لم تنته سنة 2024 إلا وكانت مكتبة عبدالكريم سعود البابطين قد أصدرت المجلد 25 من مجموعة «نوادر النوادر من الكتب»، الصادر عن مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي في يوليو 2024.
وبهذا العدد - يقول تصدير الكتاب الجديد من «نوادر النوادر» - «تكون مكتبتنا قد قدمت للقارئ العربي إضاءة علمية لألفين من المصادر القيّمة التي أنتجتها المطبعة العربية، بعضها مضى على صدوره أكثر من 400 عام، وبعضها الآخر صدر خارج الوطن العربي، في بلد أوروبي، مثل ليدن، وباريس، وبطرسبرج، أو في الهند، أو في الأستانة، أو في إندونيسيا، أو في المهجر الأميركي» (ص 5).
ومن المعروف عن المكتبة والمنشورات العربية، في أغلب الأحوال، أن جلّها في مجال الأدب والدين، وهو ما تقول كاتبة المقدمة، السيدة سعاد عبدالله العتيقي، أنه لا ينطبق تماماً على هذه المجموعة من الكتب، التي تضم العديد من كتب المطبوعات العلمية والتاريخ والبيانات وغيرها، لعل أبرزها «كتاب الكيميا» عن علم التحليل وآلاته، وعن التحاليل الكيمياوية في جزأين، صادر عام 1844، أي قبل نحو قرنين.
ومن الكتب التي يقدمها المشرفون على إعداد هذا الجزء الـ 25، التعريف بـ «الميسر» والقمار، ولعب العرب بالميسر في «الجاهلية الأولى»، وهو كتاب نادر مطبوع في مدينة ليدن الهولندية الشهيرة ببيع المطبوعات في مجال طباعة كتب التراث منذ فترة طويلة.
والكتاب من تأليف برهان الدين البقاعي، المتوفى بدمشق عام 1480. وتقول المراجع إن الميسر فقهياً هو «صرف ما آلت ملكيته إلى أحد الجانبين بمجرد الحظ والصدفة إلى جهة خير».
ويضيف: «لقد حرّم الله تعالى كل كسب يحصل للإنسان بطريق الحظ والصدفة، ولو كان مآله إلى الفقراء والمساكين أو أية جهة خير». (الموسوعة الفقهية المُيَسَّرة، د. محمد رواس قلعة جي، ط 2000).
ويقول كتاب «لعب العرب بالميسر»، المشار إليه «كان أمر الميسر أنهم كانوا يشترون جزوراً ثم يجزِّئونها ويسهمون عليها (ليروا سهم كل مشترك). ويتضمن المجلد 25 كتاباً آخر عن الموضوع نفسه بعنوان «نشوة الارتياح في بيان حقيقة الميسر والقِداح» (ص 22).
وتلفت أسماء بعض المطابع ودور النشر القديمة النظر، ومنها «مطبعة مدرسة والدة عباس الأول» بالقاهرة، وفي كتاب النوادر بعض منشوراتها مثل «عجالة المتأدب» 1912، وكتاب «لُقَط الحكمة»، وهو صادر في العام نفسه، ويتضمن مجموعة صغيرة من الحِكَم والآداب العربية المختارة.
ومن الكتب التي تستوقف القارئ «مجموعة البيانات والإعلانات وغيرها»، التي هي الآن نافدة والمتعلقة بأهالي العراق والمُصَدَّرة من القائد العام أو بتفويض منه»، أي بعد الاحتلال البريطاني، وهي بيانات صادرة بين مارس 1917 وسبتمبر 1920، والمجموعة المطبوعة صادرة عن مطبوعة الحكومة عام 1921 وسعرها 3 روبيات، ومنها:
«في إعلان صدر بتاريخ 3/ 9/ 1919 بخصوص الصيد، يعيّن البيان الأيام التي لا يجوز فيها الصيد داخل العراق، فالقطاة والحجل لا يجوز صيدها ما بين 15 مارج (مارس) و30 سبتمبر، والأرنب والدرّاج لا يجوز صيدها بين 15 مارج و31 أوكست، والحباري لا يجوز صيدها بين 1 مارج و30 سبتمبر».
وفي إعلان صدر بتاريخ 1/ 2/ 1918 يلزم الإعلان كل من يحترف الطب أن يبلّغ إلى أقرب حاكم سياسي دون تأخير كل ما يصل إلى علمه من أمراض القوليرا (أي الكوليرا) والطاعون والجدري والتيفوس والحميات، وأي طبيب يتأخر عن ملاحظة هذا الأمر يكون عُرضة للتوقيف عن مباشرة عمله، وغرامة تصل إلى خمسمئة روبية، وعلى كل المختارين والقسوس ورؤساء العائلات أن يبلِّغوا عن أي مرض يصل إلى علمهم من دون تأخير.
وفي إعلان صادر في 15/10/ 1919 بمقتضى قانون أصول المحاكمات الجزائية البغدادي، يذكر البيان أن جلد المجرمين الذكور الذي تجاوز عمرهم ست عشرة سنة يكون إمّا بالسوط على القسم الأعلى من الظهر، وإما على الردفين بخيزران خفيف، لا يتجاوز عرضه لنصف إنج، وجلد المجرمين الذكور الذين عمرهم دون ستة عشرة سنة يكون على الردفين بخيزران أخف من الخيزران البادئ ذكره.
والبيان الثاني صدر في 22/ 5/ 1917، وفيه يعلن القائد العام أن «كل الآثار القديمة في العراق، والتي كانت مملوكة للحكومة العثمانية، وكل ما يصير اكتشافه منها بعد ذلك هي لحكومة البلاد المحتلة التي تعمل بالنيابة عن العراق، وينبغي على كل من اكتشف أثراً أن يبلغ عنه خلال مدة ثلاثين يوماً، وإلا يُعرِّض نفسه لغرامة مالية لا تزيد على خمسين روبية، وكذلك من استعمل أثراً لمنفعته الذاتية يعرّض نفسه لغرامة لا تزيد على عشرة أمثال قيمة الأثر».