أكد نائب في البرلمان الإيراني، الخاضع لهيمنة التيار الأصولي المتشدد، أن نواب المجلس يتهربون من تحمل مسؤولية إصدار قانون جديد يخفف من إلزامية فرض الحجاب، بعد إيعاز المرشد الأعلى علي خامنئي لأركان النظام باتخاذ الخطوة، لتهدئة الشارع الثائر منذ حادثة وفاة الشابة مهسا أميني عقب توقيفها من جانب الشرطة؛ لمخالفتها قواعد الزي الإسلامي الصارمة.

وكشف مصدر مطلع عن وقوع انقسام كبير وخلافات شديدة بين نواب البرلمان وأعضاء المجلس الثقافي الأعلى، إذ يتهرب أغلب أعضاء المجلسين من المشاركة في لجنة أمر خامنئي بتشكيلها لتعديل قانون الحجاب.

وأشار المصدر إلى أن أعضاء البرلمان وممثلي المجلس الثقافي يتبادلون الاتهامات، ويصر النواب على أن تدخلات المجلس وتعليماته التي أصدرها للمراجع القضائية والأمنية هي التي تسببت في التصادم، وأفشلت القانون الذي لا يمكنهم تعديله حالياً.
Ad


وذكر أن رئيس البرلمان محمد قاليباف اجتمع مع عدد من النواب ليل الأحد ـ الاثنين؛ لدراسة كيفية إقرار القانون الجديد، واتفق الجميع على أنه لم يعد بالإمكان العودة إلى ما قبل حادثة وفاة أميني، والإبقاء على تشريع يفرض غطاء الرأس على النساء.

وبحسب المصدر، وهو عضو في اللجنة الرئاسية للبرلمان، فإن نواب التيار الأصولي أعربوا عن تخوفهم من تأثير الخطوة المحتملة على شعبيتهم، بالإضافة إلى إمكانية أن تفتح الباب أمام تنازلات أكبر من النظام للمحتجين.

وأضاف أن تياراً كبيراً من الأصوليين عارض أن يقوموا هم بتمرير تشريع ينص على إبقاء إلزامية الحجاب والقوانين الشرعية دون الحاجة إلى تطبيقه بالقوة، مع الاكتفاء بتكليف جهات تثقيفية بمتابعته فقط، كما شكك نواب التيار الأصولي في صحة ما نقله قاليباف عن رغبة المرشد في النص القانوني الجديد، ودعوه إلى أن يطالب خامنئي بإعلان ذلك بنفسه، ليتم تعديل تطبيق القانون الحالي دون الحاجة إلى تشريع يضر بسمعة نواب البرلمان حالياً وقبيل الانتخابات المرتقبة.

وأشار إلى أن النواب اقترحوا على قاليباف أن يقر المجلس الأعلى الثقافي نصاً إدارياً، له مفعول القوانين، ويتضمن تخفيف القيود على الزي، لكن مقترحهم قوبل بتهريب واسع من أعضاء المجلس.

واستبعد المصدر أن يتم سن تشريع معدل بشأن الحجاب خلال مدة الأسبوعين التي أعلنها المدعي العام أمس الأول، مرجّحاً أن يُكتفى بتعليق العمل بالقانون الحالي دون أن يتحمل أحد مسؤولية الخطوة التي تمس بـ «سمعة الجمهورية الإسلامية».

ولفت إلى أن الإصلاحيين والأصوليين كلهم شركاء في المسؤولية عما آلت إليه الأمور من تعقيد وصدام في الشارع، لكنهم جميعاً يتهربون ووضعوا الشرطة «كبش فداء» بعد سنوات من تشكيل الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي جهاز «شرطة الآداب»، وقيام الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي بتفعيلها عبر تهديد حكومته لقيادات الأمن بالخضوع لمحاكمات تأديبية والفصل من العمل إذا تهاونوا في تطبيق فرض الحجاب الإلزامي.

وذكر المصدر أن المجلس الثقافي الأعلى محا كل المستندات التي تشير إلى مسؤولية الرئيس الحالي عن الخطوة، وهو ما قامت به السلطة القضائية أيضاً.

إلى ذلك، بدأ الإيرانيون، أمس، جولة جديدة من الاحتجاجات والإضرابات الواسعة التي من المقرر أن تستمر حتى الأربعاء المقبل، وانتشرت الإضرابات العمالية والطلابية في مدن عدة منها العاصمة طهران وشيراز وأصفهان وكرمان وجيلان، وغيرها من شمال البلاد إلى جنوبها وغربها، وتم اتخاذ تدابير عقابية بحق تجار أعلنوا التزامهم بالإضراب.

في المقابل، نقلت وكالة تسنيم عن «الحرس الثوري» قوله، إن قوات الأمن «لن ترحم مثيري الشغب وقطاع الطرق والإرهابيين»، مطالباً القضاء بالإسراع في إصدار الأحكام بحق من سمّاهم مرتكبي «جرائم ضد أمن الوطن والإسلام».

وفي وقت تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على حكام طهران، شدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني على أن بلاده «لن تقبل بإجراء المفاوضات النووية تحت الضغط والتهديد، ولن تقدم التنازلات للولايات المتحدة».

وعلى خلاف العناد الذي تبديه السلطات الإيرانية بشأن إحياء الاتفاق النووي، جدد كنعاني ترحيب طهران بـ «أيّ وساطة لاستئناف المحادثات مع السعودية»، في إشارة، على ما يبدو، إلى أن إيران تبحث عن وسيط جديد في ظل انحسار فرص محمد شياع السوداني خليفة رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، الذي سهّل إجراء 5 جولات من التفاوض بين القوتين الإقليميتين، رغم عدم إحراز تقدم بشأن إنهاء التوتر والقطيعة.