منذ أكثر من عقد من الزمن ونحن نؤكد أن رموز الدول هي التي تضع الرؤية وتصنع التغيير، والنخب تضع الدساتير والقوانين وليس الغوغاء ولا أعضاء مجلس أمة، كما حدث بالدول العظمى وبالكويت أيضاً برمزها عبدالله السالم ونخب الثلاثينيات، ومن جاء من أصلابهم وضعوا الدستور وأسسوا المجالس التأسيسية والتشريعية كعبدالعزيز الصقر ورفاقه، ثم انفرطت السبحة وتهاوت الدولة بعد تزوير الانتخابات وتزوير إرادة الشعب بقوانين التجنيس الجائر، كالمادة الثامنة والمادة 44 باعتبار أولاد المتجنس كويتيين بصفة أصلية، لتوطين شريحة لا تنتمي لهذا النسيج الاجتماعي وتمكنّهم من حقوق أصيلة للمواطنين لا يستحقونها، كالمال العام والحق السياسي المؤدي لاختطاف إرادة الشعب والسيطرة على البرلمان، وما صاحب ذلك من تزوير للانتخابات ورشوة النواب، وآخرها الإيداعات وحكومات فاسدة كالبرلمان، لننتهي ببلد نخر السوس أساساته.
ثم يتحقق الحلم بالعهد الجديد، ويأتي الرمز ليضع مرة أخرى الرؤية ويصنع التغيير بتعطيل المجلس وتطهير الجنسية الذي أيّدته الغالبية الوطنية، فظهرت أصوات وطنية جانبية لم يحالفها الصواب، دعت إلى التريث غير مدركة للمخاطر، وأصوات معارضة أصحاب مصالح من بؤر فاسدة كحكومات ومجالس أمة سابقة وذباب إلكتروني متضررين بشكل أو بآخر ليتعلق جميعهم بشماعة الإنسانية!
فلاحظنا الأسبوع الماضي الإساءة للبلاد من قبل نائب سابق ومسؤول حكومي سابق أيضاً، كسائر الذباب، للدفاع عمّن سحبت جناسيهم بالمادة الثامنة، فالأخ الذي لا هو فالح بالمجلس ولا خارج المجلس، يقول إن سحب جناسي زوجة وأم الكويتي يتم لأنهن الحلقة الأضعف، وراح يهذي وبالكويتي «يخربط» بشكل مضحك، بأنه لن يقبل سحب جناسيهن وجعلهن مستضعفين في بلد كالكويت تقدم المساعدات للدول المحتاجة، وقصده المستضعفة، لاستدرار العطف الإنساني، وهو تماماً ما أعرب عنه أحد الكتّاب، مسؤول سابق بوزارة سيادية شبع من المال العام، ربط إسقاط الجنسية عن زوجات الكويتيين بالتأثير السلبي على سمعة الكويت بمنظمات حقوق الإنسان ومصداقيتها بالأمم المتحدة والجامعة العربية، وتأثيرها على التقدير الدولي لعطائها الإنساني.
نقول للإخوة أن يكرمونا بسكوتهم، فاستدرار العطف، كما يفعله الذباب والمعارضون أمثالكم، بتصوير الوافدة المتجنسة بالمستضعفة يخالف الواقع، نظراً لما يتمتعن به من مزايا فاقت ما تتمتع به المرأة الكويتية، فقرابة المئة ألف ممن يتمتعن بكل الحقوق والمال العام أصبحن نافذة لاستقدام أهاليهن، بالإقامات وعدم الممانعات وكروت الزيارة للإضرار بالتركيبة السكانية من شركاتهن التي لم يطلعنا أحد على أعدادها وأعداد العمالة الوافدة المتكدسة فيها، كما تساءلنا في السابق! ولا على آثار استغلال بعضهن لنفوذ أزواجهن من بعض القيادات لتوظيف عشيرتهن بالجهات الحكومية، بل واستغلال بعض مؤسسات مرافق الدولة كما فعلت إحداهن باستقبال أهلها في قاعة التشريفات بالمطار.
كما لم يطلعنا أحد على حجم القضايا التي تزخر بها المحاكم من منازعات وطلاق وسلب الحقوق بسبب تجنيسهن، علاوة على أثرهن على سلوكيات المجتمع، وقدرتهن على الزواج من وافد بعد الطلاق، والتوطين وصل في السابق إلى حد تجنيس أبنائهم واستغلال المال العام.
إن وقاحة وصم الكويت بالإساءة إلى حقوق الإنسان بسبب سحبها للجنسية وفقاً لقوانينها يُعد تطاولاً وإضراراً بسمعتها وموقفها المشرّف لعقود من الزمن فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، كما أن الأمم المتحدة لن تترك كل الدول العنصرية والمجرمة من أعضائها تجاه هضم حقوق الإنسان والضعفاء وممارسة القتل والتعذيب، سواء في الدول العربية والآسيوية والإفريقية، وما ترتكبه الدول العظمى من جرائم بحق البشرية، لتقوم باتهام الكويت وسجّلها الناصع كما يحاول تشويهه بعض المعارضين لسحب الجناسي، الذي هو من حقوق السيادة لتطهير الجنسية، ولتصمت بعض الأفواه، وإلى جهنم بمفهومها المغلوط لمعنى «الإنسانية»!
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.