أصبحت طلبات الشراءعبر الإنترنت، في عصرنا الحالي، جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، بل أسلوب رفاهية وفّر الكثير من الوقت والجهد، لكن مع هذا الترف المبالغ، بدأ الكسل يتسلل إلى أسلوب حياتنا، بل إن خدمات التوصيل نفسها، التي كانت تهدف لتوفير الراحة، باتت في بعض الأحيان مصدرًا للإزعاج، فعندما يصبح الكسل ثقافة يتعلم الناس الاتكالية، وبالتالي تتعطل خواص الإدراك والتفكير لديهم!

فعلى الرغم من أن الطلبات تحتوي عادةً على تفاصيل دقيقة: اسم العميل، عنوانه، والمنطقة، فإن سائقي التوصيل اعتادوا على الاتصال على العملاء بالسؤال المعتاد: «أرسل اللوكيشن!» وكأن الأمر أصبح شرطًا للتوصيل! وهذا الطلب المتكرر بات مصدرًا للإزعاج، خاصة عندما يتحول إلى سلسلة اتصالات غير مبررة، مثل: «أي شارع؟»، «أي بوابة» أو أرسل «نعم للتأكيد»، «هل هذا هو المنزل الصحيح؟»، وبعضهم لا يفهم عربي ولا إنكليزي! وكأنه صار لازمًا علينا تعييّن سكرتارية للرد على اتصالات ورسائل سائقي التوصيل المستفزة!

Ad

سؤالي لشركات التوصيل: لماذا لا تستثمر الشركات في تدريب «عمالتها» على استخدام خرائط «غوغل» وتتبع العناوين المرفقة دون الحاجة لإزعاج العملاء؟ ماذا لو كان العميل لا يستخدم تطبيق «واتساب» أو يفضل الاحتفاظ بخصوصيته؟ إن الإصرار على إرسال (اللوكيشن) عبر الواتساب يُظهر عدم احترافية ويُثقل كاهل العميل بمزيد من المهام، وهو ما يتعارض مع جوهر الخدمة المتمثل في الراحة والتسهيل.

قد يبدو للبعض أن هذه الاتصالات أمر بسيط، لكنها تحمل عبئًا كبيرًا على أولئك الذين قد يكونون مشغولين في اجتماعات عمل أو منهمكين بجدول مزدحم، وهو ما دفعهم أساسا لاختيار الشراء عبر الإنترنت، فمن غير المعقول أن يتحمل العميل عبء تنظيم عملية التوصيل في حين يُفترض أن يقوم السائق بكل ما يلزم للوصول باستخدام التفاصيل المرفقة لديه، بالله عليكم كيف كانت الطلبات تصل سابقًا عندما لم نكن نملك لا «واتساب» ولا «لوكيشن»!

الحل ليس معقدًا، لذلك يجب على الشركات التي تقدم خدمات التوصيل تدريب موظفيها على استخدام التكنولوجيا المتاحة، مثل التطبيقات الذكية التي تمكّنهم من تحديد مواقع العملاء بدقة بناءً على العناوين المكتوبة، فمسؤولية التوصيل تقع على السائق لا العميل.

في النهاية، نجاح خدمات التوصيل لا يعتمد على السرعة فقط، بل على احترام وقت العميل وخصوصيته، فأتمنى أن تعاد صياغة قواعد التوصيل بطريقة مهنية وفاعلية أكثر، وأن يستوعب سائقو التوصيل أن رواتبهم رهن توظيف العقل وتشغيله، لا مجرد «دقّة سلف»!