قال أحد المصلين متفاخراً خلال حديثه مع إمام مسجد «نحن ملتزمون في عبادتنا، ففي جميع الصلوات نحضر إلى المساجد»، فرد عليه الإمام ردا مطولا موجزه أنه «لا خير في جماعات حضرت فيها الأجساد وغابت العقول».
يصل عدد أعضاء منظمة الأمم المتحدة إلى 193 دولة، أي أن العالم كله تقريباً يعمل تحت مظلة المنظمة التي ينص النظام الأساسي لميثاقها الموقع عام 1945 على الحقوق المتساوية للأمم، وينص الميثاق ذاته على منح الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الهيمنة الكاملة على القرار العالمي، حيث يمكنها إيقاف ما تشاء من قرارات مصيرية، وتأجيل ما تشاء، ورفض ما لا يتماشى مع مصالحها، فلا يتم اتخاذ أي قرار أرادته دول العالم كلها مجتمعة ورفضته إحدى دول الفيتو الخمس، وهذا ما نصت عليه المادة (108) من الميثاق.
ما يقارب 80 عاما، وهذا الوضع الفاحش الظلم قائم، وتناقض الميثاق واضح للعيان، ولا محاولات جادة لتغييره أو تعديله، وكم من أعضاء المنظمة من اكتوى بنار هذا التناقض، فدولة واحدة بما لها من حق الاعتراض تستطيع تغليب مصالحها على مصلحة النظام العالمي!
والحاصل أنه من حيث الشكل العام والشعار، فإن منظمة الأمم المتحدة قائمة لتحقيق العدالة الدولية ونصرة المظلوم، وهي في واقع الأمر لا تحقق عدالة ولا تنصر مظلوماً، وهناك 188 دولة عضوة فيها لا تستطيع تمرير قرار دون إذن وموافقة الدول الكبرى، فماذا يسمى ذلك؟ أليس استعماراً مقنعاً؟ وما المكاسب التي تحصل عليها تلك الدول للقبول بالاستمرار في ظل هذه الأوضاع؟
في أسوأ الأحوال، وفي حال عجزت 188 دولة عضوا في هذه المنظمة عن تعديل اعوجاج ميثاقها فلماذا لا تنسحب مجتمعة وتتجه إلى إنشاء منظمة عالمية جديدة بميثاق عادل لا أفضلية فيه لأحد يمتلكون فيه من المكاسب المتساوية ما يجعل حضورهم كاملا تمثيلا وقرارا لا مجرد عدد يحصى، ويتركون منظمة الأمم المتحدة لكبار أعضائها تطبق قراراتها على نفسها من دون إلزام لأي من دول العالم؟
وإن كنا نحن المسلمين جزءا من كتلة الـ188 دولة نعاني ما يعانونه من تسلط وهيمنة فئة قليلة على القرار العالمي إلى أن يقضي الله أمراً، فعلينا على الأقل ألا نضيع حظنا عند خالقنا، باتباع وصية إمام المسجد الواردة في مقدمة المقال، فالصلاة كنز كبير تستحق أن نغتنمه ونسجل حضورنا فيه بالأجساد والعقول.