بدا حفل انطلاق الدورة الـ 19 لمؤسسة البابطين الثقافية، متميزاً واستثنائياً بوقائعه وضيوفه، حيث افتتحه ممثلاً سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة للشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري، وسط حضور حاشد من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر العرب، يتقدمهم وزير الخارجية عبدالله اليحيا، إلى جانب رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، فضلاً عن حضور قيادات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

وبدأت مراسم حفل الافتتاح بالسلام الوطني لدولة الكويت، تبعته تلاوة عطرة لآيات من القرآن الكريم بصوت الشيخ مشاري العفاسي، ثم عرض فيديو وثائقي مصور عن الشاعر الراحل عبدالعزيز البابطين، مسلطاً الضوء على إسهاماته الكبيرة في دعم الشعر والثقافة العربية، وقدمت الحفل الشاعرة والإعلامية ميسون أبو بكر.

Ad

الإرث الثقافي

ورحب ممثل سمو الأمير في كلمة الافتتاح بالضيوف في بلدهم الثاني الكويت، ناقلاً لهم تحيات سمو الأمير، معرباً عن فخره بتمثيل سموه في هذا المحفل الثقافي الكبير.

وأضاف: انه لشرف لي أن أنقل تحيات سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد حفظه الله ورعاه، الذي تكرم وشمل هذه الاحتفالية برعايته. كما نقل تمنيات سمو الأمير لهذا العمل ولمؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري بأن تواصل دورها الرائد في خدمة الثقافة العربية.

ولفت المطيري إلى أن هذا الملتقى، الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة. وتابع: «هي تلك القيم الراسخة التي استقيناها من شريعتنا الإسلامية السمحة، التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، جيلاً بعد جيل، نحرص على صونها وإثرائها بكل ما هو إنساني ونبيل». وأضاف أن «لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين، رحمه الله، الذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة، رسالة تُعبر عن القيم التي تجمع بين الحضارات، ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرف من خلالها الشرق بالشعر العربي، وقدّم للغرب بُعده الإنساني، جاعلاً من الشعر جسرًا يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

وذكر أن الثقافة ليست ترفاً فكرياً أو انعزالاً عن قضايا الحياة، بل هي قوة ناعمة تُعيد تشكيل العالم، وترسم ملامح الأمل فيه، إننا في دولة الكويت ندرك أن النهضة الثقافية هي ركيزة أساسية لبناء مجتمع قوي، متسامح، ومستعد لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل. ومن هنا، تحظى الثقافة بكل أشكالها برعاية كريمة من سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد حفظه الله ورعاه، وسمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح، حفظهما الله.

وختم المطيري: «أنتم اليوم في هذه اللحظة المشرقة تتوجون جهوداً مضيئة، وتضيفون لبنات جديدة إلى صرح ثقافتنا العربية، التي دائماً كانت منارةً للحضارة الإنسانية، بل هي أيضاً رسالة للأجيال القادمة أن الفكر النير والكلمة الصادقة هما السلاحان الأقوى لمواجهة تحديات الزمن».

الأمل الواعد

من جانبه، قال رئيس مجلس أمناء المؤسسة سعود البابطين، «إن أسعد اللحظات بالنسبة إلينا هي التي تجمعُنا بكم أيها المبدعون المستنيرون... فأنتم الوجه المشرق لثقافتنا العربية الأصيلة، وأنتم الأمل الواعد بغدٍ جديد مفعم بالخير والنماء... ولا أقول فيكم إلا ما قال أميرُكم أحمد شوقي: «أنتم الناس أيها الشعراء».

كما أعرب عن شكره لسمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد على تكرمه برعاية هذه الاحتفالية، «حيث التقيت وأشقائي بسموه بعد وفاة والدي عبدالعزيز البابطين، ولا أنسى قول سموه لنا: «إن والدكم ترك لكم ثروة مادية، وأنا متأكد تماماً أنكم حريصون عليها، كما ترك إرثاً ثقافياً أن تستمروا به»، ونحن إن شاء الله على العهد باقون».

كما توجه البابطين بالشكر إلى ممثل راعي الحفل وزير الإعلام والثقافة عبدالرحمن المطيري ولكل الحضور «على تلبية دعوتنا احتفاءً بالشعر «فن العرب الأول على مر العصور» وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة الذي أخلص في رعايةِ الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله بلا مللٍ ولا كلل».

السند والعضيد

ولفت البابطين إلى أن والده كان يتصف بالوفاء، لدينه وعروبته ووطنه وزملائه وأصدقائه ولكل العاملين معه وفاءً كبيراً، و»بمناسبة الحديث عن هذا الأمر أتقدم بعبارات المحبة والوفاء لشخص غاب عنّا اليوم بسبب وعكة صحية، وهو العم عبدالكريم سعود البابطين الذي كان السند والعضيد للوالد رحمه الله».

وأضاف «كذلك، الشخص الآخر الذي يستحق منا كل الوفاء، هو الكاتب القدير عبدالعزيز السريع الذي رافق الوالد طوال مسيرته، وأدعوه لإلقاء كلمة المؤسسة بالإنابة عني».

وأعلن البابطين في ختام كلمته عن مضاعفة قيمة الجوائز ابتداءً من هذه الدورة وحتى الدورات المقبلة لجائزة عبد العزيز البابطين «.

من جهته، استذكر السريع مآثر رفيق دربه عبد العزيز البابطين، معبراً عن سعادته «بهذه المناسبة العزيزة والطيبة علينا جميعاً». مردفاً: «في شهر أغسطس العام 1991، كنت مديراً لإدارة الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ومن خلال الخبرة التي اكتسبتها من زملائي في العمل بدأت أشتغل مع «بوسعود» على هذه المؤسسة، والحمدالله وُفِقنا في كثير من الأمور، لإيمانه برسالة الشعر والثقافة في إثراء المجتمعات وازدهارها.»

المحفل الثقافي

بدوره، ألقى الشاعر د. خليفة الوقيان كلمة الفائزين، شكر من خلالها مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية. مشيداً بجهود المؤسسة في دعمها غير المحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف د. الوقيان في هذا المحفل الثقافي البهيج يمرُ في الذاكرة شريط لقاءات تمت منذ ثلاثة عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبدالعزيز البابطين يحمل دائماً هم تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللبنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة الى الأفق الدولي من خلا ما يُعنى بقضية «حوار الثقافات والحضارات» ويمتد الحديث طويلاً عند تناول ما حققته هذه المؤسسة الثقافية بجهود الفقيد الكريم عبدالعزيز البابطين الذي أراه حاضرُا بيننا في هذا الجمع الثقافي الطيب من خلال أبنائه بقيادة أخيهم الأكبر سعود عبدالعزيز البابطين رئيس مجلس أمناء المؤسسة، إذ انهم ماضون كما نشهد في خدمة الثقافة.

وختم الوقيان كلمته بتهنئة الزملاء الفائزين بجوائز المؤسسة لهذه الدورة ولنيلهم ثقة مجلس أمناء المؤسسة ولجانها المختصة. في غضون ذلك، ألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت» من أشعار الراحل عبدالعزيز البابطين، ولاقت القصيدة تفاعلاً كبيراً من الجمهور.

فعاليات الدورة مستمرة 3 أيام

تستمر الدورة التاسعة عشرة على مدى ثلاثة أيام، إلى مساء غد الثلاثاء، وتقدم فالياتها على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي خمس جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبدالعزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها أربع جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها ثمانية أبحاث عن الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين المحتفى به، وثلاث أمسيات شعرية ينشد فيها سبعة وعشرون شاعراً.

الرؤية الثاقبة

ذكر الوزير المطيري أن رؤية البابطين الثاقبة تتجاوز مجرد الكلمة المنطوقة أو المكتوبة، لتصبح مشروعاً متكاملاً يكرس اللغة العربية، ويعزز حضورها في مختلف المحافل، ويرسخ مفاهيم الحوار الحضاري والتواصل الإنساني.

الفائزون

• الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر د. خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

• الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة» وقيمتها 80 ألف دولار، هما د. أحمد بوبكر الجوة من تونس، ود. وهب أحمد رومية من سورية.

• الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر وقيمتها 40 ألف دولار، الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

• الفائز بجائزة أفضل قصيدة وقيمتها 20 ألف دولار الشاعر عبدالمنعم العقبي من مصر.

• الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب وقيمتها 20 ألف دولار هو الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.