في هذا الجزء من المقال سأتناول بعض الأفكار والتوصيات والحلول التي تناولها د.ناصر المصري في مداخلته القيمة، حيث استطرد في نهاية مناقشته للمقال بأنه لو كان مستشارا أو متخذ قرار فسيتبع نهجا مدروسا ومبنيا على البيانات والمعطيات الواقعية، وذكر أهم ما سيفعله لمعالجة هذه القرارات التي قد تكون مضرة للاقتصاد الوطني:

1. إعادة تقييم القرار: وذلك من خلال إعداد دراسة شاملة تتناول تأثير التقاعد المبكر على الاقتصاد الوطني، ونظام التأمينات الاجتماعية، وكفاءة الجهاز الحكومي، ودراسة أخرى تتعلق بسياسات التقاعد في الدول ذات الظروف المماثلة للكويت لاستخلاص الدروس وأفضل الممارسات.

Ad

2. تحديد البدائل العملية: إذ يمكن وضع خطة تقاعد تدريجي، حيث يتم تقليل ساعات العمل أو تغيير طبيعة الوظيفة لمن هم فوق سن معينة بدلا من الإحالة المباشرة للتقاعد، كما يُمكن الاستفادة من الموظفين الأكبر سنا كمرشدين ومستشارين لتدريب الشباب ونقل الخبرات إليهم.

3. تطوير نظام الموارد البشرية في الحكومة: يمكن إنشاء قاعدة بيانات شاملة تحدد الوظائف الحساسة والنادرة التي يجب عدم إحالة العاملين فيها للتقاعد إلا عند توافر بدائل كافية، وتطوير نظام إحلال تدريجي يضمن استيعاب الشباب دون المساس بالإنتاجية والخبرات.

4. التراجع عن القرارات غير المدروسة: وقد اقترح د.ناصر تعديل القرار ليكون التقاعد اختياريا عند سن الـ50 للمرأة والـ55 للرجل، مع ترك المجال للراغبين بالاستمرار، وعدم إنهاء عقود الخبرات النادرة وإنهاء عقود المستشارين والمتخصصين إلا بعد التأكد من عدم الحاجة الفعلية لخدماتهم.

5. تحسين إدارة التأمينات الاجتماعية: وذلك من خلال الدعوة لمراجعة شاملة لنظام التأمينات الاجتماعية لضمان استدامته مع تقليل الأعباء المالية الناتجة عن فترات التقاعد الطويلة، ويمكن فتح المجال للمتقاعدين لمزاولة أعمال خاصة أو تقديم استشارات دون المساس بمعاشاتهم التقاعدية.

6. تعزيز التواصل المجتمعي: وذلك من خلال إطلاق حوار وطني أو استطلاع رأي لضمان أن تكون القرارات الحكومية مقبولة شعبيا، والتأكيد على الشفافية في شرح أسباب القرار وأهدافه وآثاره المتوقعة.

7. التوجه نحو الإصلاح الشامل: بالتركيز على تطوير الأجهزة الحكومية حتى تكون أكثر إنتاجية وكفاءة قبل التفكير في الإحالة للتقاعد، كما يجب أن يكون إحلال الشباب جزءا من خطة شاملة لخلق بيئة عمل محفزة ومنتجة.

ويرى د.ناصر أنه بدلا من اتخاذ قرارات قد تؤدي إلى تعطيل عجلة الإنتاج أو زيادة الأعباء المالية، ضرورة العمل على تحقيق التوازن بين ضخ الدماء الشابة والحفاظ على الخبرات، مع ضمان عدم الإضرار بالاقتصاد الوطني أو الكفاءات البشرية.

وفي نهاية مداخلته القيمة ذكر د.ناصر أنه من خلال تقييم الوضع في الكويت بناء على ما تم ذكره، فإن هناك مجموعة من التحديات الكبيرة التي تحتاج إلى معالجة جذرية لضمان تحسين كفاءة القطاع العام وتعزيز الأداء الاقتصادي والاجتماعي، حيث أشار إلى بعض الملاحظات والمشاكل حول الوضع الحالي وكيفية معالجتها:

1. مشكلة التوظيف العشوائي في القطاع العام: إذا كان هناك توظيف غير مدروس أو يعتمد على العلاقات الشخصية أو الولاءات السياسية، فقد يؤدي ذلك إلى وجود أفراد غير مؤهلين أو غير منتجين في الوظائف الحكومية، وهذه ظاهرة تضر بالكفاءة العامة وتقلل قدرة القطاع العام على تحقيق أهدافه.

• الحل: يجب أن تكون آلية التوظيف مبنية على معايير واضحة تعتمد على الكفاءات والمؤهلات، مع تفعيل نظم تقييم الأداء وتطوير موظفي القطاع العام باستمرار، فهناك حاجة ملحة لإعادة هيكلة بعض القطاعات لتشجيع الابتكار والكفاءة.

2. مشكلة التقاعد المبكر وسنوات العمل غير المنتجة: التقاعد المبكر قد يكون له تأثير سلبي على القدرات البشرية المتاحة في القطاع العام، كما أن «سنوات العمل غير المنتجة» تتضمن الإجازات غير الضرورية، والغيابات، أو حتى ساعات العمل المهدرة.

• الحل: إذا كان الهدف هو تحسين الأداء، يجب على الحكومة تبني سياسات مرنة وواقعية تتضمن تقليص التقاعد المبكر غير المدروس وتقديم حوافز للإنتاجية، يمكن دمج تقنيات العمل عن بُعد أو العمل المرن لزيادة الكفاءة.

3. مشكلة القدرات البشرية المهدرة: إهدار القدرات البشرية يمكن أن يكون نتيجة لعدة أسباب، من بينها نقص التدريب والتطوير المهني، أو تكدس الموظفين في وظائف غير مؤثرة.

• الحل: يجب وضع آليات لتقييم وتطوير الموظفين بشكل دوري، وتقديم فرص تدريبية وتأهيلية لتحسين الكفاءات، وإعادة توزيع الموظفين على المهام التي تلائم قدراتهم يمكن أن يعزز من الاستفادة القصوى من الموارد البشرية المتاحة.

4. مشكلة عدم تفعيل قانون دعم العمالة ونسب التوطين: رغم وجود قوانين لدعم العمالة الوطنية، يبدو أن التنفيذ غير فعال أو يتسم بالتسويف، كما أن نسب التوطين في بعض القطاعات قد تكون منخفضة مقارنة بالاحتياجات الفعلية.

• الحل: يجب تحسين تطبيق القوانين الخاصة بدعم العمالة الوطنية وتحديد آليات تفعيل حوافز للمؤسسات التي تستثمر في تدريب وتوظيف الكوادر الوطنية، ويمكن أيضا تحسين التوازن بين القطاع العام والخاص في هذا المجال.

5. مشكلة ساعات العمل الضائعة: ساعات العمل الضائعة قد تكون نتيجة لعوامل عديدة مثل سوء الإدارة، أو قلة الحوافز، أو ضعف الرقابة على الالتزام بأوقات العمل.

• الحل: يجب أن يتم مراقبة ساعات العمل بشكل دقيق، مع تطوير آليات لمكافأة الموظفين الذين يظهرون التزاما وإنتاجية عالية، بالإضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية الانضباط في أوقات العمل.

وفي نهاية مداخلته القيمة ذكر د.ناصر أنه ليس مقتنعا بالوضع الحالي في القطاع العام في الكويت في ظل التحديات المذكورة، ولتحسين الوضع، يجب تبني سياسات واضحة تهدف إلى تحسين الكفاءة، وتدريب الموظفين، وتقليص التوظيف العشوائي، بالإضافة إلى تفعيل قوانين دعم العمالة ونسب التوطين بفعالية أكبر، والأولوية يجب أن تكون لإصلاح النظام الإداري والموارد البشرية بحيث يكون الهدف الأساسي تحقيق الإنتاجية والكفاءة مع تحسين بيئة العمل وتحفيز الموظفين على تقديم أفضل ما لديهم من مهارات وقدرات.

هذه بعض المداخلات والملاحظات القيمة التي أثارها الدكتور الفاضل ناصر المصري، وأحببت أن يتم الاطلاع عليها بهدف زيادة جودة القرارات الحكومية وصولا لتنمية مستدامة.

ودمتم سالمين.