قبل أيام، زار رئيس الجمعية الوطنية لفيتنام، فونغ دينه هيو، كانبيرا وعقد محادثات مع عدد من كبار المسؤولين الأستراليين، منهم رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، كان هيو أول زعيم فيتنامي مرموق يزور أستراليا في آخر أربع سنوات، وقد تُمهّد زيارته لإبرام شراكة استراتيجية شاملة حين يحتفل البلدان بالذكرى الخمسين لبدء العلاقات الدبلوماسية بينهما في السنة المقبلة.

في سبتمبر اختصر سفير فيتنام لدى أستراليا، نغوين تات ثانه، طبيعة التعاون الثنائي الراهن على اعتبار أنه يرتكز على ثلاثة عوامل أساسية وثماني مسائل لها الأولوية، الركائز الثلاث هي التعاون الاقتصادي، والدفاع والتعاون الأمني، والابتكار، أما المسائل الثماني الأخرى، فهي تشمل التعليم والتدريب، والطاقة والموارد الطبيعة، والمنتجات الزراعية والحرجية والبحرية، والتصنيع، والسياحة، والعلوم والتكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي، والخدمات.

Ad

في غضون ذلك، شدد هيو في خطاب ألقاه في معهد أستراليا وفيتنام للسياسة، على ثلاث أولويات أساسية: تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وتعميق التعاون الاستراتيجي والأمني والدفاعي، وبناء ركائز التعاون الاستراتيجي في مجالات تقاسم المعلومات، والتعليم، والتدريب، والابتكار، وركّز بشكلٍ خاص على تكثيف التعاون في قطاع الطاقة الخضراء والتكنولوجيا، كذلك أكد هيو على أهمية التعاون المحلي والعلاقات المباشرة بين الشعبَين.

يبدو التقدم في معظم المجالات المذكورة مبهراً حتى الآن، لكن ثمة قطع مفقودة في كل مجال منها، مما يجعل العلاقة الثنائية أقل من مستوى الشراكة الاستراتيجية المنشودة، فعلى مستوى الاقتصاد والتجارة مثلاً، وقّعت فيتنام وأستراليا على «استراتيجية المشاركة الاقتصادية المُعززة» عام 2021، لكن لا وجود لأي آلية قادرة على جمع كبار المسؤولين من البلدين لمناقشة ومعالجة المشاكل والتحديات القائمة في التدابير البيروقراطية وثقافة العمل التي تعوق تكثيف التعاون، ومن المتوقع أن يحصل حوار بين وزراء التجارة في السنة المقبلة، لكن يجب أن يصبح هذا الحوار منتظماً.

في مجال الدفاع والتعاون الأمني أيضاً، وقّعت فيتنام وأستراليا على «مذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي» عام 2010، وتم استبدالها ب«بيان الرؤية المشتركة لتكثيف التعاون الدفاعي» عام 2018، ونظّم الطرفان اجتماعات سنوية بين وزراء الدفاع، وأقاما حوارات سياسية بين نواب وزراء الدفاع، وأطلقا مشاورات سنوية حول التعاون العسكري وحوارات استراتيجية سنوية أخرى عن الدبلوماسية والدفاع، لكن يفتقر التعاون حتى الآن إلى تدريب الموظفين، والطب العسكري، والأمن البحري، وحفظ السلام عبر قوات الأمم المتحدة، وزيارة سفن البحرية الأسترالية للموانئ.

على صعيد آخر، يستكشف الطرفان راهناً خيار التعاون في مجالات صناعة الدفاع والأمن السيبراني، وتستبعد سياسة الدفاع الفيتنامية احتمال إنشاء أي تحالف عسكري، لكنّ هذا التوجه لا يحدّ من التعاون الذي يهدف إلى تقوية قدرات الدفاع الذاتي في البلدين، ففيتنام وأستراليا دولتان بحريتان، وهما تعتبران الأمن البحري جزءاً من أمنهما القومي، ورداً على التحديات الاستراتيجية في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ (يُجمِع الطرفان على ضرورة أن تُحكَم هذه المنطقة بناءً على قواعد محددة بدل الإكراه)، يُفترض أن يشمل التعاون الدفاعي بين فيتنام وأستراليا، بموجب أي شراكة استراتيجية شاملة، تدريبات ودوريات بحرية مشتركة وتقاسم المعلومات الاستخبارية البحرية، وبالإضافة إلى الحوارات الحاصلة راهناً، يجب أن يستكشف الطرفان على الأرجح احتمال جمع هذه الآليات وتحديثها لتنظيم اجتماع وزاري سنوي يستضيفه ويرأسه وزراء الخارجية والدفاع.

عبّرت فيتنام وأستراليا عن رغبتهما في تطوير علاقتهما كي تصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ومن المتوقع أن يتحقق هذا الهدف بحلول السنة المقبلة، حين يحتفل البلدان بالذكرى الخمسين لبدء علاقاتهما الدبلوماسية، لكن يتعلق أهم عامل بارتقاء مضمون الشراكة إلى المستوى المطلوب إذا أراد البلدان أن تصل العلاقات بين هانوي وكانبيرا إلى «ذروة جديدة».

* هاي هونغ نغوين