بعد الذنب تذكّر أمرين:

- أن كلمة «أَسْتَغْفِرُ اللهَ» كلمة عظيمة لا يقف أمامها ذنب مهما بلغ، فاجعلها عقيدة في قلبك، جاء في الحديث فيما معناه أن «الشيطان يقول: لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني».

Ad

«أستغفر الله»، لو قالها العبد صادقاً تمحو عنه الشرك الأكبر الذي ليس بعده ذنب، وعليه يجب أن نستشعر ونحن نستغفر أن الله سبحانه يغفر الذنوب كلها، ولا يتعاظم عليه جل علاه أي شيء، قال تعالي: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (سورة الزمر: 53)، قال سبحانه «الذين أسرفوا» ولم يقل أذنبوا!

لو أن عبداً عاش حياته في صغره وكبره منغمساً في كبائر الذنوب، ثم أتى في نهاية عمره قبل مماته مستغفراً بصدق عن تلك الذنوب، لغفرها الله ولم يبالِ، ولعاد كما ولدته أمه، لأن الله سبحانه وعده بالمغفرة، هذا البعد لا ينبغي أن يخالجنا فيه شك، ونجعله عقيدة مترسخة في نفوسنا بتوحيد خالص يعظم كرم الله ورحمته، حيث وصف رحمته جل علاه «... وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ»، وقد جاء في الحديث القدسي قوله جل جلاله: «... يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم...».

- الأمر الثاني، أن لك رباً توحده ليس له شبيه ولا مثيل سبحانه وتعالى هو وحده الذي لا إله غيره ولا ربّ سواه، هذا الرب سبحانه في عظمته وجلاله وكبريائه وعزته، لا يغفر لك فحسب، بل يفرح بتوبتك!، فهل وجدت ملكاً ورباً أعظم من هذا الرب حاشا لله، قال تعالى: «وإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ» (سورة طه: 82)، فإذا قلت أستغفر الله تقولها من قرارة قلبك، وتؤمن إيماناً مطلقاً بأن الله سيغفر لك، فسبحانه أعظم من كل شيء، وأنه الرجاء في كل شيء، وأنت الذي استودعته أمورك كلها، أقسم بالله لن يردك خائباً.

ختاماً:

قال تعالي: «فَقُلتُ ٱستَغفِرُواْ رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا يُرسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيكُم مِّدرَارا وَيُمدِدكُم بِأَموٰل وَبَنِينَ وَيَجعَل لَّكُم جَنَّٰت وَيَجعَل لَّكُم أَنهَٰرا (سورة نوح: 10 - 12)، من أدمن الاستغفار فاز بالدنيا ونال نعيم الآخرة. اللهم اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين.

ودُمتم بخير.