افتتحت الشيخة شيماء عبدالله الصباح معرض الخطاط زهير الزرعي بعنوان «الشعر يرتدي عباءة اللون» في متحف الفن الحديث. وشهد الافتتاح حضور عدد كبير من الفنانين والمهتمين بالفن، خصوصاً الخط العربي. ويُعد هذا المعرض وجهة فنية فريدة تجمع بين الجمال البصري والعمق الثقافي، ما يجعلها تجربة ثرية لكل زائر.

وفي كلمة للشيخة د. سعاد الصباح، في الكتالوج التعريفي بالمعرض، كتبت: «للقلم والحبر، وانتظارات المحبرة، وومضات الروح الخفية والمعلنة، حين يحين الحُب، وحين تعلن الورود غضبها، أو تتوجع الصفحة البيضاء، بانتظار مطر الحروف... يكتب الشاعر، فتتساقط نفسه قطعة قطعة. يغرف من ماء العُمر، ويلملم الجمر من بين الرماد، ويسكب صوته في ذهن الزمن، كي يعبر الوقت، ويتجاوز الذاكرة... فمَنْ يعي هذه النيران؟ ومَنْ يشعر بلحظات البكاء؟ ومَنْ يعرف أسرار الصوت المخبوء بين أسطر القصيدة؟ وحدها اللغة العربية تعرف ذلك. وحدة مواساة الشاعر وملاذه، حرفه ومعناه، حرفه وصوته، حرفه ورسمه. فما أجمل أن يخرج الشعر الصادق بخط أنيق. أنا أحب أناقة الحروف، شكلاً ومضموناً، جوهراً ومظهراً، منذ ضربت موعداً قديماً مع قلمي البسيط بلونه الأسود الداكن السائل، لأكتب به رسائلي لأحبائي. فشكراً للأستاذ الخطاط زهير الزرعي، الذي فتح خزانة ذاكرة الكلمات. وشكراً للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذي احتضن الفكرة. وشكراً لكل الجهود في وطن جميل، هو فعلاً عاصمة الثقافة».

Ad

من الأعمال المعروضة

توغل في معاني الكلمات

من جهته، قال مدير دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع، الشاعر والكاتب علي المسعودي: «تحت رعاية الشيخة شيماء عبدالله الصباح كان لنا اليوم افتتاح معرض الفنان الفلسطيني زهير الزرعي، الذي أنتج مجموعة من اللوحات المميزة بخطه، بصفته خطاطاً، حيث نقل الخط والشعر، وجعله يرتدي عباءة اللون، وفق ما وصفته د. سعاد الصباح، وهذا الوصف إهداء منها للفنان، فالشعر يرتدي عباءة اللون، هذه العبارة أهدتها د. الصباح إلى هذا المعرض، فكانت هي العنوان».

وتابع: «الفنان الزرعي استنبط وتوغل في معاني الكلمات، واستخرج منها أشكالاً فنية جميلة جداً، فكانت المواءمة ما بين الخط والشعر ومعانيه وإيماءاته وإيحاءاته، إضافة إلى إيحاءات الخط العربي، هذا الخط المتفرِّد، ويُقال مَنْ حسن خطه حسن طبعه، فحُسن الخط أيضاً من الجماليات التي منحنا إياها الله، ومنحها لهذه اللغة العربية الجميلة والرائعة».

وأضاف: «الزرعي تميَّز ببعض المقاطع التي اختارها ما بين الشعر الكثير والكثيف للدكتورة سعاد الصباح، خصوصاً قصيدة (نساء غزة)، التي طارت في الآفاق، فصنع منها الزرعي عدة لوحات تواكب أحداث غزة، والحقيقة كانت مواساة للأمهات اللاتي واجهن المصائب، وكُن صابرات قويات، وأقوى من القنابل التي أُلقيت على بيوتهن ورؤوس أطفالهن، فكانت د. سعاد الصباح حاضرة بالأحداث منذ 7 أكتوبر إلى هذا اليوم، تتابع قضية غزة أولاً فأولاً، وكانت القصيدة نتاجاً لهذه الأحداث، والزرعي أكمل معاني قصيدة بخطه الجميل».

من جانبه، أعرب مراقب الفنون التشكيلية في «الوطني للثقافة» وائل الجابر عن سعادته بتنظيم قطاع الفنون في المجلس الوطني لمعرض الفنان زهير الزرعي، الذي خط بعض قصائد الشاعرة الشيخة د. سعاد الصباح، ومنها العديد من القصائد الوطنية التي تغنَّى بها كبار المطربين الكويتيين، وقصائد تدين وحشية الغزو العراقي، حيث كتبت قصائد عربية تلامس المواطن العربي، وتميَّزت د. سعاد الصباح بالقدرة على التعبير بكلماتها، فكانت تحس بإحساسهم، وبمعاناة الشارع العربي.

ولفت إلى أن المعرض تضمَّن أعمالاً فنية تحكي قصة هذه المناسبة، وقام الزرعي بمنظوره ورؤيته بتجسيد هذه الأبيات بلوحات تعبيرية ورمزية.

بدوره، قال الخطاط الزرعي إن معرضه الشخصي أخذ منه أربع سنوات لإنجازه، ويتضمَّن 35 لوحة، متابعاً: «تحدَّثت في المعرض عن قصائد وأشعار د. سعاد الصباح، وكل لوحة مختلفة عن الأخرى، من خلال الأشكال والألوان. ركَّزت على خط الثلث بين الإجازة والنسخ، وهناك أشياء تشكيلية أدخلت في اللوحة». وأوضح الزرعي أنه اختار شعر د. سعاد الصباح، لصدقه ونبوعه من القلب.

وأشار إلى أن الخط العربي من أجمل الفنون وأصعبها، فهناك الرسم، والنحت، والتصوير، وغيرها، وكلها فنون جميلة، لكن الخط العربي فيه جمال، ومرتبط بالدين الإسلامي والتراث، والهوية العربية، لكن الاتجاه إلى التكنولوجيا والكمبيوتر ربما أثر على وضع الخطاطين، ومع ذلك لايزال الخط العربي يؤدي دوره.

وبالنسبة لورش الخط، أكد أن هناك أولياء أمور يشجعون أولادهم على الانتساب إلى هذه الورش، لتحسين خطوطهم حتى الآن.