عندما انحنت الهامات خوفاً لا تواضعاً، وعندما خفتت الأصوات ذلاً لا تعقلاً، وعندما عاث من عاث في الأرض جوراً وتكبراً، وعندما استجارت الثكلى ولم تجد المجير، وعندما لم تلق «وا معتصماه» معتصماً، انفجر طوفان الأقصى.

إن الذي حدث في السابع من أكتوبر 2023 م انطلاقاً من قطاع غزة الفلسطيني كان محصلة طبيعية لما آل إليه مصير القضية الفلسطينية من تهميش وطمس لهوية شعب ظل طيلة عقود زمنية يرزح تحت القهر والاستبداد، مارسته عليه قوى ظلم وعدوان، كانت تعي وتدرك تماماً ماذا تفعل، غرها في الاستمرار في غيها الصمت العربي الذي عانت شعوبه على مدى أربعمئة عام القهر والاستبداد، فعرفت معناه ومحصلته، فلم تمد يد العون إلا بقدر اعتقدت أنه كفيل برفع اللوم والحرج عنها، ولفترة وجيزة من الزمن انشغلت بعدها بما احتدم في داخلها من نزاع مثلته الأجنحة المتصارعة على النفوذ والسيطرة، مما جعلها هي الأخرى محط أنظار الطامعين فيها وفي رقعتها المترامية الأفق... لما كان ذلك ولما شعر الفلسطينيون بانفضاض الإخوة في الوطن العربي عنهم وعن قضيتهم أدركوا ألا مجير لهم إلا الله وأنفسهم، فلا غرابة وقد طفح الكيل أن يبرز منهم سنوارات أحدثت خللاً في كيان من استعبدهم.

Ad

لقد سقط السنوار شهيداً في ساحة حربه، ولعله المقاتل الأشد باساً في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني الذي امتد على مدى عقود زمنية، نعم لقد سقط الرجل وبالكيفية التي أراد، لكن سقوطه سيذكي نيران حرب يستعر أوارها أجيالاً وأجيالاً يحترق في أتونها سنوار آخر يحيي مرحلة أخرى من مراحل الصراع بين الحق والباطل.