تلعب عواصم الدول دوراً كبيراً في تنويع موارد اقتصادها وزيادة ناتجها المحلي عبر إقامة مشاريع متنوعة، محفزة للحركة السياحية والترفيهية، من مرافق خدمية ومنشآت جاذبة للمواطنين والمقيمين والزائرين. وهذا ما نتطلع إليه في عاصمتنا (مدينة الكويت) التي باتت بأمس الحاجة إلى إعادة تنظيم وتخطيط بطرق مبتكرة، لتعود كما كانت العاصمة العربية والخليجية الجميلة في حلتها الثقافية وحيويتها التاريخية، وأصالتها المعمارية. وقد انتظرنا سنوات طويلة لكي نرى مبادرة أو مشروعاً يعيد للعاصمة رونقها وجمالها بعيداً عن صخب السيارات وعوادمها الملوثة للبيئة. وقد طُرحت عدة مشاريع لتجميل مدينة الكويت، تهدف إلى خلق بيئة عمرانية وحضرية مستدامة، تتماشى مع الجانب البيئي والاقتصادي والثقافي والترفيهي للأسلوب الكويتي في الحياة، ولكنها لم تر النور لأسباب فنية أو تمويلية أو تشريعية أو تعاقدية.

اليوم نحن بحاجة إلى اتخاذ خطوات متسارعة من أجل إبراز المعالم الحضارية والتاريخية والثقافية والسياحية لمدينة الكويت، وتسهيل التعرف عليها والوصول إليها، وتحويل العاصمة إلى مدينة صحية وذكية ومستدامة، من خلال تطبيق كود بناء معتمد، وعمل تصاميم تنفيذية لشوارع متكاملة وحدائق ضمن بيئة آمنة وصحية للمشاة وممارسي ركوب الدراجات الهوائية. وقد تم طرح عدة مبادرات جادة ومبتكرة وذات جدوى اقتصادية وبيئية، من دون أن يواكبها تحرك جاد من قبل الجهات الحكومية المعنية بتنفيذها، بالرغم من أنها تحاكي رؤية الدولة وغاياتها في تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل!

Ad

التقيت مؤخراً أحد المبادرين المتميزين، وتحدثت معه عن مقترحه الخاص بوجود قطار سطحي كهربائي (ترام) داخل مدينة الكويت، يهدف إلى ربط جميع مناطقها ببعض، انطلاقا من منطقة المباركية، كونها منطقة تاريخية حيوية مهمة، إلا أن حركة المركبات والسيارات أخذت الأولوية فيها، وسيطرت على هوية المدينة التراثية والتاريخية، وأدت إلى فصل هذه المناطق الهامة في مدينة الكويت.

لذا من مبدأ تطوير وتجميل مدينة الكويت، نرى أن المقترح الخاص بوجود قطار كهربائي سطحي يتماشى مع الحركة المرورية ولا يشكل أي عائق، بل يتناغم والحركة المرورية دون الحاجة إلى إنشاء بنية تحتية ذات تكلفة عالية، كون الترام حركته سطحية مع حركة السيارات والمركبات، وصديقا للبيئة لأنه يعمل على الطاقة الكهربائية، من خلال مسارات القطار السطحي، وسيساهم في الآتي:

1. تخفيف حركة النقل وخفض مستويات التلوث في مدينة الكويت الناجمة عن كثرة حركة السيارات والباصات.

2. تشجيع رواد المدينة على استغلال هذا القطار للتحرك والتنقل الداخلي بدلاً من استخدام وسائل النقل التقليدية.

3. إضافة عنصر جمالي جاذب لمدينة الكويت يضيف حركة ديناميكية جديدة تبث الحياة في العاصمة.

4. تخفيف دخول المركبات والسيارات داخل المدينة وتشجيع المواطنين والوافدين على استخدام الـ TRAM.

5. يتم عمل محطات للقطار السطحي TRAM في أماكن مدروسة لتتماشى والأماكن الحيوية بمدينة الكويت.

6. تقليل الحوادث المرورية داخل مدينة الكويت.

7. إضافة حضارية، وترفيهية، واجتماعية، واقتصادية للهوية العمرانية لمدينة الكويت، مع إمكانية استغلال هذه القطارات كوسيلة إعلانية للمناسبات والأعياد الوطنية.

وقد أكد لي صاحب المبادرة أنه بالإمكان استخدام الطرق الحالية والشوارع دون الحاجة إلى إضافات في الطرق أو توسعة، كون مسارات القطار يمكن أن تكون متماشية مع الوضع الحالي، ويمكن تطبيقه في شوارع المدينة. ويمكن تطبيق هذا الاقتراح في وقت قياسي، لأنه لا يحتاج إلى طرق جديدة أو مسارات أو بنية تحتية مكلفة، فقط يحتاج إلى دراسة المسارات والوضع الحالي المروري، أما آلية تمويل المشروع فتتم إما من خلال تأسيس شركة وطنية تمتلك الدولة ما نسبته 51% منها، وتطرح 49% من أسهمها للاكتتاب العام، أو من خلال إحدى شركات الهيئة العامة للاستثمار، المتخصصة في مجال التكنولوجيا والبيئة.

إن الكويت بحاجة إلى مثل هذه المبادرات التي تسهم في استكمال البنية التحتية لمرافق الدولة السياحية، وتحاكي رؤيتها وخططها الاستراتيجية المرتبطة بالتنمية المستدامة، فهل سيرى هذا المقترح النور، ويترجم إلى واقع خلال فترة زمنية قياسية يعيد لمدينة العاصمة تميزها وريادتها؟ وهل سيستمتع ضيوفنا من سائحين وجماهير المنتخبات المشاركة في البطولات القادمة الموجودة في مباركية العاصمة بالقطار السطحي الكهربائي كويت ترام؟