في فبراير 2017، كان صديقي الخبير النفطي (م. ع. ق.) على متن إحدى الطائرات الخليجية، عائداً من رحلة عمل في إحدى الدول الإفريقية، والمتجهة إلى دبي كآخر محطاته قبل عودته إلى الكويت، عندما أصيب بأزمة قلبية. يقول إنه تم إسعافه من قبل طاقم الطائرة حتى وصلت إلى مطار دبي، فتم نقل إلى ما يشبه بمركز صحي ملحق بالمطار، ثم نقل إلى مستشفى دبي لاستكمال العلاج. إلا إنه فوجئ بإدارة المستشفى تطلب منه سداد قيمة تلك الرعاية، فسدد مبلغاً قدره 4.5 آلاف درهم إماراتي، وهو يردد على مسامع المحاسب أنه توقع أن يكون العلاج مجانياً، لكونه خليجياً من الكويت، فأخبره أن مجانية العلاج للإماراتيين فقط، ولم تشفع له استثماراته العقارية في الإمارات، ولكونه عضو مجلس إدارة بإحدى الشركات الإماراتية «الثقيلة». ‏في الكويت توجه صديقنا إلى المستشفى الصدري لاستكمال العلاج، حيث سأل أحد المسؤولين هناك حول تكلفة علاج الوافدين في المستشفى الصدري، فقيل له إن الخليجيين يتلقون علاجاً مجانياً في كل المراكز الصحية في الكويت، بينما الآخرون من الوافدين يدفعون مبالغ رمزية لتلقي العلاج الذي يحصل عليه أي كويتي. وكأن صديقنا تلقى صدمة ليتساءل: كيف يتلقى كل الخليجيين والوافدين العلاج الطبي بالمجان في الكويت، بينما كل دول العالم، بما فيها دول الخليج، لا تعامل الكويتي بالمثل؟ ولماذا لا تعامل حكومتنا مواطني الدول الأخرى مثلما يعامل الكويتيون في الخارج؟

هذه الحادثة التي وقعت لصديقنا في الخارج ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، ولهذا فإنه خلال السنوات التي تلت هذه الحادثة، تحدث الكويتيون عن آلاف الوافدين الذين يتلقون العلاج في الطب النفسي، وتساءلوا عبر وسائل الإعلام المختلفة لإيصال رسالة للحكومات الكويتية، متسائلين عن ضرورات وجود مرضى نفسيين وافدين بيننا، طالما كان وجودهم يعرض حياة الآخرين للخطر، عدا أنهم غير لائقين للعمل، حتى أصبحوا عبئاً على الخدمات الصحية التي يجب توفيرها لأبناء البلد. كما تحدث الكويتيون عن عشرين ألف شخص، أغلبهم وافدون، يحملون رخص قيادة مزورة، ليصبح أي مستخدم للطرقات الكويتية غير آمن من أي حادث مروري مهما كان حذراً.

Ad

وخلال العقود الماضية تناول الكويتيون ضمن أحاديثهم عن عشرات الآلاف من الوافدين الذين يدخلون الكويت كل سنة من خلال «كرت الزيارة» أغلبهم لمجرد تلقي العلاج الصحي المجاني في الكويت. ورغم ذلك لم تتعامل الحكومات الكويتية المتعاقبة مع هذه الظواهر العلاجية السلبية بجدية، كأنها تخاف على اهتزاز سمعتها كبلد للإنسانية، على الرغم من أن هذه الحكومات تستطيع أن تحافظ على المال العام في تطوير الخدمات الصحية لصالح المواطن الكويتي المهمل علاجياً في الخارج من قبل كل دول العالم، إلا ما رحم ربي.

ضمن إحدى مقالاته تحدث الزميل طلال السعيد عن جزئية صغيرة من هذه الظاهرة المقلقة إلى درجة القهر لو وقعت في دولة أخرى غير الكويت، فإذا كان الراكب الذي يعاني من الإنفلونزا يمنع من ركوب الطائرة بسبب الضغط الجوي، فما بالك بامرأة حامل في شهرها الأخير وتعرض حياتها وحياة جنينها للخطر، ورغم ذلك سمح لها بركوب الطائرة من إحدى الدول العربية المتجهة إلى الكويت؟ ألم يلاحظ مسؤولو المطار في تلك الدولة العربية شكل هذه المرأة الحامل؟ إلى متى والكويت تسمح للآخرين من غير الكويتيين باستنزاف خيرات البلد والإخلال بأمن الكويت؟ ألم يكفنا مئات الآلاف من الوافدين الذين حصلوا على الجنسية الكويتية بالتزوير ودون وجه حق؟ ألم يحن الوقت في عهد الحزم أن يحدث انقلاب حكومي بتقنين ما يسمى بـ «كروت الزيارة» حفاظاً على الكويت؟