حُكم المحكمة الدستورية برفض طعن بعض المواطنات على إحدى مواد قانون مفوضية الانتخابات، والقاضي بضرورة التزام الناخبات بأحكام الشريعة الإسلامية أثناء ممارسة حقهن السياسي في الانتخاب والترشح... هذا الحُكم يثير الضحك والاستغراب. وطبعاً الضحك ليس على المحكمة – معاذ الله - وليس على الحُكم الذي يبدو أن المحكمة وفقت فيه، لكن الضحك أو المضحك هو القانون موضع الطعن والخلاف.
هذا القانون مثل جميع القوانين أو المطالبات التي تُتحفنا بها الجماعات الدينية المتزمتة ليس واضحاً، وليس عملياً، وفي النهاية غير قابل للتطبيق. فليس هناك اتفاق واضح على الشريعة الإسلامية، وليس هناك مرجع مُتفق عليه من قِبل جميع الأطراف لما يُنادي المتزمتون بإلزام خلق الله به.
وطبعاً «غير قابل للتطبيق" ليس من عندي، بل من حُكم المحكمة الدستورية نفسه، الذي قرَّر بوضوح أن المواطنات الطاعنات لم يقدمن دليلاً ملموساً على أنهن تضرَّرن من تطبيق القانون. يعني بالعربي هذا القانون «فالصو» لا يهش ولا ينش. لم ينفع المتزمتين الذين حرصوا عليه، ولم يضر أو يسِئ إلى غيرهم، أو يتدخل في خصوصياتهم كما خطَّط وتمنَّى مَنْ حرص عليه.
إذاً، لماذا تم تشريعه؟ ولماذا أمضى مجلس الأمة والحكومة الأوقات في دراسته ومناقشته والتصويت عليه؟ بل لماذا أقلقنا المواطنات، ثم شغلنا وقت هيئتنا القضائية العليا في البحث فيه؟!
الجواب لأن مجاميع الردة مثل معظم المجاميع السياسية عندنا ليس لديها قضايا حقيقية ولا قدرة على مواجهة قضايانا ومشاكلنا، ولا حتى اهتمام جدي بها. لهذا، فإن مجاميع الردة مثل البقية - وشوية أزيد- تلجأ إلى القضايا التافهة، وتستنجد بالظواهر الآنية أو الزائلة لإثبات وجودها ودعم عقيدتها المتشددة. وهكذا هي تلوِّح بالسيوف المطاطية والرصاص الفارغ في معارك لن تُسفر عن شيء إلا عن قانون أو توصيات غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
إنها مضيعة للوقت، وهدر للجهود، وتضييع للإمكانات، ولكنها حضور وبروز وتلميع لأصحاب الاتجاهات المتزمتة الذين لا يجدون حرجاً في شغل الناس والمؤسسات بقضاياهم ومطالبهم التافهة... لا لشيء إلا لأنهم ليس لديهم شيء آخر ليظهروا به.