دار ويدور لغط في دواوين الكويت عن دور الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي في إعمار ما دُمِّر في لبنان، رغم أنهم ليس لهم ناقة ولا جمل فيما حصل لذلك البلد العربي الجميل.
كما طُرح أيضاً تساؤل عن جدوى المشاركة في مشاريع استثمارية فيه، من دون إرجاع الأموال المنهوبة أولاً، والتي تبخَّرت من البنوك بين ليلة وضحاها.
نعم، ليس من المقبول ولا من الحكمة ضخ المال بلا حساب، ولا يجوز حتى عقد أي صفقات استثمارية قبل أن يَستَرجِع جميع المُودعين أموالهم المنهوبة كاملة، فأيام الشيكات على بياض قد ولَّت.
فليُعد أمراء الحرب وزعماء الأحزاب أولاً ما نهبوه من بلدهم ومن المُودعين في بنوكهم، فهناك زعماء ومتنفذون هيمنوا على الاقتصاد اللبناني، ودمَّروه، وشوَّهوا سُمعته لسنوات طوال، تنفيذاً لرغبة شيطانية أُمليت من خارج الحدود اللبنانية، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية إرجاع ما نُهب، والمشاركة في إعمار ما دُمِّر.
هناك استماتة غريبة من الولائيين على تسمية وزير المالية تحديداً، فهم يعتبرونه حقاً من حقوقهم التي ضمنها لهم قسراً ما سُمي زوراً بسلاح المقاومة، باعتباره ضمن حصصهم الوزارية السيادية.
وحتى نفهم سبب التكالب على ذلك المنصب، فقد كشف لنا البروفيسور اللبناني الوطني الشيعي د. أحمد ياسين أن إصرار الثنائيين عليه تحديداً، لأن وراءه منافع وصلاحيات لا حصر لها، فوزير المالية هو المخوَّل باقتراح تعيين حاكم مصرف لبنان الموالي أيضاً، وبقاؤهما في منصبيهما سيضمن مواصلة منع فتح ملفات المرحلة السابقة الحساسة والخطرة جداً.
وكما ذكر الباحث اللبناني، فوزير المالية، تحديداً، هو المسؤول عن مراقبة حسابات مصرف لبنان، وهو أيضاً الذي استطاع تاريخياً، بسُلطته وبهيمنة السلاح القاهر، منع التدقيق الجنائي المجمَّد حتى الآن، وتعيين شخص ليس موالياً سيفتح الملفات المُغلقة في المصرف، وسيكشف عمَّن وراء توزيع العُملة الصعبة وشرائها حصرياً لجماعاتهم، وأيضاً مَنْ وراء تهريبها إلى الخارج.
توقيع وزير المالية ضروري كذلك لأي تعيينات أمنية أو عسكرية، وحتى قضائية، وهو وضع في غاية الغرابة في غير لبنان، لأنه يفرض سُلطة مُطلقة في يد مَنْ عيَّنه. وكما ذكر المحلل اللبناني، فهذه السُّلطة هي التي عطَّلت التشكيلات القضائية، وتحقيقات القاضي طارق بيطار في كارثة مرفأ بيروت. إضافة إلى كل ذلك، فوزير المالية هو المسؤول عن اعتماد موازنات الوزارات، فهو، أي مَنْ عينه، يستطيع مساومتها على مواقفها السياسية.
نعتقد أن المُتسبِّب في هذا الدمار هو المُجبر قانوناً على تعويض الدولة اللبنانية، ويجب أن تستقطع من ميزانيته لتعويض ذلك البلد الذي غزاه مسلحون أعلنوا جهاراً نهاراً ولاءهم له، وأنهم يأتمرون بأمره، فيجب أن تُطبَّق العقوبات عليه، كما طُبقت على العراق بعد غزوه للكويت.