أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأول، أن مطالبة إثيوبيا، البلد غير الساحلي في القرن الإفريقي، بالوصول إلى البحر، هي «مطلب مشروع»، مرحّباً بالاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه مع الصومال بوساطة تركية بشأن هذه القضية الإقليمية الحساسة.
وصرح ماكرون في ختام اجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، في أديس أبابا «ما قاله رئيس الوزراء بشأن الوصول إلى البحر، وحاجة إثيوبيا إلى تنويع منافذها، والتحكم في مصيرها في بيئة إقليمية صعبة جداً، هو مطلب مشروع». وشجع الرئيس الفرنسي على «مواصلة الحوار لإحلال السلام بشكل دائم في القرن الإفريقي، مع احترام سيادة جميع الأطراف».
من جهته، قال أبي أحمد إن ماكرون، الذي عُرضت صوره على لوحات عملاقة في العاصمة الإثيوبية، «صديق» و«أخ»، داعياً فرنسا إلى «الاستثمار في إثيوبيا».
وتعهد الرئيس الفرنسي بــ«دعم أجندة الإصلاح الطموحة» التي أطلقتها أديس أبابا لتحرير اقتصادها، لاسيما من خلال «دعم من الوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ 100 مليون يورو».
وأضاف أن باريس ستمنح أيضاً «قرضاً استثنائياً» من الوكالة الفرنسية للتنمية (80 مليون يورو) لتحديث شبكة الكهرباء في إثيوبيا، بمشاركة شركات فرنسية.
وعبّر الرئيس الفرنسي عن دعمه الكامل لجهود إعادة هيكلة الديون في إثيوبيا، مؤكداً ضرورة التوصل إلى حل سريع «في الأسابيع المقبلة»، بعد أن توصلت أديس أبابا وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق الشهر الماضي بشأن المراجعة الثانية لبرنامج تمويل قيمته 3.4 مليارات دولار.
وأضاف أن فرنسا تدعم بشكل كامل المباحثات الجارية مع صندوق النقد الدولي.
وفي وقت سابق، زار ماكرون جيبوتي، حيث شارك عشاء عيد الميلاد مع القوات الفرنسية الجمعة في آخر قاعدة عسكرية فرنسية كبيرة في إفريقيا.
وشدّد الرئيس الفرنسي على أهمية الوجود العسكري لبلاده في جيبوتي من أجل تطوير استراتيجيته في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، خلال لقاء مع نظيره الجيبوتي إسماعيل عمر غيله.
قال ماكرون إنّ «هذا الوجود في جيبوتي موجّه أيضاً نحو منطقة المحيط الهندي والمحيط الهادئ، واستراتيجيتنا الجديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ التي تم تعزيزها منذ ربيع عام 2018 لا يمكن تنفيذها بدون القوات الفرنسية في جيبوتي».
وفي حين اضطرت فرنسا إلى سحب قواتها من عدة دول إفريقية، خصوصاً في منطقة الساحل، أشار الرئيس الفرنسي إلى تفرد جيبوتي التي تتمتع بالاستقرار وسط منطقة مضطربة.
وتقع هذه الدولة الصغيرة في شرق إفريقيا قبالة اليمن، عند مصبّ البحر الأحمر في مضيق باب المندب، حيث يمرّ جزء كبير من التجارة العالمية بين آسيا والغرب، وستضيف قواعد صينية ويابانية وأميركية وفرنسية وغيرها.
ويتركز حوالي 60% من إجمالي الناتج المحلي العالمي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ التي تغطي مساحة واسعة من آسيا وأوقيانوسيا، بما في ذلك الدول الناشئة الكبرى مثل الهند والصين.
وأمام الجنود الفرنسيين الذين شاركهم عشاء عيد الميلاد الجمعة، أكد ماكرون أن القاعدة الفرنسية في جيبوتي التي تؤوي 1500 جندي، وهي تالياً أكبر قوة فرنسية في الخارج والوحيدة التي لم تتأثر بقرار باريس في السنوات الأخيرة خفض وجودها العسكري في القارة الإفريقية، ستعمل على «إعادة ابتكارها» لتكون «نقطة انطلاق» لـ «مهمات» في إفريقيا.
واضطرت فرنسا لإجلاء قواتها من مالي وبوركينا فاسو والنيجر بين عامي 2022 و2023 بعد وصول الجيش إلى السلطة.
من جهته، أشار رئيس جيبوتي إلى «العلاقة المتميزة» مع فرنسا، والتي اتسمت بتجديد اتفاقية الشراكة الدفاعية المبرمة بين البلدين في يوليو. كما رحّب بالتوقيع على اتفاقيتين تتعلقان ببناء مطار جديد في جيبوتي وتطوير وكالة فضاء. ولم يتم الإعلان عن تفاصيل الاتفاقية التي تمّ تجديدها وتنتظر التصديق عليها من قبل برلماني البلدين.
والاتفاقية «تضفي الشرعية على الوجود الفرنسي في جيبوتي على مدى العقدين المقبلين، وتكفل استمرار نقاط ارتكازنا البحرية والجوية مع تسهيل الوصول إلى المطار في جيبوتي»، بحسب الإليزيه.