في عالم مليء بتحديات دولية سريعة ومتسارعة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا» منصة سهلة لتَنَاقُل المعلومات المضللة والإساءات المتعمدة، من أجل تفكيك الروابط الاجتماعية في البلد الواحد.

فاللافت أن هذه الوسائط باتت تعج بحسابات مشبوهة سدّت الفراغ الذي قد تتركه الجهات الإعلامية الرسمية، مما أدى إلى نشر الإشاعات وإعطاء الفرصة للباحثين عن الشهرة واقتناص الفرصة لبث الفتنة وإشاعة المغالطات، بل تصاعدت أكثر مع تأثر المواطنين الغيورين الذين اضطروا إلى الدخول في دائرة الفتن لاعتقادهم أنه بمنزلة الدفاع عن الوطن، مما أوقعهم في مستنقع آسِنٍ وجها لوجه مع الذباب الإلكتروني.

ولذا وَجب تنقية الفضاء الرقمي من المحتويات المسيئة والمضللة، وذلك من خلال تبني استراتيجية متكاملة تواكب التطور السريع لوسائل التواصل الاجتماعي، عبر توفير الكوادر المؤسسية والموارد البشرية المؤهّلة، بضبط المحتوى وتنظيمه بشكل متوازن، يراعي تباين مستويات الوعي الرقمي بين الأفراد والجماعات، سعيًا وراء سد الباب أمام زحف الذباب الإلكتروني المُوَجَّه.

Ad

كما يجب الاستفادة من النخب الإعلامية من كتّاب الرأي والباحثين وصناع المحتوى، لما يملكون من تأثير كبير على الرأي العام، حيث يسهم ذلك في تحسين جودة المحتوى الإعلامي الرسمي، وتصحيح الانحرافات الفكرية والسياسية والاجتماعية، وذلك بترويج الرسائل الإيجابية، أو الرد على الإعلام المزيف، أو التصدّي للقراصنة الرقميين المرتزقين، الذين يقرصنون الحسابات الشخصية للأفراد والمؤسسات، ويبثّون من خلالها سمومهم الفتاكة، ناهيك عن أهمية تدخّل الأمن السيبراني وتعزيز آليات ضبط الجرائم الرقمية.

كما يجب تنظيم حملات توعوية حول كيفية التحقق من مصادر المعلومات وفهم تقنيات التضليل، وضرورة تقديم محتوى تعليمي عبر وسائل الإعلام الإلكتروني تسهم في التحقق من الأخبار والتفريق بين المعلومات الصحيحة والأخبار المزيفة،

حيث إن ما يظهر في هذه الوسائل التي انتشرت مؤخراً، وجعلت الناس تترك أصل الشيء وتركز على إبرازه للآخرين من خلال الأكل، والملابس، وحتى العلاقات العائلية التي لم تخلُ من التصوير غير المبرر، فقد أصبح الناس قسمين: أناس تنشر وأناس تتطمش، وأصبح «هم» الغالبية هو الحضور في السوشيال ميديا، فصار خلق المحتوى واجباً يومياً جعل الكثيرين يسقطون في فخ الإسفاف.

وبشكل عام أسقطت «السوشيال ميديا» الحواجز الطبيعية بين طبقات المجتمع وصار الكل يوجد في المكان نفسه، ولا يخفى على المتابعين أن «تويتر» كشف ما في عقول الناس، والإنستغرام كشف ما في بطون الناس، وسناب شات كشف ما في بيوت الناس، فأصبح الناس بين حساب مُضر بـ... وحساب مُصر على...، وحساب مجبر للخواطر وآخر محير للمشاعر وحساب يبرر... وحساب يحاول أن يُمرر، وحساب أجير وحساب أسير، وحساب يستفز، وحساب يفزع.

كما هناك حساب مدهش وآخر منعش، وهناك حساب متطور، وآخر متورط، وهناك حساب ممتع، وآخر معتم، وحساب يبعث الضوء، وحساب ينفث السوء، فعلينا كمتابعين إضافة الحسابات التي تُسهم في تشكيل الأفكار والنفوس وقيادة التغيير وتنهض بالدولة بكل مجالاتها.