كسرت المحادثات التي جرت أمس بين وفدين، أميركي وروسي، في قصر الدرعية بالعاصمة السعودية الرياض، الجليد بين واشنطن وموسكو.
ورغم أن الاجتماع الأول من نوعه على هذا المستوى منذ سنوات لم ينجح في تحديد موعد قريب لقمة بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، فإنه تم الاتفاق على ضخ الدماء في شرايين العلاقات الأميركية ــ الروسية، وتشكيل لجان للتفاوض على إنهاء حرب أوكرانيا.
وهدّأت النتائج المتواضعة التي خرج بها الاجتماع، من المخاوف الأوكرانية والأوروبية بشأن «صفقة قذرة» أميركية ــ روسية تتم على حساب كييف، وهو ما انعكس في بعض التصريحات الأوروبية التي أشارت إلى استعادة بروكسل للعمل مع واشنطن من أجل السلام في أوكرانيا، وذلك بعد التوتر الشديد الذي سيطر بين ضفتي الأطلسي خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، وكلمة جي دي فانس نائب ترامب، التي خصصها للترويج لليمين المتشدد الأوروبي.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو رئيس وفد بلاده الذي يضم مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز، والمبعوث الرئاسي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إنه تم «تعيين فرق رفيعة المستوى للبدء في العمل على مسار إنهاء الصراع في أوكرانيا، بأقرب وقت ممكن، بطريقة دائمة ومستدامة ومقبولة من جميع الأطراف».
وذكر روبيو أن إنهاء الحرب في أوكرانيا سيتطلب تنازلات من الجميع، ويجب أن يكون الحل «العادل والدائم» مقبولاً من الأطراف المعنية بما في ذلك أوكرانيا وأوروبا وروسيا، وستكون أوروبا جزءاً من المحادثات «في مرحلة ما».
وكان مسؤولون أميركيون وروس صرحوا في الأيام القليلة الماضية بأن الدول الأوروبية يجب ألا تشارك في المفاوضات.
وأشاد الوزير الأميركي بالسعودية، التي شارك وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع، مؤكداً أنها تؤدي دوراً حاسماً في جهود حل النزاع في أوكرانيا.
من ناحيته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي ترأس وفد بلاده، الذي يضم إلى جانبه ويوري أوشاكوف مساعد بوتين، إنه تم الاتفاق على تأسيس عملية لتسوية الصراع في أوكرانيا، وتهيئة الظروف لاستعادة التعاون بشكل كامل بين البلدين، وإزالة الحواجز الاقتصادية، في إشارة إلى العقوبات.
ولم يفُت لافروف الوزير المخضرم الذي يترأس الدبلوماسية الروسية منذ أكثر من عقدين، التأكيد أنه جرى إبلاغ الوفد الأميركي بمعارضة موسكو إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا في إطار وقف إطلاق النار.
وفي تراجع عن موقفه السابق، أعلن الكرملين أمس، أن بوتين مستعد للتفاوض مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي إذا اقتضى الأمر، في حين اعتبر أن عضوية كييف في الاتحاد الأوروبي أمر سيادي.
في المقابل، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد محادثات مع زيلينسكي في أنقرة أمس، على ضرورة احترام سيادة أوكرانيا، في إشارة واضحة إلى الطرح الأميركي الموافق على تنازل كييف عن أراضٍ لموسكو مقابل السلام.
وأكد أردوغان، الذي قدمت بلاده سابقاً الدعم لأوكرانيا خلال الغزو الروسي، كما استضافت محادثات سلام مبكرة، أنّ تركيا ستكون «المضيف المثالي» لأي محادثات لإنهاء النزاع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات بين روسيا وأوكرانيا.
من جهته، قال زيلينسكي إنه لا يمكن تحقيق السلام في ظل غياب أحد طرفي الحرب، معلناً تأجيل زيارته للسعودية، التي كانت مقررة اليوم، إلى العاشر من مارس المقبل.