كانت الحكومة تملك اتخاذ قرار زيادة جميع الرسوم منفردة لسنوات طويلة، لكنها لم تفعل، مع أنها أعلنت عدة مرات في المجلس نيتها زيادة رسوم الكهرباء والماء.

وفي عام 1995 قدمت الحكومة تعديلاً على قانون المديونيات 41/ 1993 الذي تم إقراره بعد التحرير، وكان التعديل ينص على إعفاء إحدى الفئات من سداد المديونية، فاعترضنا على التعديل، ودار نقاش طويل حول الموضوع في الجلسة المخصصة له، واستمر إلى المساء حيث تم التصويت، وفازت الحكومة، وانصرف معظم الوزراء عدا وزيرين، وكنت قد أعددت اقتراحاً بقانون ينص على عدم جواز أن تزيد قيمة الرسوم على الخدمات التي تقدمها الحكومة على قيمتها في ديسمبر 1994 إلا بقانون، فبادرت على الفور بجمع تواقيع النواب على قرار بتقديم هذا الاقتراح والتصويت عليه في نفس الجلسة، واعترض الوزير عبدالعزيز الدخيل وطالب بتأجيل مناقشته، لأن الحكومة غير مستعدة، لكن المجلس رفض، وتم التصويت بمداولتين، ثم قمت بطلب استعجاله وفق المادة 65 من الدستور التي تحتاج إلى أغلبية خاصة، وفعلاً تم ذلك، وصدّق الأمير على القانون 79، وتحقق الهدف بعدم جواز إعفاء مدينين وطلب زيادة الرسوم على آخرين، وبذلك تمت حماية المواطنين من زيادة الرسوم مدة ثلاثين عاماً، حتى تم إلغاء هذا القانون بمرسوم بقانون قبل يومين (مرسوم ضرورة)، مما يؤكد أن الحكومة تنوي زيادة الرسوم بقرار منها قبل عودة المجلس.

Ad

ويحتج بعض المراقبين بأن أسعار الرسوم، خصوصاً الكهرباء والماء، متدنية جداً، ومكلفة للميزانية، مما أدى إلى إسراف كبير في الاستهلاك، وأن الزيادة ستكون على شكل شرائح تأخذ بعين الاعتبار الدخول الضعيفة. وللرد على هذه الحجة، يجب ملاحظة التالي:

أولاً: القانون 79 لا يمنع زيادة الرسوم، بل يجيز زيادتها بقانون عن طريق المجلس.

ثانياً: عرض الرسوم على المجلس يتيح للحكومة شرح أهمية الزيادة، كما يتيح للمجلس ضمان عدم ضرر الزيادة بالفئات الضعيفة والدخول المحدودة.

ثالثاً: يسمح القانون 79، في المادة الثانية، للحكومة منفردة بزيادة أسعار الخدمات التي تقدمها الهيئات المستقلة والملحقة، مثل البلدية وغيرها، لكن الحكومة لم تتخذ أي قرار بزيادتها طوال السنوات السابقة.

رابعاً: تمت زيادة أسعار السلع الحكومية، مثل البنزين وإيجارات أملاك الدولة عدة مرات، لأنها لا تخضع للقانون 79.

خامساً: عرض الرسوم على المجلس سيتيح مناقشة بدائل أخرى، مثل وسائل تخفيض كلفة الإنتاج والطاقة البديلة، وللدكتور عادل الصبيح اقتراحات في هذا الشأن.

سادساً: غير صحيح أن المجلس سيعترض على أي زيادة تُعرض عليه، والدليل على ذلك زيادة رسوم الوكالات العقارية غير القابلة للعزل، التي تقدمت بزيادتها عندما كنت وزيراً للعدل (من خمسة إلى خمسين ديناراً) ووافق عليها المجلس، وكذلك زيادة الرسوم القضائية، كما وافق مجلس 2013 على زيادة الكهرباء والماء على القطاعين الاستثماري والتجاري بقانون، إضافة إلى الشاليهات والجواخير.

وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة لا تحتاج إلى أكثر من 17 صوتاً من أعضاء المجلس لإقرار القوانين التي تتقدم بها، وهو عدد يسير يمكن بالطرح العلمي والإقناع الوصول إليه لتحقيق المشاركة الشعبية في القرار، وهي أفضل من الانفراد.