نشرت جريدة الجريدة مسودة مشروع قانون الضريبة على أرباح الأعمال، والمرسوم بقانون بإصداره، ولم يتضح حتى وقت كتابة هذه المقالة ما إذا كانت هذه المسودة نهائية أم قابلة للتعديل، لكن نظراً لنشرها ولتعلق الضريبة التي ستُفرض وفقاً لمشروع القانون بعدد كبير من الشركات العاملة بالكويت، أبيّن في هذه المقالة أهم ملامح نظام ضريبة دخل الشركات الجديد، وتحديداً أركّز على الأشخاص الخاضعين للضريبة، ومعدل الضريبة والدخل الخاضع للضريبة مع مقارنتها بالنظام الحالي.

أولاً: النظام الضريبي بصورة عامة

Ad

يُطبَّق حاليًّا عدد من القوانين التي تفرض الضريبة على الشركات، ولا تطبق هذه القوانين على كل الشركات العاملة بالكويت، بل يعتمد تطبيقُها على جنسية الشركة وشكل الشركة القانوني. وهذه القوانين عامة التطبيق - التي تطبق على الشركات بغض النظر عن المنطقة التي تمارس فيها العمل في الكويت - وهي:

1- مرسوم ضريبة الدخل رقم 3/1955 الذي تم تعديله أكثر من مرة آخرها التعديل الذي تم بموجب القانون 2/2008 (ويشار إليه في هذا المقال بقانون ضريبة الدخل).

2- قانون الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة رقم 46/2006 (ويشار إليه في هذا المقال بقانون الزكاة).

3- قانون دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية رقم 19/2000 (ويشار إليه في هذا المقال بقانون دعم العمالة).

4- حصة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي المفروضة بموجب قرار وزير التجارة والصناعة رقم 184/2022 والمعدل للائحة التنفيذية لقانون الشركات.

ووفقًا لمسودة مشروع قانون الضريبة على أرباح الأعمال سيتم إلغاء قانون ضريبة الدخل وقانون الزكاة والمواد التي تفرض الضريبة بقانون دعم العمالة، وستُستبدَل بهذا النظام ضريبة واحدة هي الضريبة على أرباح الأعمال التي ستُفرض وفقًا لقانون واحد، وسيتم هذا الانتقال من النظام الحالي إلى نظام الضريبة على أرباح الأعمال على مرحلتين زمنيتين هما 2025 و2027 كما سنبيّن، أما حصة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي فلن يتم إلغاؤها، بل ستعتبر تكلفةً تُخصم من الدخل الإجمالي للشركات.

ثانيًا: دافع الضريبة

وفقًا للنظام الحالي يعتمد تطبيق القوانين الضريبية على الشركات على جنسيّة الشركة وشكلها القانوني كما سبق أن بيّنت كالتالي:

1- يفرض قانون ضريبة الدخل الضريبة على جميع الشركات، إلا أنه وفقاً للمعمول به في الإدارة الضريبية تفرض هذه الضريبة حالياً على جميع الشركات الأجنبية التي تزاول نشاطًا في الكويت.

2- يفرض قانون الزكاة ضريبةً على الشركات المساهمة العامة والمقفلة الكويتية.

3- يفرض قانون دعم العمالة الوطنية ضريبةً على الشركات الكويتيّة المُدرَجة في سوق الكويت للأوراق المالية.

أما أشكال الشركات الكويتية القانونية الأخرى كشركة التضامن وذات المسؤولية المحدودة فلا تُفرض عليها ضريبة.

أما مشروع قانون ضريبة أرباح الأعمال فيفرض الضريبة على:

1- الشركات متعددة الجنسيات، ولم يُعرّف القانون المقصود بهذه الشركات بشكل محدد سوى تعريفها أنها التي تمارس نشاطها بالكويت ودول أخرى، لكنه أحال للقواعد الصادرة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتحديدها. وتحدد المنظمة هذه الشركات بأنها مجموعة الشركات التي تعمل في أكثر من دولة وتتجاوز إيراداتها السنوية الموحدة 750 مليون يورو أو ما يعادلها من العملة المحلية.

2- جميع أشكال الشركات وفقًا لقانون الشركات الكويتي رقم 1/2016.

3 - الشراكات، والتي يُعرّفها مشروع القانون بأنها كل اتفاق لم يتخذ يكون الأشخاص الذين أبرموه مسؤولين شخصيًّا وبالتضامن عن الالتزامات الناشئة ولو لم يتخذ شكل شركة.

4- أي هيئة أو مؤسسة عامة أو أي شخص اعتباري يتم إنشاؤه بموجب قوانين أو قرارات.

5 - الأشخاص الطبيعيون الذين يمارسون نشاطًا من خلال مؤسسة فردية أو مكتب أو عيادة.

وقد أعفى المشروع من الخضوع للضريبة بعضَ الأشخاص كالمنظمات الكويتية غير الهادفة للربح، أو أي شخص لا تتجاوز إيراداته الفعلية مليونًا ونصف مليون دينار كويتي سنويًّا.

وسيسري مشروع القانون على الشركات المتعددة الجنسية ابتداء من يناير 2025، بينما يبدأ تطبيق القانون على باقي المكلّفين ابتداء من يناير 2027، وستستمر الشركات الخاضعة حاليًّا للضريبة بموجب النظام القانوني الحالي بدفع الضريبة حتى بدء تطبيق القانون الجديد في سنة 2027 في حال أُقِرَّ القانون.

وبمقارنة النظام القانوني الحالي بالنظام في حال إقرار مشروع القانون بصيغته المنشورة، فهناك توسُّع كبير بالنسبة للفئة الخاضعة للضريبة، حيث سيشمل القانون جميع أشكال الشركات، بل وحتى الأشخاص الطبيعيين.

ثالثًا: الدخل الخاضع للضريبة

بالنسبة للنظام الضريبي الحالي وتحديدًا قانون ضريبة الدخل فيفرض ضريبةً على الأرباح المحققة عن أي عقد يتم تنفيذه في الكويت، أو أرباح النشاط التجاري، أو الأرباح الناتجة من تقديم الخدمات، أو تأجير الأملاك وغيرها، وعلى الدخل المحقَّق في الكويت فقط، أما قانون دعم العمالة الوطنية وقانون الزكاة فلا يحددان مصدرَ الدخل، وبالمقابل ينصان على أن الضريبة تُفرَض على صافي أرباح الشركات الخاضعة للضريبة بهذه القوانين. أما مشروع القانون فالأصل أنَّ دخْل الخاضعين للضريبة يشمل دخلهم المحقَّق بالكويت وخارج الكويت، وذلك باستثناء الشركات الأجنبية التي تمارس نشاطها عبر منشأة دائمة أي عبر فرع للشركة أو مصنع أو مكتب، ففي هذه الحالة يخضع الدخل المحقَّق في الكويت فقط للضريبة. وقد نصَّ المشروع على أمثلة للمقصود بالدخل المحقق بالكويت، كدخل الأنشطة الفنية والرياضية، والدخل المحقَّق من استغلال والتصرف بالعقارات وأرباح الأسهم المملوكة في الأشخاص الاعتبارية المقيمة في الكويت، والفوائد التي تدفعها الحكومة، وأقساط التأمين المدفوعة لتغطية المخاطر.

رابعًا: معدل الضريبة

وفقًا للنظام الضريبي الحالي تفرض الضريبة بموجب قانون ضريبة الدخل على دخل الشركات الأجنبية بنسبة 15٪، أما قانون الزكاة فيفرض ضريبة بمعدل 1٪ على صافي أرباح الشركات الكويتية المساهمة العامة والمقفلة، وأخيرًا يفرض قانون دعم العمالة الوطنية ضريبة بنسبة 2.5٪ على صافي أرباح الشركات الكويتية المُدرَجة في سوق الكويت للأوراق المالية. أما في حالة الشركات التي تشترك في ملكيتها شركات أجنبية وكويتية، فتُفرَض ضريبة على حصة الشركات الأجنبية بمعدل 15٪، بينما تُفرض ضريبة على حصة الشركات الوطنية بنسبة 2.5٪ أو 1٪ أو لا تُفْرَض أية ضريبة على حسب شكل الشركة القانوني.

أما مشروع القانون المقترَح فيفرض ضريبة على الدخل الخاضع للضريبة بنسبة 15٪ كأصل، إلا أن الأشخاص الاعتبارية العامة تخضع للضريبة بمعدل صفر إذا كانت مملوكة بالكامل للدولة.

والخلاصة أن المشروع يُحدِث تغييرًا جذريًّا للنظام الضريبي الحالي في الكويت من حيث الأشخاص الخاضعين للضريبة والمعدل والدخل الخاضع للضريبة، لذا أقترح قبل إقرار القانون استطلاع آراء القطاع الخاص والمختصين أسوة بالتوجه الحديث في الكويت الذي شاهدناه في استطلاع وزارة التجارة والصناعة الرأي بشأن مسودة قانون التجارة الرقمية المعلن على موقع الوزارة، خاصة أن مسودة مشروع قانون الضريبة على أرباح الأعمال تحتوي على شبهات دستورية وأحكام لا تتناسب مع التوجهات الحديثة للقوانين الضريبية في المنطقة، كما أغفلت العديد من الأحكام التي كان من الواجب النص عليها في صلب القانون.

* عضوة هيئة تدريس بجامعة الكويت متخصصة بالقوانين الضريبية ومحامية دولة سابقة