حسناً فعلت وزارة الداخلية بنفيها السريع للتصريح المنسوب في «تويتر» إلى السيد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ فهد اليوسف... حيث نسب إليه قوله «لن نقبل أن يكون غير الكويتي مسؤولاً عن كويتي في أي موقع بالحكومة»، هذا التصريح المزور يذكرني بتصريح مماثل في التخلف واللامسؤولية أطلقه قبل سنوات عديدة النائب مسلم البراك... حيث أقسم أنه «لن يسمح بأن يكون الكويتي صبياً عند التجار».
مسلم البراك لن يقبل بأن يكون الكويتي «صبياً» عند التجار يعني القضاء على القطاع الخاص، ويعني أن الحكومة أو الدولة ستبقى ملزمة بتوظيف المواطن الكويتي بغض النظر عن مؤهلاته أو احتياجاتها. والتصريح المزور المنسوب إلى الشيخ فهد بأنه لن يسمح للكويتي بالعمل تحت إمرة وافد يعني أنه سيضع أي كويتي في أي مكان ويسلمه أي مسؤولية لا لشيء إلا لأنه كويتي، وهذا يعني أننا سنبقى على حالنا «وردة».
عدم الثقة بالأجنبي هو موروث بدائي، حمله البعض معه منذ بداوته وحتى الآن، فالعلاقة عند الإنسان البدائي هي علاقة الدم والارتباط القائم على القرابة، لهذا فهو لا يثق إلا بابن العم أو مَن تربطه به المصاهرة أو النسب. عدا ذلك هو دخيل وغريب يجب الحذر منه والابتعاد عنه.
الإنسان العصري علاقاته مهنية، ونقابية. فهو يعمل ويرتبط اجتماعياً وسياسياً بالمؤسسة التي تشكل مصدر رزقه، ويكون ولاؤه للمؤسسة بوصفها الحامي المادي له الذي يمده بأسباب التواجد والبقاء، لهذا فإن ولاء وانتماء العامل للمؤسسة التي يعمل فيها هو ارتباط مصيري لن يقبل العامل بأن يقطعه أو يسيء إليه، أي أن أصل وفصل العامل لا يؤثر على الإطلاق على ولائه... فولاؤه وانتماؤه هو للمؤسسة التي تمده برزقه ورزق مَن يعول.
لهذا أصبح لزاماً علينا الآن إعادة النظر في مفاهيمنا وعقليتنا المتخلفة التي تتخوف من الأجنبي وتهدر إمكاناته وتعطل الاستفادة من قدراته، في الوقت الذي تسلم فيه مناصب حساسة لأناس كفاءتهم وميزتهم الوحيدة أن عندهم جنسية... جنسية أصبحت هذه الأيام محكومة بشخطة قلم.