أثار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الكثير من الضجة والقلق والصخب على الساحة الدولية في يومه الرئاسي الأول الذي وقع خلاله عشرات الأوامر التنفيذية. وقوبل قرار ترامب بالانسحاب للمرة الثانية من منظمة الصحة العالمية واتفاق باريس للمناخ بانتقادات دولية، في حين حذر الاتحاد الأوروبي من «سباق عالمي نحو القاع» عبر الرسوم الجمركية، بعد أن اتهم ترامب أوروبا بعدم استيراد ما يكفي من المنتجات الأميركية.

وكان ترامب حاول الخروج من منظمة الصحة واتفاقية باريس خلال ولايته الأولى، وبدأ الإجراءات لذلك التي تتخذ وقتاً، لكن فوز جو بايدن في انتخابات 2020 قلب المعادلة.

Ad

ومن المتوقع هذه المرة أن تتخذ الإجراءات وقتاً أقل، حيث يستكمل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية والمنظمة بعد عام واحد.

وبالانسحاب من اتفاقية باريس، يضم الولايات المتحدة إلى إيران وليبيا واليمن في قائمة الدول الوحيدة في العالم خارج الاتفاقية التي أبرمت العام 2015، ووافقت الحكومات فيها على الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، لتجنب أسوأ تداعيات تغير المناخ.

وخلال التوقيع على الانسحاب، وصف ترامب اتفاقية باريس بـ «الخدعة غير العادلة والمنحازة»، وأضاف: «لن تخرب الولايات المتحدة صناعاتنا بينما تطلق الصين التلوث مع الإفلات من العقاب».

وقالت الصين إنها تشعر بالقلق إزاء الإعلان، واصفة تغير المناخ بأنه تحدّ مشترك يواجه البشرية جمعاء. وقال المتحدث الجديد باسم وزارة الخارجية الصينية غيو جياكون في إفادة صحافية دورية اليوم«لا يمكن لأي دولة أن تقف بمعزل عن ذلك، ولا يمكن لأي دولة أن تفعل ذلك بمفردها».

لكن فلورنسيا سوتو نينو، من مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة، قالت في بيان مكتوب، إنه على الرغم من الانسحاب فإن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، واثق أن المدن والولايات والشركات الأميركية «ستستمر في إظهار الرؤية والقيادة من خلال العمل من أجل النمو الاقتصادي المتين منخفض الكربون الذي سيخلق وظائف ذات جودة عالية».

بدورها، أعربت «الصحة العالمية»، اليوم، عن أسفها للأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب لبدء عملية خروج الولايات المتحدة من المنظمة. وقالت إنها «تقوم بدور حاسم في حماية صحة وأمن شعوب العالم، وبينهم الأميركيون، لمعالجة الأسباب الجذرية للأمراض، وبناء نظم صحية أقوى، والكشف عن حالات الطوارئ الصحية والوقاية منها والتعامل معها».

وتعتبر الولايات المتحدة، إلى حد بعيد، أكبر مساهم في منظمة الصحة العالمية، وقد بلغت حصتها في ميزانية المنظمة العام 2023 ما نسبته 18 في المئة.

وخلال انتقاده قرار ترامب، قال وزير الصحة الألماني، كارل لاوترباخ، إنه بدون المساهمة الأميركية سيكون من الصعب مساعدة البلدان المتضررة من الأمراض المعدية أو الكوارث البيئية.

وقف المساعدات

إلى ذلك، وقع ترامب، أمراً تنفيذياً يقضي بتعليق جميع برامج المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 90 يوماً، بصورة مؤقتة، في انتظار المراجعات لتحديد ما إذا كانت تتماشى مع أهداف سياسته.

ولم يتضح بصورة فورية حجم المساعدات التي ستتأثر في البداية بالأمر الذي صدر أمس حيث قام الكونغرس من قبل بالفعل بتخصيص تمويل للعديد من البرامج، ويتعين إنفاقها، إن لم يكن قد تم إنفاقها بالفعل.

وجاء في الأمر التنفيذي أن «صناعة المساعدات الخارجية والبيروقراطية لا تتماشى مع المصالح الأميركية، وتتعارض في الكثير من الحالات مع القيم الأميركية... وتعمل على زعزعة استقرار السلام العالمي من خلال الترويج لأفكار في الدول الأجنبية تتعارض بصورة مباشرة مع العلاقات المتناغمة والمستقرة داخلياً وبين الدول». وبالتالي، أعلن ترامب أنه «لن يتم صرف أي مساعدات خارجية أميركية أخرى بطريقة لا تتماشى بالكامل مع السياسة الخارجية لرئيس الولايات المتحدة».

حرب الرسوم

وأعلن ترامب، أمس ، أنه قد يفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على الواردات من كندا والمكسيك في موعد أقربه الأول من فبراير، بينما تعهّد بإجراءات ضد بلدان أخرى كجزء من سياسة واشنطن التجارية الجديدة.

وعاود تهديد الشريكين التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة بعد ساعات على أدائه القسم، متهماً جارتي بلاده بالفشل في منع الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.

وقال ترامب في البيت الأبيض «نفكر في فرض رسوم بنسبة 25% على المكسيك وكندا، لسماحهما لأعداد هائلة من الناس (...) وكندا أيضا هي دولة مسيئة جدا (...) بدخول بلادنا، وأيضا بدخول الفنتانيل».

وأضاف أنه يفكر في فرض الرسوم اعتبارا من الأول من فبراير.

كما وقع ترامب الاثنين مرسوما يوجّه الوكالات لدراسة مجموعة من القضايا التجارية بما يشمل العجز والممارسات غير المنصفة والتلاعب بالعملات. ومن شأن هذه الدراسات أن تمّهد لرسوم إضافية.

كذلك دعا إلى إعادة النظر في اتفاقية واشنطن للتجارة مع المكسيك وكندا واتفاقها مع الصين الذي أدى إلى هدنة في حرب رسوم جمركية سابقة.

وتعهد ترامب في وقت سابق «بدء إصلاح فوري» لمنظومة التجارة الأميركية «لحماية العمال والعائلات الأميركية».

وقال في خطاب تنصيبه «بدلا من فرض ضرائب على مواطنينا لإثراء بلدان أخرى، سنفرض رسوما جمركية وضرائب على البلدان الأخرى لإثراء مواطنينا».

وفي تصريحاته في المكتب البيضاوي، تحدث ترامب عن اختلال الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي أيضا، قائلا إنه لا يستورد ما يكفي من المنتجات الأميركية.

وأضاف بأنه «سيصلح ذلك» عبر اللجوء إلى الرسوم أو حض التكتل على شراء المزيد من النفط والغاز.

وأكد مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي أن التكتل سيدافع عن مصالحه بينما أشارت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي إلى أن أوتاوا ستعمل على ضمان أنها مستعدة للرد على أي إجراءات أميركية.

وحذرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، من خطر وصفته بأنه «سباق عالمي نحو القاع» باستخدام أدوات اقتصادية مثل العقوبات وضوابط التصدير والرسوم الجمركية.

وفي كلمة خلال المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي أمس، تحدثت فون ديرلاين عن حقبة جديدة من المنافسة الجيواستراتيجية القاسية وأكدت أن الاتحاد الأوروبي سيتعامل «ببراغماتية» مع الولايات المتحدة، وسينتهج سياسة «اليد الممدودة» مع الصين.

وأعربت بكين أمس، عن أملها في التعاون مع واشنطن من أجل تسوية المسائل التجارية، غداة تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي توعد بفرض رسوم جمركية مشددة على الصادرات من ثاني قوة اقتصادية في العالم.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية الجديد، غيو جياكون، إن «الصين على استعداد لتعزيز الحوار والتواصل مع الولايات المتحدة... والتعامل بالصورة المناسبة مع الاختلافات»، مضيفا أن بلاده «تأمل أن تعمل الولايات المتحدة مع الصين لتشجعا معاً النمو... المستقر للعلاقات الاقتصادية والتجارية» بين البلدين. وإذ أقر غيو بوجود «خلافات واحتكاكات» بين البلدين، شدد على أن «المصالح المشتركة ومجالات التعاون بين البلدين هائلة».

سفيرة السعودية لدى واشنطن ريم بنت بندر مع ترامب أمس الأول

ترامب لن يضغط على السعودية للتطبيع

استبعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأول، ممارسة ضغوط على السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقال إنه مستعد لأن يزور السعودية في أول زيارة خارجية له كما فعل في الولاية الأولى.

وقال ترامب، رداً على سؤال، ما إن كان سيدفع الإسرائيليين والسعودية لتطبيع العلاقات: «لا أعتقد أنه يتعين عليّ أن أضغط. أعتقد أنه سيحدث، ولكن ربما ليس الآن بعد، ولكن سينتهي بهم الأمر إلى الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية».

ورد ترامب، على سؤال حول وجهته الخارجية الأولى في فترته الثانية كرئيس وأشار إلى أن «أول رحلة خارجية عادة ما تكون إلى المملكة المتحدة»، لكنه أضاف أن رحلته في فترة رئاسته الأولى كانت للسعودية، معقباً بأن ذلك كان «لأنهم وافقوا على شراء ما قيمته 450 مليار دولار من منتجاتنا»، على حد تعبيره وتابع «إذا أرادت المملكة العربية السعودية شراء ما قيمته 450 أو 500 أخرى، وسنرفعها بسبب التضخم، فأعتقد أنني سأذهب هناك على الأرجح».

الرئيس الصيني والرئيس الروسي

شي وبوتين يتفقان على رفع مستوى العلاقات

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالاً عبر الفيديو مع نظيره الصيني شي جينبينغ، أمس، اتفقا خلاله على تطوير الشراكة الاستراتيجية بين البلدين بشكل أكبر، بعد ساعات فقط من تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.

وأعرب شي لبوتين عن الأمل في رفع العلاقات بين البلدين إلى «مستويات جديدة» هذا العام، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي الصيني «سي سي تي في».

وقال شي في الاتصال إن «استقرار ومرونة العلاقات بين الصين وروسيا سيساعدان في التغلب على الشكوك الخارجية وتعزيز تنمية البلدين، ودعم العدالة والإنصاف الدوليين».

في المقابل، قال بوتين إنه يريد وضع «خطط جديدة لتطوير الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين روسيا والصين»، مجدداً الدعوة الى «بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب وأكثر عدالة، ونعمل على ضمان أمن لا يتجزأ في منطقة أوراسيا والعالم أجمع». وأعلنت الصين وروسيا شراكة «بلا حدود» في فبراير 2022، عندما زار بوتين بكين قبل أيام من غزو روسيا لأوكرانيا. وقد وصف الرئيس الروسي الصين في الأشهر القليلة الماضية بأنها «حليفة». وتوعد ترامب باتخاذ موقف صارم من الصين وبالتحدث إلى بوتين بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال للصحافيين، بعد تنصيبه، إن على بوتين التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، لأنها «تدمّر» روسيا. وترى الولايات المتحدة أن الصين أكبر منافس لها، وروسيا أكبر تهديد لها.