بدعوات إلى الوحدة واحترام التنوع، انطلقت أعمال مؤتمر الحوار الإسلامي - الإسلامي، تحت عنوان «أمة واحدة ومصير مشترك»، أمس، في العاصمة البحرينية المنامة، برعاية الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وبحضور أكثر من 400 شخصية من العلماء والقيادات والمرجعيات الإسلامية والمفكرين والمثقفين، وفي مقدمهم الإمام الأكبر شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين د. أحمد الطيب.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالبحرين الشيخ عبدالرحمن آل خليفة، أهمية التركيز على المشتركات الكثيرة بين المذاهب الإسلامية، والعمل بكل قوة لترسيخ القيم في الفكر والسلوك، بما يجعل التعايش والتفاهم، والتوافق، والاحترام المتبادل، خياراتٍ ثابتةً لا حياد عنها.
وقال آل خليفة إنه في ظل التحديات التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم، ينبغي على الحريصين والمخلصين من قادتها وعلمائها ونخبها، أن يوحدوا كلمتهم وصفوفهم، ويُعلوا فيهم مصلحة الجماعة المسلمة بكل نسيجها الثري، ويعملوا على بناء مستقبل مشرق للأمة.
وأشار إلى نموذج مملكة البحرين التي حظيت بجغرافيا مميزة، وموقع استراتيجيّ مهم، رسّخا قيمة التعايش في جذور هويتها، إذ كانت عبر العصور ملتقى حضارياً لمختلف الحضارات القديمة، ومركزاً حيوياً لخطوط التجارة والملاحة، مما جعل أهلها منفتحين على التعاطي البنّاء مع مختلف الأديان.
من جانبه، قال د. الطيب إن مواجهة التحديات المعاصرة والأزمات المتلاحقة لن تكون إلا من خلال اتحاد إسلامي يفتح قنوات الاتصال بين كل مكونات الأمة، دون إقصاء لأي طرف من الأطراف، مع احترام شؤون الدول، وحدودها وسيادتها وأراضيها.
وحث شيخ الأزهر، في كلمته أمام المؤتمر، على ضرورة أن يحذر المسلمون من الوقوع في شرك العبث باستقرار الأوطان، واستغلال المذهبية في التدخل بالشؤون الداخلية للدول، وشق الصفوف بين مواطني الدولة الواحدة لزعزعة استقرارها الأمني والسياسي والمجتمعي.
واستدل على حاجة الأمة للوحدة، بما تواجهه القضية الفلسطينية من مخاطر في ظل ما يثار عن السعي إلى تهجير أهل غزة، مشيداً بالموقف الموحد والمشرف الذي اتخذته قيادات وشعوب الأمتين العربية والإسلامية في مواجهة ذلك، وهو موقف يعيد الأمل في وحدة الصف الإسلامي.
وقدم اقتراحاً لعلماء الأمة المجتمعين في المؤتمر، يتضمن وضع ميثاق أو دستور يمكن تسميه «دستور أهل القبلة» أو «الأخوة الإسلامية».
بدوره، أكد رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، على ضرورة ترسيخ قيم الوحدة بين الدول الإسلامية، مشدداً على أن هذه الوحدة لا تعني التطابق، بل تستند إلى احترام التنوع وتوظيفه لمصلحة الأمة.
وأوضح إبراهيم أن الطائفية لم تعد مجرد قضية دينية، بل أصبحت أداة سياسية تُستخدم لزعزعة الاستقرار، خصوصاً في الفضاء الرقمي، داعياً إلى تبني أخلاقيات الحوار في العالم الرقمي، وتعزيز خطاب التسامح والتعددية لمواجهة الفكر الإقصائي.
من ناحيته، أكد المستشار والوزير الأسبق د. عبدالله المعتوق لـ «الجريدة»، أن مجرد الجلوس على طاولة الحوار والتقاء المختلفين هو نوع من التقارب، «ونحن جميعاً بحاجة في ظل تشرذم المسلمين إلى الاجتماع»، معتبراً المؤتمر بداية موفقة ومشجعة على التوحد من أجل المصالح المشتركة.