وفقاً لاقتراح شراء القروض تقوم الحكومة بشراء جميع القروض الشخصية بنوعيها الاستهلاكية والمقسطة وفوائدها باستخدام المال العام، وهي نحو 14 مليار دينار، ثم تقسطها بخصم علاوة الغلاء التي قيمتها 120 ديناراً من الراتب الشهري.

وفي هذا الاقتراح عدة ملاحظات قانونية ومالية:

أولاً: عدم المساواة بين المواطنين: لأن بعض المواطنين قروضهم الشخصية كبيرة تصل إلى 100 ألف دينار، وبعضهم قرضه لا يزيد على آلاف قليلة، كما أن هناك من المواطنين من سدد قرضه بالكامل، وهناك من لم يقترض، وهناك أيضاً نصف مليون كويتي على مقاعد الدراسة حالياً وسرعان ما سيتخرجون ويقترضون وسيطالبون بشراء قروضهم مثل الذين سبقوهم، وهكذا ستستمر المطالبات في المستقبل إذا ما تم إقرار هذا الاقتراح، وهناك من المواطنين كبار السن والمتقاعدين الذين لا يُسمح لهم بالاقتراض رغم حاجتهم لإصلاح بيوتهم أو مصروفات اخرى.
Ad


ووفقاً لهذا القانون كلما كان راتب الموظف أكبر كان قرضة أكبر، وبالتالي تكون استفادته من القانون أكبر، وعليه فإن هذا الاقتراح يخدم أصحاب القروض الكبيرة، ولا يخدم الذين لم يقترضوا والذين سددوا قروضهم، ولذلك فإن هذا الاقتراض يفرق بين المواطنين تفريقاً خطيراً رغم أنهم جميعاً شركاء في المال العام، وهذا مخالف لأحكام المساواة في الدستور التي أكدت على المساواة بين المواطنين، قال تعالى: «لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ».

ثانياً: معظم المقترضين استخدم القرض لشراء بيت أو لبنائه أو شراء سيارة أو أشياء فاخرة أو السفر: فهو ليس من المحتاجين الذين يجب مساعدتهم من المال العام لأنه أصبح الآن يملك أصولا غالية القيمة لا يملكها الآخرون، وإنفاق المال العام على الأغنياء وغير المحتاجين دون مبرر مخالف للدستور وقواعد العدالة، ولو كانت المساعدة مقصورة على المعسرين بعد دراسة أحوالهم وسبب تعثرهم لكانت ممكنة لأنهم مثل المريض الذي تعالجه الدولة دون غيره.

ثالثاً: لا توجد مشكلة حقيقية في موضوع القروض لأن نسبة المتعثرين عن السداد تبلغ أقل من 2%، وهي أقل نسبة في العالم، والغالبية العظمى تسدد قروضها بانتظام، وغني عن الذكر أن المقترض قام بالاقتراض على مسؤوليته الشخصية، فكل إنسان مسؤول عن سداد التزاماته وتدخل المال العام لمصلحة كبار المقترضين يشجع الناس على عدم سداد التزاماتهم، ومن المعلوم أن الاقتراض موجود في كل بلاد العالم لأن كل الناس يشترون حاجاتهم من دخلهم المستقبلي، أي بالأقساط، ولا يوجد في العالم من يشتري البيوت والأصول والأغراض الباهظة نقداً دون اقتراض إلا القلة القليلة.

والجدير بالذكر أن البنك المركزي وضع ضوابط عديدة للاقتراض منها أن القسط يجب ألا يتجاوز 40% للموظف و30% للمتقاعد، ومن خالف هذه الضوابط يجب أن يتحمل هو المسؤولية سواء كان البنك أو المقترض وليس المال العام.

رابعاً: سيؤدي الاقتراح إلى ضخ سيولة نقدية هائلة في الأسواق نتيجة للوفرة المالية التي سيتمتع بها المقترضون مما سيؤدي إلى تضخم كبير في أسعار السلع المختلفة، وهذا سيضر الجميع وخصوصا الذي لم يقترض لأنه سيكون ضحية هذا الارتفاع في الأسعار مع أنه لم يحصل على أي فائدة من القانون.

خامساً: لهذا الاقتراح كلفة هائلة على المال العام لأن شراء القروض بمبلغ 14 مليار ثم تقسيط المبلغ دون أرباح أو فوائد لمدة تصل إلى أكثر من خمسين سنة، خصوصا لكثير من المقترضين الذين قروضهم كبيرة فيه خسارة للمال العام تزيد على ضعف هذا المبلغ بسبب عدم استثمار هذا المبلغ في أرباح تعود على المال العام طوال هذه المدة، وهو ما يسمى ضياع الفرصة البديلة.

وكذلك فإن الحكومة إذا أُقر هذا القانون ستقوم بشراء القروض بسندات تحمل فائدة لمدة طويلة، وهذا سيضاعف الكلفة على المال العام. وكان جديراً بالأعضاء توجيه هذا المبلغ للمصالح العامة مثل توظيف الشباب وتحرير الأراضي وتزويدها بالخدمات لأغراض الإسكان والصناعة والتنمية.

سادساً: من سيستفيد من هذا الاقتراح ويرتاح من عبء السداد للبنوك فسيقوم بالاقتراض مرة أخرى وثالثة وهكذا، وذلك بالإضافة إلى طلبات الشراء والإسقاط التي ستقدم ممن لم يتم شراء قروضهم من الشباب في المستقبل.

سابعاً: بعد إقرار هذا القانون، لا سمح الله، من غير المستبعد أن تقدم اقتراحات أخرى بعد سنة أو أكثر بإسقاط ديون الدولة على المقترضين ووقف القسط الشهري (120) ديناراً وهذا معروف وسبق تقديمه.

ثامناً: لا حجة بالقانون الذي أقر بعد التحرير بإسقاط 55% من الدين التجاري بشرط سداد الباقي نقداً، لأن ذلك القانون كان بسبب الغزو وجميع دول العالم تسقط من الديون في حالة الحروب، وقد نص الدستور الكويتي في المادة (25) على التعويض في الحروب لأن جميع البضائع والأصول التجارية نهبت أثناء الغزو من المخازن والمحلات والموانئ والجمعيات، وكذلك فإن الحكومة هي التي أسقطت ديون بنك التسليف وجميع الديون الشخصية عن المواطنين، كما اشترت الديون التجارية بعد التحرير قبل عودة مجلس الأمة وليس المجلس.

لذلك كان القانون الذي أقره المجلس بعد عودته هو قانون للتحصيل والسداد بعد أن قامت الحكومة بالشراء، وقد وضع القانون شروطاً كبيرة فأدخل الإرث والتثمين والتعويضات التي يحصل عليها المدين من العراق في تحصيل الدين من المدين، ولم يستفد فرسان المناخ من هذا القانون لأنهم لم يستطيعوا دفع النسبة المطلوبة نقداً كما ينص القانون، وذلك لعظم حجم ديونهم، فعاد عليهم الدين بأكمله مع الفوائد وأحيلوا إلى الإفلاس، وتمت مصادرة جميع أموالهم لمصلحة الدولة.

وقد نجح ذلك القانون في تحصل جزء كبير من الكلفة التي اشترت بها الحكومة الديون التجارية (3 مليارات من 5.5)، لذلك فإن هذا القانون مهما كانت فيه من العيوب فإنه لا يجوز أن يقاس عليه اليوم لأن البلاد لا تعاني الآن، بفضل الله، من الحرب أو الغزو.