلتي، والتي يتضمن فحواها أن «الرب يخلق كل شيء ويزداد منه عدداً، إلا الأرض». فعلاً هذا الكلام صحيح، فالبشر في ازدياد وكذلك الاحتياجات والمتطلبات وحتى ما يصاحب هذا كله من تلوث وسوء معاملة للبيئة، فكل هذا في ازدياد واضح دون الحاجة إلى قرائن ودلائل.

لذلك يعد الاستغلال الأمثل للأراضي أحد الحلول المباشرة المهمة التي وجب على الجهات المعنية رعايتها بشكل مباشر وصريح. ولعل أهم استغلال للأراضي هو تطبيق مبادئ الاستدامة وربطها بشكل مباشر مع الأراضي الزراعية والحيازات المنوطة بالأمن الغذائي.

Ad

ومن أهم ما تم في هذا الخصوص هو استراتيجية الاتحاد الأوروبي عام 2021، والتي كانت نتاج عمل دؤوب لأربعة وأربعين من الخبراء المختصين ممن أطلقوا على تقريرهم اسم From Farm to Fork، وترجمته الحرفية «من المزرعة إلى شوكة الأكل»، والذي يمكن أن نطلق عليه عنوان «من المزرعة إلى المائدة» وهو الأمر المقصود

هاهنا.المبدأ العام هنا، ببساطة، يرتكز على سلسلة من المفاهيم، ولعل ما يهمني هو ما يتعلق بالبيئة والاقتصاد وإسقاط تلك المفاهيم على واقعنا في الدولة.

من الجانب البيئي وجب وضع مقياس واضح، ونحن هنا نتكلم عن الاتحاد الأوروبي وليس بقعة أخرى على الخريطة، لمعرفة تنامي وتقهقر الأراضي الزراعية مع حساب الكربون في التربة والمحافظة على جودة الأراضي والأسمدة. كل هذا مع متابعة حثيثة تستوجب وضع أمور عدة في نصابها الصحيح من تطبيق تقنيات متطورة كإنتاج الطاقة من المزارع، وتخفيف البصمة البيئية مع إدخال عنصر البحث والتطوير الجاد.

من الجانب الاقتصادي اهتمت تلك الاستراتيجية الأوروبية بالتوزيع العادل للثروة الغذائية، وبسلاسل الإنتاج والتوزيع.

ولنتكلم بكل صراحة عن واقعنا الكويتي، فهل نمتلك مراقبة على سلاسل الإنتاج؟ وهل نهتم أصلاً بجودة المحاصيل ونحرص على أن تكون متوافرة لدينا بشكل اعتيادي للعامة؟ هل تتم مراقبة الحيازات الزراعية لدينا بشكل دوري ونساعد المزارعين على إيجاد الحلول ووضع الخطط لحيازاتهم؟! وإن كان هذا كله واقعا، فلِمَ لا نرى نتائج مبهرة على أرض الواقع؟!

على الهامش: قبيل محاسبة أصحاب الحيازات الزراعية، وهو أمر واجب ومستحق، يجب توفير كل سبل الدعم لهم من مياه وبذور ولوجستيات وطرق عناية، ومن بعد هذا فالمحاسبة الصارمة لهم مستحقة.

هامش أخير: القرقيعان فقد رونقه وجماله وهويته، بسبب «فشخرة» السيدات بعضهن على بعض. من جانب آخر، يتسابق بعض الرجال على إقامة «الغبقات» الرمضانية بطريقة ماراثونية لا طعم ولا لون ولا رائحة لها.