أكد رئيس مجلس الوزراء، سمو الشيخ أحمد العبدالله، التزام الكويت بتحقيق مستقبل مشرق خلال العقد القادم، عبر رؤيتها التنموية التي تتضمن أولويات لإحداث نقلة نوعية في مسارات التنمية المستدامة، وتعزيز التنوع الاقتصادي والاستقرار المالي استنادا الى خطط استراتيجية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وإشراك القطاع الخاص المحلي والعالمي في مشاريع الدولة الكبرى وتطوير البنية التحتية.
وقال سموه، في كلمة الكويت أمام القمة العالمية للحكومات التي تستضيفها إمارة دبي بدولة الإمارات، أمس، إن هذه القمة تشكّل منصة عالمية ومنبرا للحوار الهادف البناء وفخرا دوليا وقراءة حكيمة من لدُن القيادة السياسية لدولة الإمارات، مبينا أنها تمثل فرصة سانحة لتوحيد جهود الدول نحو غد أفضل لشعوبها وإيجاد مستقبل واعد للحكومات لتكون قادرة على توفير خيارات متعددة للأفراد لتحسين جودة حياتهم المعيشية.
وأشار سموه إلى جهود الكويت في مجال التعاون الدولي ومشاركتها الفعالة بعدد من العضويات والشراكات الدولية في الاتحادات والمنظمات العالمية، لافتا إلى عقدها اتفاقيات ثنائية على المستويين الخليجي والعالمي، بغية تفعيل التعاون المشترك في شتى المجالات.
مواجهة التحديات
وتابع سموه: يأتي هذا التجمع العالمي بنسخته الثانية عشرة تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل» بأجندة حافلة وموضوعات شاملة تهدف إلى صياغة رؤى دولية مشتركة تعزز التعاون بين الحكومات والمؤسسات الدولية وتؤسس لشراكات استراتيجية تركز على قضايا المستقبل التي تهمّ البشرية، وتعين الأجيال المقبلة على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، مستطردا: وذلك استكمالا لمسيرة أعمال هذه القمة منذ انطلاق نسختها الأولى عام 2013 التي ننظر من خلالها إلى بناء التفاهمات مع الدول الشقيقة والصديقة وتعميق الروابط الثقافية والمعرفية بين الشعوب قاطبة بأفق واسع وتفاؤل مصحوب بالعمل الجاد للدفع بآليات لتفعيل التعاون الدولي وتحقيق التنمية المشتركة.
صراعات وتوتر
وأشار سموه إلى أن ما يمر به العالم من تحولات عميقة وظروف استثنائية دقيقة تموج بالصراعات ضمن نظام عالمي يشوبه التوتر يحمّل آفاق الاقتصاد العالمي أعباء ثقيلة جراء تكرار الأزمات الاقتصادية وما أسفر عنها من اضطراب في الأسواق وسلاسل التوريد العالمية.
نقلة نوعية في التنمية
وقال: إننا اليوم وفي إطار التزام الكويت لتحقيق مستقبل مشرق خلال العقد القادم نضع ضمن رؤيتنا التنموية أولويات لإحداث نقلة نوعية في مسارات التنمية المستدامة وتعزيز التنوع الاقتصادي والاستقرار المالي، نستند في ذلك إلى خطط استراتيجية طموحة قابلة للتطبيق تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وإشراك القطاع الخاص المحلي والعالمي في مشاريع الدولة الكبرى وتطوير البنية التحتية بما يتسق ورؤية الكويت 2035.
وبيّن أنه في هذا السياق جاء مشروع ميناء مبارك الكبير الذي صمم وفق أعلى المعايير الدولية ودخل مرحلة التنفيذ، ليكون علامة فارقة في مسيرتنا التنموية.
خطط اقتصادية
ولفت سموه إلى أنه في ضوء خططنا للتنمية الاقتصادية، فقد تم التباحث مع الشركات الكبرى في الاقتصاد العالمي التي تسهم فيها الكويت وحثها على تفعيل دورها بشكل أكبر في إحداث النهضة الاقتصادية المنشودة من خلال فتح فروع لها في الدولة وخلق الفرص لتوظيف وتدريب الكوادر الكويتية الشابة.
وأردف سموه: كما نعمل على افتتاح مطار الكويت الدولي الجديد وفق أفضل المعايير العالمية في مجال صناعة الطيران المدني واستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا لتسهيل إجراءات المسافرين دون الحاجة إلى التدخل البشري، ليصبح مركزا إقليميا ومحطة محورية تربط المنطقة بالعالم، إلى جانب البدء في إجراءات تنفيذ مشروع الشحن الجوي في مطار الكويت الدولي، والذي سيسهم في تطوير قدراتنا اللوجستية.
مشاريع السكك الحديد
واستطرد سموه: هذا بالإضافة إلى مشاريع سكك الحديد مع مدينة الرياض ومع دول مجلس التعاون الخليجي، لتعزيز دور الكويت الريادي على المستوى الإقليمي، فضلا عن اهتمام الكويت بتطوير المنظومة الرقمية وتعزيز البنية التكنولوجية، مما يجسد رؤية الدولة الطموحة لبناء مستقبل يرتكز على التقنيات المتطورة.
ولفت سمو إلى أن من أبرز هذه الجهود إبرام الاتفاقية الاستراتيجية بين الكويت وشركة Cloud Google التي تمثّل خطوة جادة باتجاه التحول الرقمي.
وأردف سموه: كما حرصنا على إبرام شراكات واتفاقيات أخرى تهدف إلى تمكين القطاعات الحيوية بتقنيات حديثة، وفي مقدمتها تقنية الذكاء الاصطناعي، والعمل على دمجها مع العديد من القطاعات التشغيلية، وعلى رأسها القطاع الصحي، حيث كثفت وزارة الصحة خدمات جراحات الروبوت وأجرت أكثر من 2000 عملية جراحية بنجاح تنوعت بين محلية وأخرى عن بُعد، وأطلقت مشروع «كويت صحة» بهدف الارتقاء بجودة المنظومة الصحية الرقمية في دولة الكويت وافتتاح وتوسعة وإنشاء مستشفيات جديدة متطورة ضمن خطة شاملة تهدف إلى توفير أعلى مستويات الجودة في الرعاية الصحية.
التعاون الدولي
وتابع: وفي مجال التعاون الدولي، فقد شاركت دولة الكويت خلال العام الماضي في عدد من العضويات والشراكات الدولية في الاتحادات والمنظمات العالمية وعقدت الاتفاقيات الثنائية خليجيا وعالميا بغية تفعيل التعاون المشترك في شتى المجالات الاقتصادية وتبادل المعلومات وتحرير التجارة في الخدمات ومكافحة الإرهاب وغسل الأموال والتعاون الرقمي، بالإضافة إلى التبادل التجاري وتجنّب الازدواج الضريبي.
وأضاف: وقد زامن ذلك كله العمل على المحافظة على الهوية الوطنية وإطلاق منظومة إدارة الأداء الحكومي في دولة الكويت التي تهدف إلى تطبيق مبادئ الحوكمة الفعالة وتطوير آليات الحوافز والمحاسبة والتقييم والتدابير الرامية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، بهدف تحسين الأداء الحكومي وتنظيم العمل التطوعي والمساعدات المركزية محليا وعالميا، بالإضافة إلى تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية وتعديل قانون الجزاء بما يحفظ حقوق الموظف العام وإنشاء دائرة في المحكمة الكلية للنظر في المنازعات الإدارية، وانطلاقا من حرص دولة الكويت على تحسين بيئة الأعمال وجودة الخدمات سنّت تشريعات نوعية تعنى بالسماح لغير الكويتيين بتملّك العقار في الدولة وإطالة مدد إقامة المستثمرين الخاضعين لأحكام القانون رقم 116 لسنة 2013 في شأن تشجيع الاستثمار المباشر لما لا يزيد على خمسة عشر عاما، فضلا عن إدخال التعديلات اللازمة على قانون الشركات وقانون إيجار العقارات وتبسيط التعاملات الحكومية وتقليص إجراءات التقاضي.
واستطرد سموه قائلاً: ونحن إذ نستقبل الربع الثاني من القرن الحالي، فإن العالم يقف على أعتاب تحولات غير مسبوقة في مختلف المجالات، فالتقدم المتسارع في التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والواقع الافتراضي والبيانات الضخمة، إلى جانب التغيرات الديموغرافية المطردة والتحولات البيئية المتسارعة قد أوجدت واقعا جديدا يعيد تشكيل نمط حياة الشعوب يحمل في كنفه فرصا وتحديات وآمالا ومخاوف تستدعي تبنّي رؤية واقعية مشتركة بين حكومات العالم بأمل واعد يبعث على التفاؤل نحو آفاق مستقبلية يتحقق فيها الأمن والأمان والاستقرار لشعوبنا والعالم أجمع.
وفي حديث سموه، أكد أن القرارات الأخيرة التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخدم مصلحته، مضيفاً: يجب الانتباه إلى شيء واحد، فهو من سيؤثر ويوجه الاقتصاد العالمي، وهو أثر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتوجهه المستقبلي.. ويجب الانتباه إلى هذه النقطة، لأنه بالفعل يأخذ قرارات تخدم مصلحته، واستدرك سموه قائلاً: ونحن نطالع الاقتصاد العالمي لا بُد أن تكون هناك ردة فعل، وبدأت ردة الفعل هذه.. وسيؤثر على الاقتصاديات العالمية».