تحت ضغط الشارع والاستقالات وضغوط المعارضة، سقطت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية بعد 6 ساعات فقط من إعلانها من جانب الرئيس يون سوك يول، الذي وجد نفسه مخيراً بين التنحي أو العزل عن منصبه، بعد مغامرة أعادت شبح حكم الدكتاتورية العسكرية التي سقط في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
وانضم وزير الدفاع كيم يونغ هيون إلى كبار موظفي الرئاسة الذين قدموا استقالاتهم ليل الثلاثاء ـ الاربعاء، بينما شدد «حزب قوة الشعب» الحاكم على ضرورة تنحي ومحاسبة زعيمه وجميع المسؤولين عن القرار الذي أثار قلقاً دولياً خصوصاً من قبل الولايات المتحدة الحليف العسكري القوي لسيول والتي تسوق للنموذج الديموقراطي في كوريا الجنوبية كنموذج ديموقراطي وسياسي واقتصادي ناجح وفعال مضاد لنموذج كوريا الشمالية الشيوعية والتي انخرطت اخيراً في مغامرة عسكرية بدخولها الحرب في اوكرانيا الى جانب روسيا. ولوح وزراء آخرون في الحكومة بالاستقالة فيما أعرب رئيس الوزراء هان دوك سو عن استعداده «لخدمة الجمهور حتى اللحظة الأخيرة». وبقراره الصادم فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية، في خطوة غير مسبوقة منذ أكثر من أربعة عقود، تسبّب يون بأعمق اضطرابات تشهدها بلاده في تاريخها الديموقراطي الحديث.
وأتى الإعلان المفاجئ عن فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية ليل الثلاثاء - الأربعاء في خضم أزمة سياسية بين الرئيس والمعارضة تتمحور حول الميزانية العامة.
وإثر قرار الرئيس سارعت الجمعية الوطنية التي تهيمن عليها المعارضة إلى التصويت على رفع الأحكام، لكنّ الجيش أعلن أنه لن ينفّذ قرارها إذا لم يأمره الرئيس بذلك.
وفي نهاية المطاف، صادقت الحكومة ليلا على رفع الأحكام العرفية، وفق ما أفادت وكالة «يونهاب» للأنباء.
ورفعت الأحكام العرفية إثر خطاب متلفز ليون قال فيه «قبل قليل، كان هناك طلب من الجمعية الوطنية برفع حالة الطوارئ، قمنا بسحب الجيش الذي نشر لتطبيق عمليات الأحكام العرفية. سنقبل طلب الجمعية الوطنية ونرفع الأحكام العرفية».
في المقابل، أعلن الحزب الديموقراطي الحزب الرئيسي المعارض اليوم أنّه إذا لم يستقل يون «فورا» فإنّ الحزب الذي يتمتّع بأغلبية برلمانية سيباشر في الحال إجراءات عزله «تنفيذا لإرادة الشعب». وقال انه سيقاضي يون بتهمة التمرد.
وانضمت أحزاب المعارضة الاخرى الى هذا الإعلان، في وقت دعا اتحاد نقابات العمال، أكبر نقابة في البلاد، والذي يضم نحو 1.2 مليون عضو، إلى «إضراب عام لأجل غير مسمى» حتى استقالة يون، الذي «وقع نهايته في السلطة». وفي حين أعلن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا أنّ بلاده تتابع «بقلق بالغ واستثنائي» الوضع في سيول، رحبت الولايات المتحدة بقرار يون التراجع عن فرض الأحكام العرفية وحالة الطوارئ العسكرية وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن واشنطن تشعر «بارتياح».
في المقابل، حاولت موسكو استغلال الاضطرابات لمصلحة حليفها كيم جونغ اون، زعيم كوريا الشمالية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن «تطورات كوريا الجنوبية تبرر مخاوف بيونغ يانغ الأمنية»، واصفة الوضع في سيول بأنه في «حالة فوضى».