ساحتا حرب سقط عند أكنافهما بطلان فلسطينيان يفصل بينهما 45 عاماً، ففي عام 1948م مزق الشهيد عبدالقادر موسى كاظم الحسيني أوراقاً كانت بيديه، ورمى بها في وجه أعضاء لجنة الجامعة العربية المشكلة للبحث في كيفية تزويد المقاومة الفلسطينية بالأسلحة التي كان يحتاجها العمل الفلسطيني لمقاومة العصابات الصهيونية التي احتلت موقع القسطل، وهو قلعة (كسل) تحتاج إلى نوعية من السلاح (المدافع) لأنها قوسية الطلقات تنطلق من الأرض لتبلغ في ارتفاعها بعداً معيناً تميل بعدها لتسقط قذيفتها داخل القلعة.
بيد أن اللجنة رفضت تزويد الحسيني بهذه المدافع ليرتد المناضل الفلسطيني على أعقابه محبطاً إلى حيث القسطل، ويقود هجوماً ليلياً بزغ بعده فجر جديد، وقد ارتوت رمال أرض فلسطين بدماء ابن من أصدق أبنائها عزماً وأثبتهم جناناً، ثم رماه بعضهم بأنه ألقى بنفسه إلى التهلكة ذلك أنه خاض قتالاً غير متكافئ عدداً وعدة رغبة منه في الانتحار لتمضي حقب النضال الفلسطيني.
امتشقت في أثنائها الفصائل الفلسطينية شتى أنواع الأسلحة، لكنها الأقل مضاء وفاعلية، سقط في ساحات وغاها الآلاف من من المناضلين حتى تبلورت أخيراً واقتصرت على منظمة التحرير الفلسطينية لتضم معظم الفصائل الفلسطينية المقاتلة، ومن أبرزها «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الناصر صلاح الدين» التي شكلت في مجاميعها البذرة العبقرية للصناعة العسكرية العربية، مستفيدة من تقنيات صناعية كانت قد حصلت عليها من جهات وإن كانت غير عربية إلا أنها أغنتها عن ذل الاستجداء الذي استغرقته فصائلها النضالية في حقب النضال الماضية.
ويبدو أن تفوقها في هذا المنحى قد أوغر صدور الأعداء الآخرين من العرب وغيرهم، ولما امتلكت هذه الفصائل القتالية الجديدة هذه القفزة العبقرية في صناعة السلاح وما ىصاحبها من الإبداع في وضع الخطط القتالية وفي تكتيكاتها اندلعت أنواع أخرى من صنوف القتال تمثل في طوفان الأقصى الذي كشف عن صنوف أخرى من السلاح المستخدم، وعن صنوف أخرى من المقاتلين كان أبرزهم الشهيد يحيى إبراهيم السنوار الذي حمل عبء سنواته الستين متخيراً حي السلطان ساحة لحربه ومقارعاً بعصاه سيوفاً قد سلطت من كل حدب وصوب ليسقط شهيداً وتسيل دماه لتمتزج (عبر حقب الزمان المتعاقبة) بدم الشهيد عبد القادر موسى كاظم الحسيني.