يقول أحد الأصدقاء: إن أغلب مجموعاتي في «واتساب» ما بين مؤيد ومتعاطف مع القضية الفلسطينية أو متفرج، إلا شخصا واحدا، كان عنيدا في عدائه للمقاومة، وكان ينقل كل خبر سيئ من دون تروّ، وكأنما التقط شيئا ثمينا، ليثبت وجهة نظره الثاقبة في الإنكار والتحذير من قيادات المقاومة! وفي إحدى المرات، عندما أكثر علينا من لوم المقاومة والتشنيع بها، كتبت له في المحادثة: ما المطلوب يا «بووسيم»؟ هل تريدنا أن ندعو في صلاتنا اللهم انصر اليهود على «حماس»؟! قال: لا يجوز، فقلت: ما الذي تريده إذاً؟ قال لي: أنتم تكفروننا؟ تقولون أنتم صهاينة العرب؟ قلت له: الصهيوني من رضي بالاحتلال واعترف به وسعى لإنشاء وطن يهودي، والتطبيع جزء من هذه الجريمة، ولكن ماذا تقصد بـ «أنتم»؟ قال أنتم يا جماعة الإخوان، قلت له وما علاقتي بجماعة الإخوان؟! قال: أنت تؤيد «حماس»، فأنت من الإخوان؟ قلت: يا سلام عليك، اللهم لا حسد! إن كان هذا تفكيرك، فأبشرك بأن كل شعوب أوروبا وأميركا الذين خرجوا في تظاهرات للدفاع عن حقوق الفلسطينيين إخوان! والمنبر الديموقراطي إخوان، وطلبة «هارفارد» إخوان، وجنوب إفريقيا إخوان، وإسبانيا وروسيا والصين إخوان!
ثم قالها لي بصراحة: يا أخي نحن لا نقدر على مواجهتهم، والتطبيع قادم لا محالة، فقلت في نفسي «الآن اتضحت الصورة، وبان الخَوَر». قلت: هل تريد أن تعيش عزيزا وثابتاً على دينك مهما كلف الأمر، أم تريد أن تكون تابعاً للأقوى؟ هل تريد أن تكون بوقاً «لكبار المطبعين» الذين استعانوا بمشايخ البلاط والقنوات المضللة والذباب الإلكتروني لشيطنة الإخوان، والفجور في الخصومة، حتى بلغ العداء المدى! وصرنا أُلعوبة بيد الصهاينة، هم يقذفون على المسلمين «الفايروس الفكري»، ثم يتمتعون بالمشاهدة، «فرق تسد»؟
في نهاية الحوار قلت له: شوف يا «بووسيم»، الموضوع في الكويت محسوم، فلماذا يذهب هواك للخارج؟! نحن نعيش في حرية متوازنة تناسب الأغلبية، ونحن من أكثر الدول أمنا وأمانا في ديننا ودنيانا ولله الحمد، نحن لم نجلب الأصنام إلى جزيرة العرب، ونأتي بدين جديد ومعابد جديدة، لنَفتِن بها الناس، ولم نفسّر النصوص الشرعية على هوى «كبار المطبعين»، فالدين واضح، ونحن في بلد محافظ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر المستطاع، ونحن نتمتع بحكومة رشيدة، وولاة أمور حكماء أصحاب بصيرة، لا يرضون بالذل والهوان، وقد أكدها حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، وأدامه ذخرا وعزا للبلاد في مؤتمر القمة الخليجي الأخير، إذ أدان الاحتلال الصهيوني والإبادة الجماعية، ثم أكد على موقف الكويت ومبادئها الثابتة في مساندة القضية الفلسطينية وفي النضال الفلسطيني المشروع، لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أرضها.
والآن، أقول لك يا «بووسيم»، نحن مع المقاومة بكل أشكالها المادية والمعنوية والاقتصادية، ومع ولي أمرنا في دعم القضية، فهل أنت معنا أم عندك ولي أمر آخر؟!