سادت حالة من الهدوء الحذر والثقيل مدينة جرمانا السورية في ريف دمشق، وسط استمرار المساعي لنزع فتيل الأزمة وإعادة الأوضاع إلى الهدوء، بعد مواجهات مسلحة بين مسلحين ينتمون إلى الأقلية الدرزية ورجال أمن ينتمون الى الإدارة الجديدة.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن ذكر أن المواجهات وقعت بين مسلحين محليين دروز وعناصر من الأمن العام السوري، في حين قالت إذاعة «شام إف إم» المحلية، إن الاشتباكات وقعت بين عناصر من الأمن العام و«فلول النظام البائد»، وبحسب تقارير محلية، بدأت التوترات مساء يوم الجمعة الماضي إثر شجار وقع بين مجموعة من أبناء عائلة قبلان من جرمانا، وآخرين من خارج المدينة، في ساحة السيوف، ما أدى إلى إصابة أحد أفراد المجموعة الأولى، حيث تم نقله إلى مشفى المجتهد في دمشق.
وفي المشفى، وقعت مشادات كلامية بين مرافقي المصاب وعناصر من الأمن العام، تطورت إلى عراك بالأيدي، انتهى بتوقيف الأمن للمرافقين ونقلهم إلى قسم الصالحية.
تزامناً مع ذلك، انتشرت أخبار متضاربة وشائعات حول الحادثة، ما أدى إلى تصعيد التوتر في جرمانا، حيث استنفرت مجموعات أهلية مسلحة داخل المدينة، وأعادت تفعيل الحواجز على مداخلها.
تزايد التوتر بعد ورود أنباء إلى جرمانا عن تعرض وفد من المدينة لإطلاق نار في منطقة المهاجرين، أثناء توجهه لمعالجة قضية توقيف مرافقي المصاب.
وفي ظل الأجواء المشحونة، وقع خلاف عند حاجز القوس، أحد مداخل جرمانا، الذي تتولى مسؤوليته إحدى المجموعات الأهلية، بين عناصر الحاجز وشخصين يستقلان سيارة عسكرية.
ووفقاً لبيان وزارة الداخلية، فإن الشخصين يتبعان وزارة الدفاع. وسرعان ما تطور الخلاف إلى تبادل إطلاق نار، ما أسفر عن مقتل أحد عناصر الأمن واحتجاز الآخر.
كما قامت مجموعة أهلية أخرى بمحاصرة مخفر جرمانا، الذي تم تفعيله حديثاً من «الداخلية»، بموافقة الفعاليات الاجتماعية والدينية في المدينة. وأقدمت المجموعة على طرد عناصر المخفر بعد تجريدهم من أسلحتهم.
ورغم الاتصالات بين وجهاء وشيوخ جرمانا ومسؤولي الأمن العام لاحتواء الموقف وإصدار شيوخ المدينة بياناً أعلنوا فيه رفع الغطاء عمن وصفوهم بـ «الخارجين عن القانون»، وقعت اشتباكات جديدة أمس الأول أدت إلى مقتل مدني وإصابة أربعة شبان من جرمانا بجروح طفيفة.
وفي حين وصلت الى جرمانا وفود دعم من محافظة السويداء التي تسكنها أغلبية درزية، رفضت فعاليات درزية إعلان إسرائيل حمايتها للدروز.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس أعلنا أمس الأول انهما وجها الجيش الإسرائيلي بـ«الاستعداد للدفاع عن جرمانا الدرزية» التي «تتعرض للهجوم من قوات النظام السوري»، وفق بيان صادر عن وزارة «الدفاع» الإسرائيلية.
وقال البيان: «إن إسرائيل لن تسمح للنظام الإرهابي الإسلامي المتطرف في سورية بالمس بالدروز».
وأفادت التقارير بأن الاتصالات استؤنفت أمس، بهدف التوصل إلى تفاهم يضع حداً للتصعيد. وبحسب مصادر مطلعة توجد رغبة جدية لدى الطرفين في إنهاء حالة التوتر.
إلى ذلك، أشار معلقون سياسيون وصحافيون سوريون الى أن تصاعد التهديدات والضغوط من إسرائيل، يسرع من احتمال توقيع السلطات السورية الجديدة اتفاق تعاون دفاعياً مع تركيا، جرى الحديث عنه بشكل واسع منذ سقوط نظام بشار الأسد، يسمح لأنقرة بالاحتفاظ بقواعد داخل سورية ويعطيها دوراً كبيراً في تدريب وتشكيل قوات الجيش والأمن السورية الجديدة.
جاء ذلك، في حين أفادت «رويترز» في تقرير نشرته، أمس الأول، بأن إسرائيل تعمل على مواجهة النفوذ التركي المتزايد في سورية من خلال الضغط على الولايات المتحدة لإبقائها دمشق ضعيفة ولامركزية، وكذلك عبر السماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها العسكرية في البلاد.
ونقلت الوكالة عن أربعة مصادر أن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا واشنطن بأن الحكام الإسلاميين الجدد في سورية سيشكلون تهديداً لحدود إسرائيل إذا دعمتهم تركيا.
وبحسب المصادر نفسها، حاول المسؤولون الإسرائيليون إقناع ادارة الرئيس دونالد ترامب بأن تحتفظ روسيا بقاعدتها البحرية في محافظة طرطوس السورية وقاعدتها الجوية في حميميم في محافظة اللاذقية لاحتواء تركيا.
وقالت «رويترز» إن روسيا لن توافق على تسليم الأسد المقيم في موسكو ولم يطلب منها ذلك، وإنها أبلغت الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع أن الأسد لم يودع أموالاً لديها، وذلك بعد أن طالب الشرع باستعادة أموال.