مع تمسك الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمقترح «نقل» سكان غزة الفلسطينيين إلى دول مجاورة، وتزايد الحديث عن ضرورة إيجاد ترتيبات لحكم غزة، بعد استكمال اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، رفضه القاطع لتهجير الفلسطينيين، معتبراً أن ترحيلهم من أرضهم ظلم لا يمكن أن يشارك فيه.

وفيما بدا أنه رد مباشر على مقترح ترامب، الذي رفضته عدة دول، باعتباره مقدمة لخطة إسرائيلية قديمة لتهجير الفلسطينيين أو العدد الأكبر منهم إلى خارج القطاع، قال السيسي، خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الكيني في القاهرة، إن «ما يتردد حول تهجير الفلسطينيين لا يمكن أبداً التساهل أو السماح به لتأثيره على الأمن القومي المصري»، مؤكداً أن مصر عازمة على العمل مع الإدارة الأميركية للتوصل إلى سلام منشود قائم على حل الدولتين.

Ad

وكان وزير الخارجية بدر عبدالعاطي أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو مباشرة، أمس الأول، رفض مصر «نقل أو تهجير» الفلسطينيين، مشدداً على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة كاملاً بما يسمح لهم «بالعودة إلى منازلهم»، وإدخال المساعدات بشكل مستدام.

في المقابل، شدد الوزير الأميركي الجديد على أنه «من المهم محاسبة حركة حماس، وضمان عدم قدرتها على حكم غزة مرة أخرى»، مؤكداً «أهمية التعاون الوثيق لتعزيز التخطيط لما بعد الصراع».

وجدد عبدالعاطي، خلال استقباله أمس، وفداً فلسطينياً برئاسة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، ومستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، دعم مصر لحقوق الشعب الفلسطيني الرافض للتهجير أو النقل خارج أراضيه، وضرورة السعي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية.

خطة عملية

وفيما بدا أنه مواكبة لمقترح ترامب، قدم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي عرضاً للجنة الخارجية والدفاع في الكنيست لكيفية طرد سكان غزة بالقوة إلى مصر.

وأوضح هاليفي، خلال جلسة سرية ليل الثلاثاء - الأربعاء، أن «سكان غزة سيتمكنون من الخروج من معبر رفح إلى مصر في اتجاه واحد فقط بلا عودة، وسيقوم جهاز الشاباك بمراقبة دقيقة بالكاميرات لكل من يخرج أو يدخل». ووفق القناة العبرية السابعة، فإن هاليفي أشار خلال النقاش السري إلى أن «إيران مترددة وخائفة، وتدرك أنها ليست محمية بعد الهجوم الإسرائيلي، وبعد أن قامت إسرائيل بتدمير ذراعيها الرئيسيتين، حماس وحزب الله».

ويتكوف والصفقة

وفيما دعا ترامب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليكون أول زعيم أجنبي يستقبله في البيت الأبيض، قام مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بزيارة ميدانية غير معتادة لغزة، تفقد خلالها ممر نتساريم، لمراقبة وقف النار وتبادل الأسرى، بعد أن أجرى محادثات مع نتنياهو ووزيري الدفاع يسرائيل كاتس والشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ونقل رسالة رئاسية تفيد بضرورة تنفيذ الصفقة بالكامل وحل الخلافات الأمنية والسياسية الداخلية.

وفي اليوم السابق، أفادت مصادر بأن ويتكوف التقى في السعودية أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، وبحث مع مسؤولين صفقة شاملة في الشرق الأوسط، تتضمن «إعادة إعمار قطاع غزة، واستئناف مسار التطبيع».

إلى ذلك، حذرت «حماس» من أن «مماطلة» إسرائيل في إدخال المساعدات قد يؤثر على تنفيذ الاتفاق، بما في ذلك ما يتعلق بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، مشيرة إلى استمرار الاحتلال في عدم السماح بإدخال الوقود والخيام والكرفانات والمعدات الثقيلة.

إلى ذلك، كشفت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن قطر وتركيا سوف تستضيفان الأسرى المحررين المدانين بالقتل، الذين تم إطلاق سراحهم وترحيلهم إلى مصر، كجزء من الاتفاق، موضحة أن إسرائيل طالبت بعدم إطلاق المدانين بارتكاب أخطر الجرائم إلى غزة أو الضفة الغربية.

عباس وحماس

وفي ظل تصاعد التوتر مع الرئيس محمود عباس، أعلنت حركة حماس أن وفداً رفيعاً، برئاسة محمد درويش وزعيمها التاريخي خالد مشعل، بحث مع رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد جهود تشكيل حكومة توافق وطني في غزة، أو الذهاب نحو تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، إضافة إلى بحث آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

لاحقاً، اتهم مستشار الرئيس الفلسطيني محمود الهباش ‏«حماس» بجر غزة إلى 6 حروب طاحنة، مشدداً على أن السلطة ستتصدى لأي مؤامرة تستهدف المشروع الوطني لإقامة الدولة وعاصمتها القدس الشرقية.

وفيما تخطط الحكومة الألمانية لإرسال خبراء في إدارة الحدود إلى معبر رفح، طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من حكومة الاحتلال سحب قرارها بإيقاف عمل وكالة الأونروا في القدس، مؤكدا أهمية دورها في خدمة الفلسطينيين.

حرب الضفة

وفي اليوم التاسع من العدوان على جنين، ظهر وزير الدفاع الإسرائيلي في مقطع فيديو من داخل مخيمها معلناً «الحرب على الإرهاب الفلسطيني في الضفة الغربية».

وقال كاتس: «أوجه رسالة واضحة من هنا إلى السلطة الفلسطينية، أوقفوا تمويل الإرهاب، وقتل اليهود، وابدأوا بمحاربة الإرهاب بجدية، ومن يمول عائلات الإرهابيين القتلة، ويُعلم أبناءه تدمير إسرائيل، فإنه يعرض وجوده للخطر»، وفق ترجمة «صدى نيوز».

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان واسع على مدينتي جنين ومخيمها وقراها، لليوم التاسع، وطولكرم ومخيماتها وقراها لليوم الثالث على التوالي، مما أسفر عن ارتقاء 20 شهيداً، إلى جانب عشرات الإصابات والاعتقالات.