تدور أحداث المسلسل عن شخص يحمل لقباً رناناً يعبر عن القوة، ويحمل معه كل صفات الخير المُطلق، يواجه، بشجاعة مُطلقة، العديد من المشاكل التي يسببها له حاقدون وأعداء يحملون كل صفات الشر المُطلق، ليتمكن من هزيمتهم هزيمة مُطلقة في نهاية الأحداث.

الأكيد أنك تسأل الآن عن اسم المسلسل الذي تدور فيه هذه الأحداث، وعن اسم الممثل الذي يقوم ببطولة هذا العمل «الدرامي»، الذي يلتف حوله عدد كبير من الجماهير المتشوقين لرؤية النهاية السعيدة للبطل بعد شقاء 29 حلقة.

Ad

عن اسم العمل، فهو معظم الأعمال الدرامية المصرية التي تعرض على شاشة رمضان منذ أكثر من 10 سنوات، وحتى الآن، وأما عن اسم الممثل، فمن الممكن أن يكون أي ممثل يستطيع القيام بأدوار الأكشن وإلقاء الإفيهات وإطلاق التهديدات.

هذا العمل الذي قرأت قصته وشاهدت مثله العشرات على شاشات الفضائيات، لا نستطيع أن نسميه عمل درامي، فالدراما، أو التعبير الدرامي، مفهوماً، هو نوع من التعبير الادبى يتم تأديته على المسرح أو في السينما أو التلفزيون أو الإذاعة، وأصلها بالإغريقية القديمة «δρᾶμα» وتعني «العمل»، وتعبر عن التناقض، حتى في سمات الشخصية الدرامية، وليس المُطلق كما نراها في هذه الأعمال. ومن قواعدها، أنه ينبغي أن يكون العمل الدرامي منطقياً ومترابطاً، بحيث لا يبدأ بداية متعسّفة أو ينتهي نهاية مبتسرة، أو تسير فيه الأحداث مصادفة. كذلك يشترط أن يتحقق التجانس بين الموضوع والحجم بهذا البناء، وتحقيق عنصر التعادل بين الشكل والمضمون، وهو تماماً ما تفتقده الأعمال محل هذا التقرير.

إذن، نحن لسنا أمام «دراما»، ولكننا من الممكن أن نكون أمام أعمال ميلودرامية بامتياز، تتشابه فيها كل العناصر من قصة وحبكة وأداء وأحداث، بل، وفي كثير من الأحيان، السيناريو والحوار. فهي تماماً أشكال درامية لا تراعي قوانين السبب والنتيجة وتبالغ في المشاعر وتركز على الحبكة المثيرة والمصممة لجذب المشاعر بقوة، على حساب تصوير الشخصية، والبناء الدرامي بشكل عام.

أما الإشكالية في هذا النوع من الأعمال أنها تقع في العديد من الفخاخ التي عادة ما تؤدي إلى اهتراء العمل بشكل كبير، أهمها هو فخ «المُطلق»، حيث دائماً ما نرى الخير المُطلق المتمثل في بطل المسلسل، والذي يجب أن يحمل كل صفات البطولة، دون أي جانب سلبي - حسب وجهة نظر صنّاع العمل - في مواجهة الشر المُطلق - حسب وجهة النظر نفسها - والذين يتم اختيارهم، فقط، لخدمة هذا البطل المُطلق.

ولأن البطل هنا يمثل «المُطلق» كان لا بد لهذه الأعمال أن تقع في فخ التنميط، حيث تم اختزال الشخصيات في صورة مكررة لا تتغير، فانتشر الأداء النمطي لدى الممثلين وأحيانًا بعض الفنانين أصحاب التاريخ الكبير والشهرة والذين يخضعون لنفس الأسلوب للتعبير عن الشخصيات التي يجسدونها.

أيضاً، تقع هذه النوعية من الأعمال، في فخ «المُبرر»، الذي يدفع البطل إلى الانتقام من هؤلاء الأشرار، وهو، بالضرورة، وحسب وجهة نظر الصنّاع، ما يستلزم جرعة كثيفة جداً وغير مبررة، في كثير من الأحيان، من الشر والأذى، اتجاه البطل «الخير»، لتوفر له في النهاية مبررات الانتقام.

في النهاية، يتنقل العمل من فخ إلى فخ، حتى يُقدم، في النهاية، إلى الجمهور مهترئاً، ومهلهلاً، ومشوهاً، لا يرقى إلى مستوى العمل الدرامي، ولا يليق بتاريخ الدراما المصرية، ولا يشبه جمهورها.