ولنا الملاحظات التالية على قرار تشكيل لجان إعادة الهيكلة للقطاع النفطي:

1- أن رئاسة اللجان الأربع التوجيهية التخصصية مسندة للشركة المدمج لها النشاط، كما في حالة دمج الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة (كيبيك) مع شركة البترول الوطنية الكويتية.

Ad

2- أن أعضاء اللجان التوجيهية التخصصية الأربع يتم اختيار معظمهم من المديرين بالجهتين اللتين يتم دمجهما أو نقل أصول أو أسهم أو عمليات الدمج.

ويلاحظ أن هذا القرار لم يأخذ بالحسبان إمكانية تعارض المصالح ومبادئ الحوكمة في تشكيل أعضاء اللجان التوجيهية التخصصية لتنفيذ مشروع الهيكلة الكاملة للقطاع النفطي.

3- نص القرار على أن مدة عمل اللجان التوجيهية التخصصية سنتان قابلة للتمديد، وفي اعتقادنا أنها مدة طويلة نسبياً في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة في مجال التحول الرقمي وفي مجال الصناعة البتروكيمائية المتطورة والمتسارعة.

4- ويبدو من المعلومات المتوافرة لدينا أنه لم يتم الاستعانة بالخبرات الوطنية في مجال القطاع النفطي في اللجان التوجيهية الأربع من خارج الشركات التي ستتأثر بنتائج عملية إعادة الهيكلة لدعم الشفافية وترسيخ مبادئ الحوكمة، وإضفاء نظرة Outsiders من خارج القطاع النفطي على عملية إعادة الهيكلة.

5- لذا نرى أنه يجب أن تتم إعادة هيكلة القطاع النفطي ككل، وألا تكون عملية إعادة هيكلة كل شركة من شركات القطاع النفطي بمعزل عن الأخرى، لأن في ذلك زيادة في التداخل والتشابك في الاختصاصات Overlapping وتكرارا للإجراءات وتضخما للتكاليف الإدارية والمالية وزيادة في العمالة وتضخم بالهيكل التنظيمي على مستوى الشركة وعلى مستوى القطاع النفطي.

6- ومن المفترض أن تتم دراسة موضوع إعادة هيكلة القطاع النفطي ككل وحوكمته من قبل إدارة مؤسسة البترول الكويتية Kuwait Petroleum Corporation)، ثم يعرض على مجلس إدارة المؤسسة، وبعد ذلك يتم عرضه على المجلس الأعلى للبترول لاعتماده.

7- يجب أن يكون هناك تنسيق وتكامل بين إعادة هيكلة شركات القطاع النفطي وفي وقت واحد، وألا تتم إعادة هذه الشركات النفطية في أوقات مختلفة حسب رؤية كل مجلس إدارة كل شركة من شركات القطاع النفطي.

8- يجب الاستفادة من التجارب والخبرات العالمية في مجال إعادة الهيكلة والصناعة النفطية والبتروكيماوية، سواء على المستوى الخليجي أو العالمي، وألا يتم نقل الممارسات كما هي، بل يجب أن يتم تكييفها حسب معطيات البيئة الكويتية وطبيعة الصناعات البتروكيماوية الكويتية، وكذلك أخذ التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي AI والتحول الرقمي Digital Transformation في الحسبان عند القيام بعملية إعادة الهيكلة للقطاع النفطي لتعزيز كفاءة القطاع النفطي، ولضمان عملية الدمج وإعادة الهيكلة.

9- وإذا كان هناك توجّه للاستعانة بإحدى الجهات الاستشارية لإعادة هيكلة وحوكمة القطاع النفطي، فيجب أن تكون الجهة الاستشارية التي تقوم بعملية إعادة هيكلة وحوكمة القطاع النفطي مطّلعة على طبيعة العلاقات التنظيمية بين شركات القطاع النفطي وخبيرة بالمجال الإداري والقانوني والتنظيمي، وتملك القدرات والخبرات في مجال الصناعات النفطية والتوجهات المستقبلية للنفط والغاز والصناعات النفطية والبتروكيماوية، ولديها خبرة طويلة في مجال الحوكمة، وخاصة في مجال النفط والصناعات البتروكيماوية.

إن الاستعجال في إعادة هيكلة كل شركة من شركات القطاع النفطي، وبمعزل عن التوجهات الاستراتيجية للقطاع النفطي يعزز توجهات وسياسة الجزر المعزولة في شركات القطاع النفطي، وفيه كثير من المخاطر Risks والمحاذير على الخطة التنموية للدولة ولا تصب بالمصلحة العامة.

10- يجب أن تكون هناك توجهات ورؤية واستراتيجية Strategic Vision محددة وواضحة وخطط استراتيجية مرنة للقطاع النفطي تتأقلم مع التغيرات الاقتصادية والسياسية والصناعية والتكنولوجية السريعة في نظم المعلومات والاتصالات والتحول الرقمي.

11- يجب أن تكون مدة الخطة الاستراتيجية Strategic Plan ما بين 3 و5 سنوات يتم تحديثها بشكل دوري.

وفي هذا الصدد، يجب الإسراع في إعادة تشكيل المجلس الأعلى للبترول بصفته محدداً وراسماً للسياسات البترولية العامة للدولة، ومحافظاً على حُسن استغلال الثروة النفطية والصناعات البتروكيماوية وتنميتها وتحقيق أفضل عائد منها، وإيجاد صناعة بتروكيماوية متكاملة.

وبطبيعة الحال أهمية وضرورة التركيز على حُسْن اختيار عدد ونوعية وتشكيل أعضاء المجلس الأعلى للبترول، وأن يكون المجلس متوازناً، بحيث لا يكون ذلك مقتصراً على أعضاء السلطة التنفيذية، بل يجب أن يشمل القطاع الخاص ومشاركة المتخصصين والخبراء في المجالات الإدارية والقانونية والمالية والاستثمار والمتعلقة ومجال النفط والصناعات البتروكيماوية.

وخلاصة القول أن الحوكمة أداة فعالة لتحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية بشرية مستدامة وتحسين المستوى المعيشي وتنمية لمصادر الدخل وسعادة المواطن.

واستخلاصاً لما سبق، فإنني أرى أنه يجب على السلطة التنفيذية الحالية إعادة هيكلة القطاع النفطي Restructuring of the Oil Sector، وكذلك حوكمة القطاع النفطي Governance of the Oil Sector، حيث إن ذلك لم يعُد خياراً، بل أصبح هدفاً استراتيجياً رئيسياً ضرورياً ضمن خطة واستراتيجية ورؤية الكويت 2035 إذا كانت هذه الحكومة فعلًا جادة في خططها الاقتصادية والاجتماعية والتنمية البشرية لتحقيق التنمية المستدامة ومواجهة العجوزات المالية المتكررة خلال السنوات الأخيرة.

ولعل من المفيد أن نؤكد أن متطلبات الحوكمة بشكل عام ومتطلبات إعادة هيكلة وحوكمة القطاع النفطي بشكل خاص ليست سهلة التنفيذ، وتتطلب الكثير من الجهد والمال والخبرات والموارد البشرية المدربة، ولكنها ليست مستحيلة متى ما توافرت الإرادة والرغبة والنية الصادقة والعزم والحسم في اتخاذ القرار والإدارة الفاعلة والكفوءة والمتابعة والرقابة الإدارية والمالية الحثيثة، فضلاً عن الشفافية وسيادة القانون والاتفاق والتوافق بين مختلف أصحاب المصالح في المجتمع لتحقيق المصلحة العامة والمشتركة لكل فئات المجتمع.

وفي نهاية هذا المقال، أود أن أؤكد أن الاستعجال في إعادة هيكلة القطاع النفطي وبمعزل عن حوكمة والتوجهات الاستراتيجية للقطاع النفطي سيؤدي إلي تعزيز توجهات وسياسة الجزر المعزولة في القطاع النفطي وفيه كثير من المخاطر Risks والمحاذير ليس على إنتاجية القطاع النفطي واستدامته، بل على الميزانية العامة للدولة والخطة التنموية والمصلحة العامة.

ودمتم سالمين.