أثناء سفري خارج البلاد وإقامتي بأحد الفنادق، تصادف سكن بعثة أحد الأندية الأوروبية المشهورة في نفس الفندق، وقد لاحظت تجمهر عدد قليل من الأطفال في ردهة الفندق وقرب المصاعد، فسألت: ما سبب هذا التجمهر؟! فأجابني أحد موظفي الاستقبال بأن هؤلاء الأطفال ينتظرون خروج اللاعبين للتصوير معهم والتوقيع على بعض قمصانهم التي كانوا يحملونها.
ما لفت انتباهي هو تكرار السؤال من قبل الأطفال، خصوصاً كلما نزل شخص كان يرتدي زي وشعار النادي، ممكن صورة معك؟! فيكون الجواب في أغلب الأحيان: أنا لست لاعباً! وبلا شك، فإن ذلك يدل على عدم إلمام ومعرفة معظم الأطفال الموجودين أمام المصاعد بجميع اللاعبين، وأن همهم الوحيد هو التقاط الصور مع اللاعبين فقط! ولا يرغبون في أخذ الصور مع الجهاز الإداري أو الجهاز الفني أو الطبي المرافق للنادي.
وقد ذكرني ذلك بالأنظمة الإدارية الحكومية في البلاد العربية، حيث تحصل القيادات الإدارية على كامل الاهتمام والتقدير من وسائل الإعلام المختلفة في المؤتمرات، وبمناسبة النجاح والاحتفالات الرسمية ويتم نسيان بقية من ساهم في الإعداد والتجهيز لهذا النجاح والفعاليات من مستشارين وموظفين وعاملين والتركيز فقط على القيادات الإدارية، بالرغم من أنه لولا مشاركة المستشارين ومساهمة المشرفين وجهود الموظفين والعمال باختلاف تخصصاتهم ومستوياتهم الوظيفية لما تحقق النجاح لهذه الجهات والأجهزة والإدارات الحكومية.
«أنا لست لاعباً» كان يرددها غير اللاعبين من الفريق الأوروبي المشهور بحسرة وكأنهم يقولون للأطفال الموجودين في ردهة الفندق: «نحن الجنود المجهولون الذين لا يحصلون على كامل التقدير والاحترام مثل اللاعبين، رغم الجهد الذي نبذله والدعم الذي نقدمه للاعبين قبل وأثناء وبعد كل مباراة!».
نعم لولا الجهود الكبيرة التي يبذلها الجهاز الإداري والفني والطبي لخدمة اللاعبين لما تحقق النجاح والفوز للاعبين. والشيء بالشيء يذكر، فلولا الدعم والجهد الكبير الذي يقوم به جميع الموظفين والعاملين على اختلاف تخصصاتهم ومستوياتهم الوظيفة للقيادات الإدارية، لما تحقق النجاح والتميز لهذه الجهات والإدارات الحكومية.
أتمني أن يعي كثير من القيادات الإدارية في الإدارات والأجهزة الحكومية أن سبب نجاحهم يعود في جله إلى مشاركة كل من يعملون معهم من مستشارين وموظفين وعاملين، وليس فقط لحسن إدارتهم وقيادتهم للعمل.
لذا يجب ألا ينسب النجاح في الجهات الحكومية أو غير الحكومية للقيادات الإدارية فقط، حيث إن النجاح تشترك فيه القيادات الإدارية وجميع العاملين بالجهة، فاللاعبون وإن كانوا هم الظاهرين والبارزين في الملعب، إلا أن خلف هذا النجاح والإنجاز والبروز الإعلامي جهوداً لجيش من العاملين المجهولين في الجهاز الإداري والفني والطبي والنفسي والإعلامي والتسويقي.
ودمتم سالمين