في عطلة نهاية الأسبوع المتزامنة مع عيد الشكر في الولايات المتحدة، أعلنت إدارة بايدن تخفيف العقوبات المفروضة على فنزويلا، فبعدما تجاوز الرئيس جو بايدن الانتخابات النصفية بكل أمان، تأمل الإدارة الأميركية على الأرجح أن ينشغل الأميركيون بإنهاء وجبات العيد لدرجة أن يغفلوا عن أحدث تنازلات حصلت عليها فنزويلا.

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تخفيف العقوبات عن إنتاج النفط في فنزويلا بدرجة محدودة، غداة محادثات في مكسيكو بين فئة من ائتلاف المعارضة الفنزويلية المعروفة باسم «المنصة الموحّدة» ونظام نيكولاس مادورو غير الشرعي.

Ad

يعكس تخفيف العقوبات عن فنزويلا سياسة خارجية مربكة، إذ لا تعترف الولايات المتحدة بمادورو كرئيس مُنتخَب دستورياً، وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة هذه السنة، يُعتبر هذا النظام مسؤولاً عن جرائم ضد الإنسانية واعتقال وتعذيب 245 سجيناً سياسياً على الأقل، كذلك يخطف النظام مواطنين أميركيين، ويتآمر مع الصين وإيران للتهرب من العقوبات وإيواء جماعات إرهابية، ويستعمل ثروته النفطية لدعم وتوسيع المشاريع السياسية المعادية للولايات المتحدة في الدول المجاورة. يكشف القرار الأميركي الأخير إذاً مجموعة من النقاط غير المتماسكة في سياسة إدارة بايدن المرتبطة بقطاع الطاقة، منها التنازل الضمني لنظام مادورو في مجال إنتاج النفط، تزامناً مع إدانة استعمال إمدادات الطاقة كسلاح بحد ذاته من الجانب الروسي والسعي إلى منع روسيا من الاستفادة من إنتاج الطاقة. في الوقت نفسه، تسعى إدارة بايدن إلى عقد صفقة أخرى بين نظام مادورو وفئة من المعارضة والأمم المتحدة لفك تجميد حسابات مصرفية أجنبية بقيمة 3 مليارات دولار، علماً أن النظام بحد ذاته قادر على إدارة تلك الحسابات بنفسه، وفي حين تحاول الإدارة الأميركية تبرير ما تفعله بحجّة اتخاذ «خطوات ملموسة» لإرساء الديموقراطية في فنزويلا، يُصِرّ نظام مادورو على استعمال المحادثات مع المعارضة لكسب الوقت وانتزاع التنازلات، ويدرك بايدن هذا الواقع. تحتاج الإدارة الأميركية إلى كميات متزايدة من النفط الأميركي، لكن تريد إدارة بايدن تحقيق هدف مُضَلِّل لمنع نشوء أي شبكات واستثمارات نفطية جديدة قد «تحبس» الإنتاج المحلي المستقبلي وتعوق أجندة الرئيس الصديقة للبيئة، عبر اتخاذ خطوات مثل منع أي مبيعات جديدة لتأجير النفط خارجياً خلال السنوات الخمس المقبلة، وتسييس التراخيص الخاصة بخطوط الأنابيب الجديدة والقادرة على زيادة الإنتاج لتنظيم استعمال محركات الاحتراق الداخلي تمهيداً للتوقف عن استخدامها خلال عشر سنوات.

إنه منطق التفكير الذي أغرق أوروبا في أزمة الطاقة التي تتعامل معها راهناً، كانت أوروبا تظن أنها تستطيع دعم مرحلة انتقالية نحو استعمال الطاقة المتجددة، والقضاء على إنتاجها النفطي الخاص تزامناً مع استيراد بقية الإمدادات اللازمة، لكن أدت مقاربتها بكل بساطة إلى رفع كلفة قطاع الطاقة وزيادة اتكاله على الواردات، جاء الغزو الروسي المتجدد ضد أوكرانيا ليفضح حماقة أوروبا.

من الواضح أن سياسة بايدن في مجال الطاقة غير فاعلة، فهي تعتبر تخفيف غازات الدفيئة «المبدأ التنظيمي» الرئيسي، وقد أجبرت الرئيس على تقديم تنازلات أضعفت قضية الحرية وزادت ثروات أعداء واشنطن عبر استيراد الموارد التي يملكها الأميركيون وحلفاؤهم بكميات وافرة، لكن يدعم بايدن بهذه الطريقة نظام مادورو من خلال السماح بتوجيه موارده المحلية نحو استعمالات شائكة أخرى.

يحتاج العالم إلى إمدادات متزايدة من الطاقة، شرط ألا يتلقاها من قادة مستعدين لاستعمال الطاقة كسلاح بحد ذاته لإضعاف الأمن والحرية في الولايات المتحدة وجوارها، يأتي قرار إدارة بايدن بتخفيف العقوبات عن نظام مادورو غير الشرعي لِيُضعِف واشنطن وينسف مصداقيتها، فالأميركيون وكل من يبحث عن الحرية في فنزويلا يستحقون سياسات أفضل من التوجهات الراهنة.

* كيتي تاب وماتيو حيدر