أثار اكتشاف عدد من المومياوات الفرعونية في مصر، قبل أيام، حالة من الدهشة التي يلفها الغموض، خصوصاً أن تلك المومياوات التي جرى العثور عليها في منطقة أثرية شمال القاهرة بدت مقطوعة الألسن، وجرى تثبيت ألسنة مصنوعة من معدن الذهب في مكانها، فيما رجح علماء آثاريون أن السبب يرجع إلى أسطورة مرتبطة بالإله أوزوريس، قاضي الموتى عند المصريين القدماء، لإقناعه بشمولهم بالرحمة بعد موتهم وانتقالهم إلى الحياة الآخرة.

وأعلنت وزارة الآثار والسياحة في مصر اكتشاف مقابر جديدة في جبانة قويسنا الأثرية الواقعة بمحافظة المنوفية، تحتوي على عدد من المومياوات ذات ألسنة ذهبية، وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، إن البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس، والتي تعمل في جبانة قويسنا، نجحت خلال موسم الحفائر الحالي، في الكشف عن امتداد للجبانة، يضم مقابر أثرية ترجع لفترات زمنية مختلفة.

رقائق ذهبية
Ad


وأوضح أن البعثة عثرت أيضاً على عدد من الرقائق الذهبية على هيئة ألسنة آدمية، في أفواه بعض المومياوات المكتشفة في حالة سيئة من الحفظ، إلى جانب العثور على بعض الدفنات عبارة عن هياكل عظمية ومومياوات تم تجليدها بالذهب على العظم مباشرة تحت اللفائف الكتانية والأصماغ والقار المستخدم في عملية التحنيط، إضافة إلى بقايا توابيت خشبية على الهيئة الآدمية وعدد من المسامير النحاسية المستخدمة في تلك التوابيت.

في السياق، أوضح رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، أيمن عشماوي، أن أجزاء الجبانة المكتشفة تتميز بطراز معماري فريد، إذ شُيدت من الطوب اللبن، وتتكون من بئر مخصصة للدفن في الجهة الغربية للجبانة وعلى جانبيها غرفتان، إضافة إلى القبو الرئيس الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب وبه ثلاث حجرات للدفن مقبية الأسقف وتتجه من الشرق للغرب.

تمائم جنائزية

من جانبه، أوضح رئيس الإدارة المركزية للوجه البحري، قطب فوزي، أن البعثة نجحت أيضاً في الكشف عن عدد من الرقائق الذهبية على هيئة جعران، وزهرة اللوتس، وكذلك عدد من التمائم الجنائزية والجعارين الحجرية والأواني الفخارية التي جرى استخدامها في عملية التحنيط.

واهتمت صحف عالمية بإلقاء الضوء على الكشف الأثري الجديد، من بينها صحيفة ديلي ميل البريطانية، التي نشرت تقريراً أشارت فيه إلى أن الخبراء يعتقدون أن «ألسنة المومياوات الحقيقية أزيلت أثناء التحنيط، وجرى استبدالها برقائق ذهبية، ليتمكن المُتوفى من التحدث إلى الإله أوزوريس في الحياة الآخرة».

قاضي الموتى

ويُعد أوزيريس من بين أهم آلهة مصر القديمة، ويوصف بأنه «رب العالم السُفلي» و»قاضي الموتى». ووفق أسطورة قديمة، فإن أوزوريس قُتل وجرى تقطيعه إلى قطع منتشرة في جميع أنحاء مصر، حتى تمكنت أخته وزوجته إيزيس من إحيائه بعد العثور على كل القطع، وجعل زوجها كاملاً مرة أخرى. فيما يُعتقد أن وجود لسان ذهبي ربما سمح للموتى بإقناع أوزوريس بإظهار الرحمة لأرواحهم.

مومياوات الإسكندرية

وليست تلك المرة الأولى التي تُكتشف فيها مومياوات بألسنة ذهبية، ففي فبراير 2021 أعلنت وزارة السياحة والآثار العثور على مومياوات مشابهة في معبد تابوزيريس ماغنا غرب مدينة الإسكندرية الساحلية، وُضِعت في أفواهها ألسنة ذهبية تعود إلى نحو ألفي عام.

وذكرت الوزارة، وقتذاك، أن هذه التمائم الذهبية «كانت توضع في فم المتوفى في طقس خاص، لضمان قدرته على النطق في العالم الآخر أمام المحكمة الأوزيرية».