اتفقت دولة الكويت وجمهورية الهند، أمس، على رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية استناداً إلى العلاقات التقليدية الوثيقة والودية بين البلدين والرغبة في تعميق التعاون في جميع المجالات.
وأكد الجانبان، في بيان مشترك بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي إلى الكويت، أن الشراكة الاستراتيجية ستعزز المصالح المشتركة للبلدين وستعود بالفائدة على الشعبين الصديقين.
ورحب الجانبان بتوقيع مذكرة تفاهم في مجال الدفاع، التي ستوفر الإطار اللازم لتعزيز العلاقات الثنائية في هذا المجال، بما في ذلك من خلال التدريبات العسكرية المشتركة والدفاع البحري والسلامة البحرية والتطوير والإنتاج المشترك للمعدات الدفاعية.
وشجعا على الاستثمار والمشاركة في مشاريع البنية التحتية ووجها السلطات المعنية في البلدين إلى الإسراع بإنهاء المفاوضات الجارية بشأن الاستثمارات الثنائية.
وجاء في نص البيان المشترك أنه بدعوة من سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، قام رئيس وزراء الهند بزيارة رسمية إلى دولة الكويت يومي 21 و22 ديسمبر الجاري، وتعد زيارته الأولى لدولة الكويت.
وقد استقبل صاحب السمو، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، رئيس وزراء الهند استقبالاً رسمياً في قصر بيان، وأعرب مودي عن تقديره العميق لصاحب السمو لمنحه أعلى وسام في الكويت «قلادة مبارك الكبير» كما تم عقد لقاء رسمي جرى خلاله تبادل وجهات النظر حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ومتعددة الأطراف ذات الاهتمام المشترك.
واتفق الجانبان على رفع مستوى العلاقات الثنائية بين الكويت والهند إلى «شراكة استراتيجية» استناداً إلى العلاقات التقليدية الوثيقة والودية بين البلدين والرغبة في تعميق التعاون في جميع المجالات، وأكد الجانبان أن الشراكة الاستراتيجية ستعزز المصالح المشتركة للبلدين، وستعود بالفائدة على الشعبين الصديقين.
وأجرى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد العبدالله المباحثات الرسمية مع رئيس وزراء الهند، وفي إطار الشراكة الاستراتيجية الجديدة جدد الطرفان التزامهما بتعزيز العلاقات الثنائية من خلال التعاون الشامل والمنظم في المجالات «السياسية - التجارية - الاستثمارية - الدفاع - الأمن - الطاقة - الثقافة - التعليم - التكنولوجيا» وتعزيز الروابط الشعبية.
واستذكر الجانبان الروابط التاريخية الممتدة لقرون بين الشعبين الصديقين والقائمة على التاريخ المشترك والتقارب الثقافي، وأعربا عن رضاهما تجاه التفاعلات المنتظمة على مختلف المستويات، التي ساعدت في تعزيز الزخم في التعاون الثنائي متعدد الأوجه، وأكد الجانبان أهمية استمرار التبادلات الثنائية رفيعة المستوى على المستوى الوزاري وكبار المسؤولين.
لجنة تعاون مشتركة
ورحب الجانبان بإنشاء لجنة التعاون المشتركة «JCC» بين دولة الكويت وجمهورية الهند، التي ستعمل كآلية مؤسسية لمراجعة ومتابعة جميع جوانب العلاقات الثنائية، وسيترأس اللجنة وزيرا خارجية البلدين، كما تم إنشاء مجموعات عمل مشتركة جديدة في مجالات «التجارة - الاستثمارات - التعليم - تنمية المهارات - العلوم والتكنولوجيا - الأمن - مكافحة الإرهاب- الزراعة - والثقافة» إلى جانب مجموعات العمل القائمة في مجالات «الصحة - العمالة - والهيدروكربونات» وأكد الجانبان ضرورة عقد اجتماعات اللجنة ومجموعات العمل في أقرب وقت ممكن.
وأقر الجانبان بالدور المحوري للتجارة كحلقة وصل دائمة بين البلدين، وأكدا على الإمكانات الكبيرة لمزيد من النمو وتنويع التجارة الثنائية، كما شددا على أهمية تبادل الوفود التجارية وتعزيز الروابط المؤسسية.
فرص الاستثمار
ونظراً للنمو السريع للاقتصاد الهندي واعترافاً بقدرات دولة الكويت الاستثمارية ناقش الجانبان فرص الاستثمار المختلفة في جمهورية الهند، وأعرب الجانب الكويتي عن اهتمامه باستكشاف فرص الاستثمار في قطاعات «التكنولوجيا، السياحة، الرعاية الصحية، الأمن الغذائي، والخدمات اللوجستية» وغيرها، كما رحب الجانب الكويتي بالخطوات التي اتخذتها جمهورية الهند لتوفير بيئة مواتية للاستثمار في العديد من القطاعات التكنولوجيا والسياحة والرعاية الصحية والأمن الغذائي والخدمات اللوجستية وغيرها.
وأكد الجانبان ضرورة تعزيز التواصل بين الهيئات الاستثمارية في دولة الكويت مع المؤسسات والشركات والصناديق الهندية.
كما شجع الجانبان على الاستثمار والمشاركة في مشاريع البنية التحتية ووجها السلطات المعنية في البلدين للإسراع في إنهاء المفاوضات الجارية بشأن الاستثمارات الثنائية.
وناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون الشراكة الثنائية في قطاع الطاقة مع التركيز على تحويل العلاقة إلى شراكة شاملة تشمل تعاوناً أكبر في مجالات استكشاف وتطوير النفط والغاز الصناعات البتروكيماوية والطاقة المتجددة، كما اتفق الطرفان على مناقشة مشاركة الكويت في برنامج جمهورية الهند لاحتياطي النفط الاستراتيجي.
شراكة دفاعية
إلى ذلك، اتفق الجانبان على أن الدفاع يشكل عنصراً مهماً في الشراكة الاستراتيجية بين دولة الكويت وجمهورية الهند ورحب الجانبان بتوقيع مذكرة تفاهم في مجال الدفاع التي ستوفر الإطار اللازم لتعزيز العلاقات الثنائية في مجال الدفاع بما في ذلك من خلال التدريبات العسكرية المشتركة والدفاع البحري والسلامة البحرية والتطوير والإنتاج المشترك للمعدات الدفاعية.
وأدان الجانبان بشكل قاطع الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره بما في ذلك الإرهاب العابر للحدود ودعوا إلى تعطيل شبكات تمويل الإرهاب وملاجئه الآمنة وتفكيك البنية التحتية للإرهاب، وأعربا عن تقديرهما للتعاون الثنائي القائم في مجال الأمن واتفقا على تعزيز التعاون في عمليات مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات والاستخبارات وتطوير وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات والتكنولوجيا وبناء القدرات وتعزيز التعاون في إنفاذ القانون ومكافحة غسيل الأموال وتهريب المخدرات والجرائم العابرة للحدود.
كما ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني، بما في ذلك منع استخدام الفضاء الإلكتروني للإرهاب والتطرف وزعزعة السلم في المجتمعات.
ومن جانبه، أشاد الجانب الهندي بنتائج أعمال المؤتمر رفيع المستوى الرابع حول «تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وبناء آليات مرنة لأمن الحدود - مرحلة الكويت من عملية دوشانبي» الذي استضافته دولة الكويت خلال الفترة 4-5 نوفمبر 2024.
تعاون صحي
وأقر الجانبان بأن التعاون في مجال الصحة يشكل إحدى الركائز المهمة للعلاقات الثنائية وأعربا عن التزامهما بتعزيز التعاون في هذا القطاع المهم، كما أعربا عن تقديرهما للتعاون الثنائي أثناء جائحة «كوفيد 19» وناقشا إمكانية إنشاء مصانع هندية لتصنيع الأدوية في دولة الكويت، كما أعربا عن نيتهما تعزيز التعاون في مجال تنظيم المنتجات الطبية في إطار المناقشات الجارية بشأن مذكرة تفاهم بين السلطات التنظيمية للأدوية.
وأعرب الجانبان عن اهتمامهما بالسعي إلى تعاون أعمق في مجال التكنولوجيا، بما في ذلك التقنيات الناشئة والوسائط الإلكترونية والذكاء الاصطناعي وناقشا سبل تعزيز التعاون بين الشركات وتعزيز الحوكمة الإلكترونية وتبادل أفضل الممارسات لتسهيل أعمال الشركات والصناعات في كلا البلدين في مجالات السياسات والتنظيم في قطاع الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات.
وأعرب الجانب الكويتي أيضاً عن اهتمامه بالتعاون مع جمهورية الهند لضمان الأمن الغذائي وناقش الجانبان مختلف سبل التعاون بما في ذلك استثمارات الشركات الكويتية في الموارد الغذائية في جمهورية الهند.
تحالف الطاقة الشمسية
كما رحب الجانب الهندي بقرار الكويت الانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية «ISA» مما يمثل خطوة مهمة نحو التعاون في تطوير واعتماد مسارات نمو منخفضة الكربون وتعزيز حلول الطاقة المستدامة.
وأعرب الجانب الهندي عن تطلعه للعمل عن كثب مع دولة الكويت لزيادة نشر الطاقة الشمسية على مستوى العالم ضمن إطار التحالف الدولي للطاقة الشمسية.
وأشار الجانبان إلى الاجتماعات الأخيرة بين سلطات الطيران المدني في كلا البلدين وأعرب الجانب الكويتي عن حرصه على النظر في زيادة السعة الركابية لرحلات الطيران، وأبدى الجانب الهندي استعداده للنظر في هذا الطلب للتوصل إلى حل يرضي الطرفين.
تبادل ثقافي ورياضي
وأعرب الجانبان عن تقديرهما لتجديد برنامج التبادل الثقافي (CEP) للفترة 2029-2025، الذي سيسهل تعزيز التبادلات الثقافية في مجالات الفنون والموسيقى ومهرجانات الأدب وأكدا التزامهما بتعزيز الروابط بين الشعوب وتقوية التعاون الثقافي.
كما أعرب الجانبان عن ارتياحهما لتوقيع البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الرياضة للفترة 2028-2025، الذي سيعزز التعاون في مجال الرياضة بما يشمل التبادل المتبادل وزيارات الرياضيين وتنظيم ورش العمل والندوات والمؤتمرات وتبادل المنشورات الرياضية بين البلدين.
وأكد الجانبان أهمية التعليم كأحد مجالات التعاون المهمة بما يشمل تعزيز الروابط المؤسسية والتبادلات بين مؤسسات التعليم العالي في كلا البلدين، كما أعرب الجانبان عن اهتمامهما بالتعاون في مجال تكنولوجيا التعليم واستكشاف الفرص المتاحة للمنصات التعليمية عبر الإنترنت والمكتبات الرقمية لتحديث البنية التحتية التعليمية.وكجزء من الأنشطة بموجب مذكرة التفاهم بين معهد الشيخ سعود الناصر الصباح الدبلوماسي الكويتي ومعهد سوشما سواراج للخدمة الخارجية (SSIFS) رحب الجانبان بمقترح تنظيم دورة خاصة للدبلوماسيين والضباط الكويتيين في معهد SSIFS في نيودلهي.
التعاون الخليجي - الهندي
وهنأ رئيس وزراء الهند، صاحب السمو أمير البلاد على تولي الكويت الرئاسة الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، معرباً عن الثقة بأن التعاون الخليجي - الهندي سيزداد قوة تحت قيادته وحكمته.
كما رحب الجانبان بنتائج الاجتماع الوزاري المشترك الأول للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية الهند، الذي عقد على مستوى وزراء الخارجية بمدينة الرياض 9 سبتمبر 2024 كما أكد الجانب الكويتي بصفته الرئيس الحالي لمجلس التعاون دعمه الكامل لتعميق التعاون بين الجانبين بموجب خطة العمل المشتركة والتي تم اعتمادها مؤخراً في مجالات مثل الصحة، التجارة، الأمن، الزراعة، الأمن الغذائي، النقل، الطاقة، والثقافة.
كما شدد الجانبان على أهمية الانتهاء المبكر من اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع جمهورية الهند اثناء رئاسة دولة الكويت لمجلس التعاون لعام 2025.
وفي سياق إصلاح الأمم المتحدة، شدد القادة على ضرورة إصلاح الأمم المتحدة لتكون أكثر تمثيلاً وفعالية، وإلى أهمية وجود نظام متعدد الأطراف، مؤكدين أهمية الحاجة إلى توسيع العضوية بمجلس الأمن لجعله أكثر تمثيلاً ومصداقية وفعالية.
توقيع اتفاقيات
وتم التوقيع على عدد من الإتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائي هي مذكرة تفاهم بين دولة الكويت وجمهورية الهند في مجال الدفاع للفترة 2029-2025، وبرنامج التبادل الثقافي بين دولة الكويت وجمهورية الهند للفترة 2025 - 2029، والبرنامج التنفيذي بين دولة الكويت وجمهورية الهند للتعاون في مجال الرياضة للفترة 2028-2025، إضافة إلى انضمام دولة الكويت إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية (ISA).
تقدير مساهمات الجالية الهندية
أقر الجانبان بأن الروابط الشعبية التي تعود لقرون تمثل ركيزة أساسية للعلاقات التاريخية بين دولة الكويت والهند، وأعربت القيادة الكويتية عن تقديرها العميق لدور ومساهمة الجالية الهندية في دولة الكويت في تعزيز جهود التنمية، مشيرة إلى أن المواطنين الهنود في دولة الكويت يحظون باحترام كبير لطبيعتهم المسالمة وعملهم الدؤوب، ونقل رئيس الوزراء ناريندرا مودي تقديره لقيادة دولة الكويت لاهتمامها برعاية ورفاهية الجالية الهندية النشطة في دولة الكويت.
وشدد الجانبان على عمق وأهمية التعاون طويل الأمد والتاريخي في مجال تنقل القوى العاملة والموارد البشرية واتفق الجانبان على عقد اجتماعات منتظمة للحوار القنصلي وحوار العمل والقوى العاملة لمعالجة القضايا المتعلقة بالمغتربين وتنقل العمالة والمسائل ذات الاهتمام المشترك.
وأعرب الجانبان عن تقديرهما للتنسيق الممتاز بينهما في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل متعددة الأطراف ورحب الجانب الهندي بانضمام دولة الكويت كشريك حوار في منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) خلال رئاسة جمهورية الهند للمنظمة في عام 2023، كما أعرب الجانب الهندي عن تقديره للدور النشط لدولة الكويت في حوار التعاون الآسيوي (ACD) وأشار الجانب الكويتي إلى أهمية بذل الجهود اللازمة لاستكشاف إمكانية تحويل حوار التعاون الآسيوي إلى منظمة إقليمية.