ناقش مؤتمر «تعزيز المنافسة... التحديات والطموح» السياسة الوطنية للمنافسة، والاقتصاد الرقمي والمنافسة، وسياسة المنافسة والمؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والذي يقام على مدار يومين.

وخرج الحاضرون بعدة توصيات؛ تتمثل في إبرام مذكرات التفاهم واتفاقيات وبروتوكولات التعاون المشترك مع منظمات وأجهزة منافسة عربية وإقليمية ودولية، وتبادل الخبرات في المجالات ذات الصلة بالمنافسة وتفعيل تشريعاتها، وبناء قدرات العاملين في مختلف الوحدات التنظيمية بجهاز حماية المنافسة بالكويت، من أجل رفع مهاراتهم لضمان التطبيق الصحيح والفعّال لأحكام قانون حماية المنافسة، وتنظيم ندوات تثقيفية مع الهيئات الاقتصادية والغرف التجارية والباحثين من أجل تقييم دوري لفعالية قانون حماية المنافسة، وبهدف تعريف مختلف اللاعبين في السوق بأهمية احترام أحكام القانون، وتعزيز التعاون والتنسيق مع مختلف الجهات والهيئات والمؤسسات بالكويت، وإنشاء مكتبة الكترونية لنشر الدراسات الاقتصادية والقانونية والقرارات التي تصدر عن جهاز حماية المنافسة.

Ad

بداية، قال مدير مشروع السياسة الوطنية للمنافسة في مكتب التخطيط الاستراتيجي بجهاز حماية المنافسة، مصطفى المضف، إن المنافسة العادلة تنعش الاقتصاد وتزيد من جودة المنتجات وتخفض الأسعار، وتعمل على تقديم خدمة أفضل للعملاء، وكمديري مشاريع خطة التنمية، لدينا توصيات لتسريع وتيرة الإنجاز وبأعلى جودة، حتى تكون الكويت في مصاف الدول التي يرغب بها كل مواطن.

أولويات الجهاز

من جانبه، قال رئيس قسم الشؤون الاقتصادية بالتكليف في الجهاز، ناصر الشامي، إن أغلب القيود على المتنافسين هي غير مكتوبة، ويقصد بها كل القيود التي لا تكون بصورة (قوانين، ولوائح تنظيمية، وقرارات وزارية)، بل هي أعراف تجارية تكونت نتيجة النشاط التجاري المستمر، ونتيجة العلاقة بين الأطراف المؤثرة في السوق، وغيرها من العوامل.

مدير إدارة الشؤون الاقتصادية في الجهاز، علي الأربش

تطبيق التوصيل

بدوره، قال مدير إدارة الشؤون الاقتصادية في الجهاز، علي الأربش: ‏تقدمت إحدى الشركات التي تعمل في مجال تطبيقات طلب وتوصيل الطعام ‏بشكوى ضد تطبيق منافس بشأن وجود استغلال ‏هيمنة وقوة سوقية في بند عقد قانوني بين المطاعم والتطبيق بحصرية التعامل مع التطبيق ‏دون التعاقد مع تطبيقات أخرى.

ولفت الأربش إلى أن ‏‏الجهاز قام أولاً بتحديد السوق المعني عن طريق تحديد المنتج أو الخدمة المعنية، وما يجب الإشارة إليه هو أن التطبيقات الإلكترونية تتميز بأنها أسواق متعددة، ‏لذا من المهم تحديد ما إذا كان ستدخل جميع الأسواق في السوق المعني، وفي هذه الحالة المعروضة كانت الخيارات بين سوق طلب الطعام عن طريق التطبيق أم طلب وتوصيل الطعام، وتبيّن أنه مع سوق طلب وتوصيل الطعام هو السوق المعني.

من جهته، قال المستشار الاقتصادي سلطان المجروب إن الاقتصاد الرقمي كمفهوم عمره أكثر من 20 سنة، والاقتصاد الرقمي يتخلله سوق رقمي، فالجهاز الرقمي ليس شركات تجارية فقط، بل يشمل الجهاز الحكومي والبنية التحتية الرقمية للدولة، أي يكون هناك ابتكار رقمي يخلق أسواقاً رقمية تندرج تحت الاقتصاد الرقمي، والابتكار الرقمي دائماً مرتبط باضطراب الأسواق والتشريعات القائمة.

وأكمل: «الاضطراب خلق أيضاً التشريعات القائمة، فهي ما زالت تقيس المنافسة بإطارها التقليدي. كما أن هناك إشكالية التفريق بين الاقتصاد التقليدي والرقمي، وأعتقد أن الاثنين يعتبران اقتصاداً واحداً، ومن الصعب التفريق بينهما؛ فالتقليدي تحوّل للرقمي والرقمي تحول للتقليدي، وعلى سبيل المثال «أمازون» و»أول مارت».

وأضاف المجروب: «أنا من مؤيدي السوق الحر، وكلما كانت القيمة المضافة للمستهلك فهي أفضل، إذ من المفترض أن تشجع المورّد المحلي للمنافسة، لذلك ينبغي على الحكومة ألا تحمي المزود المحلي بقدر كبير».

وأكد ضرورة تعديل القوانين، قائلاً: يجب على وزارة التجارة ألا تحدد عدداً معيناً من التراخيص، كما يجب ترك السوق يحدد عدد الشركات، فهذه هي أبجديات الاقتصاد الطبيعي، مَن يقدم خدمة أفضل هو مَن يستمر، فالبقاء للأقوى.

وذكر عدة توصيات لمواكبة الاقتصاد الرقمي، كتحديث التشريعات القانونية، وإعادة ‏تعريف الممارسات الاحتكارية، ووضع آلية لحماية المزود المحلي، مع عدم الإضرار بالقيمة المضافة المستهلك، ‏ووضع قواعد جديدة لقياس القوة السوقية والتركيز الاقتصادي، ووجود حماية خصوصية بيانات المستخدم/ المستهلك، وتطوير وتقديم الموارد اللازمة لكوادر جهاز حماية المنافسة وفق التغيرات الحديثة، والاستفادة من التجارب الدولية.

الحكومة وكسر الاحتكار

من جانبه، أشار الأستاذ المساعد في الاقتصاد بجامعة الكويت، د. رياض الفرس، إلى الحكومة وكسر الاحتكار، حيث قامت الحكومة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بكسر العديد من الاحتكارات المحلية، والبنوك الإسلامية، والنقل العام، والنقل الجوي، والإذاعة، والتلفزيون، والاتصالات، والكهرباء، ومحطات الوقود.

منافسة غير عادلة من المؤسسات الحكومية

ولفت الفرس إلى أنه على الرغم من الإجراءات الحكومية لرفع مستويات المنافسة، فإن مؤسساتها لا تزال تنافس مؤسسات القطاع الخاص بطريقة غير عادلة في عدد من الأسواق من خلال تمتّعها بالعديد من المزايا والدعم، ومنها النقل العام والنقل الجوي ومحطات الوقود.

وعندما تشارك أي حكومة بشكل تجاري في سوق تنافسي، فإن ذلك يزيد من وجود التحديات الطبيعية في المحافظة على حيادية المنافسة.

الأستاذ المساعد في الاقتصاد بجامعة الكويت د. رياض الفرس

الفرس: يجب الحد من الدور الحكومي في خطط التنمية

تطرّق الفرس إلى المنافسة في التخطيط التنموي بالكويت، وذكر أن «رؤية الكويت 2035» تنص على أن تكون هناك بيئة تنافسية، واستعرض خطة التنمية وما ورد فيها من سياسات لدعم المنافسة، حيث قسّمها إلى ثلاث خطط، أولاها تتمثل في فتح كل المجالات للأنشطة التجارية لممارستها لدى الراغبين في العمل بالسوق المحلي، للحد من ظاهرة الاحتكار في الأسواق.

والخطة التنموية الثانية في زيادة الإنتاجية الاقتصادية للدولة، من خلال تخفيض دور القطاع العام كنسبة مئوية من الاقتصاد الكلي، وزيادة مستوى المنافسة الموجودة في أنشطة القطاع الخاص، ومحاربة الاحتكارات وتخفيض نسبة الأموال المخصصة للدعم. أما الخطة الثالثة فهي توفير فرص متكافئة للجميع من خلال تعزيز إطار المنافسة.

وأكمل الفرس: ولزيادة المنافسة يجب الحد من الدور الحكومي في خطط التنمية، واقتصار دور الدولة على ضمان حُسن أداء النظام الاقتصادي من خلال الاضطلاع بمهام التنظيم والرقابة، وإسناد عددٍ من الأنشطة الاقتصادية التي تديرها الأجهزة الحكومية إلى القطاع الخاص في بيئة تنافسية، وفقاً للقانون، والإسراع بتنفيذ برامج التخصيص وإعداد قائمة بالشركات والأنشطة الاقتصادية المراد تحويل ملكيتها كلياً أو جزئياً للقطاع الخاص، من خلال تحويل دور الحكومة من مزود للخدمات إلى جهة رقابية، ويهدف البرنامج إلى رفع مستويات الإنتاجية الاقتصادية، وتحويل الأنشطة من القطاع العام إلى الخاص عن طريق برنامج التخصيص العام.