بداية، قال الخبير والاستشاري النفطي، د. عبدالسميع بهبهاني: شهد خام برنت ارتفاعًا كبيرًا في أسعاره، متجاوزًا حاجز الـ 80 دولارًا للبرميل، وهو أعلى مستوى له منذ 3 أشهر، على الرغم من قوة الدولار، ويعكس هذا الارتفاع في الأسعار قوة الطلب المتزايدة في الأسواق العالمية، وهو العامل الأكثر منطقية لتفسير هذا الصعود.
وأضاف: كما ساهمت عوامل متعددة في دعم هذا الاتجاه التصاعدي، أبرزها انخفاض المخزونات بشكل مبكر، نتيجة حلول الطقس البارد على أوروبا وأميركا الشمالية في وقت أبكر من المتوقع، وقد أدى ذلك إلى تراجع مخزونات الطاقة في أوروبا بنسبة 60 بالمئة، في حين سجلت الولايات المتحدة انخفاضًا بنحو 4 ملايين برميل، فضلا عن تفاؤل بأثر التحفيز الاقتصادي الصيني.
وأشار بهبهاني الى أن هذا الارتفاع في الأسعار لا يُعد مجرد طفرة مؤقتة، بل من المتوقع أن يستمر حتى نهاية الربع الثاني من العام الحالي، لافتا الى أنه على الرغم من وجود بعض المؤشرات الأخرى مثل العقوبات الجديدة على روسيا، وتكدس الناقلات دون تفريغ، وزيادة تكاليف الشحن، فإنها تُعد عوامل ضعيفة وغير كافية للتأثير الجوهري على السوق، وبالتالي، فإن العوامل الأساسية، مثل الطلب والمخزونات، تبقى المحرك الرئيسي لأسعار النفط خلال الفترة المقبلة.
من ناحيته، قال الخبير النفطي، د. خالد بودي، إن الارتفاع في أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة يرجع بشكل رئيس إلى العقوبات الأميركية على النفط الروسي، ويرجع أيضا إلى السياسات التي قد تتبناها إدارة ترامب القادمة تجاه إيران، وقد يشمل ذلك تشديد الحظر على صادراتها النفطية.
وأضاف: كما أن التوقعات المتفائلة بانتعاش الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي ساهمت في دفع أسعار النفط إلى الأعلى، وذلك إضافة إلى أن سياسة «أوبك بلس» الحالية بعدم ضخ كميات إضافية من النفط إلى الأسواق عززت وضع الأسعار.
وذكر بودي أنه بشكل عام، لا يزال النفط يتبوأ مركزا متميزا ضمن مصادر الطاقة، بينما الطاقة المتجددة لا تزال مساهماتها محدودة في عالم الطاقة، وهذا يسهم في استمرار الطلب على النفط وارتفاع أسعاره.
بدوره، قال الخبير النفطي أحمد كرم: أصبحت تأثيرات الحرب الروسية - الأوكرانية تظهر مجددا على الساحة السياسية العالمية والاقتصاد العالمي تزامناً مع خروج حكومة بايدن الأميركية ودخول ترامب مجددا. فالجميع يعلم أنه دائما ما تسعى الحكومات الأميركية على آخر فترات توليها بأخذ القرارات التي من شأنها توسّع شعبية هذه الحكومة المنتهية.
وأضاف أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها أميركا والدول الأوروبية على شركات قطاع النفط الروسي وشركات التأمين والوسطاء وما يفوق 180 من شركات سفن النقل البترولية الروسية، سعيا منها للضغط على روسيا للوصول الى حل سلمي ووقف التوترات السياسية مع أوكرانيا وإنهائها بشكل تام، قد جاءت بثمارها حاليا من تخوف بعض الدول المستوردة للنفط الروسي أو حتى التعامل مع السفن الروسية كالصين والهند لما يهددها من أن تصل هذه العقوبات لها.
ولفت الى أن الأسواق العالمية للنفط بدأت تتأثر الآن بنقص العرض وزيادة الطلب، وخاصة في فترة الشتاء التي يتزايد فيها أيضا الطلب على وقود التدفئة.
وتابع: ولهذا بدأنا نرى ارتفاعاً في أسعار النفط وربما سنراه يستمر لفترة قصيرة حتى تتضح الصورة كاملة لما ستنتهي إليه العقوبات الأميركية - الأوروبية على الشركات النفطية الروسية، ومدى تأثيرها على الأسواق النفطية بشكل أوضح.
وقال ان التوقعات الحالية تتجه الى أن يصل سعر النفط الى نحو 85 أو حتى 90 دولاراً على المدى القصير، ولكن من جانب آخر نرى ردة الفعل الروسية على هذه العقوبات بتصغيرها، وأنها لن يكون لها أي تأثير يُذكر، وسيرى العالم قريبا صحة كلامهم. وعلى أي حال، نحن نترقب ما ستؤول إليه الفترة المقبلة من أحداث وحقائق ستجعل توقعات اتجاه أسعار النفط أكثر دقة.