تأكيدا لخبري «الجريدة» أمس و20 سبتمبر الماضي، وفي أول تراجع أمام التظاهرات التي تواصل تحركاتها منذ سبتمبر الماضي، قدّم النظام الإيراني تنازله الأول، معلناً حل شرطة الآداب، التي تسببت في إطلاق شرارة الاحتجاجات والاضطرابات بعد مقتل الشابة الكردية مهسا أميني أثناء توقيفها لمخالفتها قواعد الحجاب، الذي أصبح إلزامياً منذ عام 1983.

وتعكس هذه الخطوة، التي تزامنت مع إعلان إعدام 4 أشخاص أُدينوا بالتعامل مع إٍسرائيل، الاستراتيجيةَ التي تتبعها السلطات في محاولةٍ لاحتواء أكبر موجة احتجاج منذ إسقاط نظام الشاه في 1979، ويعتمد هذا التكتيك على تقديم تنازلات اجتماعية بينها تخفيف قيود الملبس، وتعديل قانون الانتخابات؛ لإعادة إشراك الإصلاحيين وقوى سياسية مغيّبة في الحكم بالانتخابات المقررة العام المقبل، مع الاستمرار في إرهاب المحتجين عبر عمليات القمع المباشر أو الإعدامات والاعتقالات.

وأعلن المدعي العام محمد جعفر منتظري، أمس، في مؤتمر صحافي بمدينة قم، حل شرطة الآداب، ليؤكد خبرَي «الجريدة»؛ عن نية السلطات تقديم تنازلات، وتعليق المرشد الأعلى علي خامنئي، ضمناً، عمل الجهاز المنوط بتطبيق قواعد الزي والأخلاق على النساء والرجال.
Ad


وقال مصدر في مكتب خامنئي، لـ «الجريدة»، إن قرار إعلان حل الشرطة جاء بعد اجتماع دعا إليه المرشد وحضره كبار قادة النظام، ليل الخميس ـ الجمعة، لافتاً إلى أن خامنئي أبلغ الحضور قراره إنشاء مجموعات دعوية حكومية لنشر الثقافة الإسلامية والشرعية، مقابل تخفيف القيود الاجتماعية وبينها إلزامية ارتداء الحجاب.

وذكر المصدر أن المرشد أوعز لرئيس البرلمان محمد قاليباف ورئيس السلطة القضائية حسين غلام محسني بالعمل على تعديل قانون الحجاب، في غضون أسبوع أو أسبوعين، بما يتطابق مع الظروف الجديدة للبلاد، وإعطاء مساحة أكبر من الحرية «دون أن يتحول الأمر إلى فلتان».

وأوضح أن المرشد وجّه عتباً شديداً للرئيس إبراهيم رئيسي وحكومته بسبب الاضطرابات، مستنداً إلى تقرير قدمه رئيس البرلمان له أخيراً وأرجع 90 في المئة من المشاكل التي تواجه البلاد حالياً إلى «تخبط الحكومة» في خططها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخارجية والداخلية.

وجاءت الخطوة عشية بدء إضراب دعا إليه المحتجون يستمر ثلاثة أيام، وقبيل كلمة مقررة لرئيسي غداً أمام الطلبة في جامعة طهران، في خطوة قال مراقبون معارضون، إنها تنطوي على معارضة، إذ إن الجامعات خرجت بالكامل عن دعم النظام.

وأعلن مغني البوب الشهير، إبراهيم حامدي، تأييده للإضرابات والاحتجاجات الجديدة، في حين قدّر نائب وزير الداخلية ماجد ميراهمادي الخسائر والأضرار الناتجة عن الاحتجاجات بأنها تبلغ أكثر من 47 مليون دولار.

إلى ذلك، وبعد اجتماع مغلق بين البرلمان والحكومة خُصّص لمناقشة الاحتجاجات، قال المتحدث باسم رئيس البرلمان نظام الدين موسوي إن «الحكومة والبرلمان يؤكدان أن أفضل طريقة للتعامل مع الاضطرابات الأخيرة وتحقيق الاستقرار هو الاهتمام بالمطالب الحقيقية للشعب، التي تتعلق في معظمها بالمعيشة والاقتصاد».

وأضاف موسوي أن «أغلبية الشعب مع الثورة الإسلامية، ويؤمنون بالقيادة، ولكن لديهم شكاوى واعتراضات صحيحة يجب الرد عليها».

في المقابل كشف الأمين العام لحزب «اتحاد ملت» الإصلاحي آذر منصوري، عن لقاء جمع عدداً من النشطاء السياسيين بأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، صباح أمس؛ خُصّص لمناقشة الاحتجاجات.

وفي السياق، أظهرت وثيقة مسربة بعد اختراق وكالة أنباء فارس، أن السلطات الإيرانية اعتقلت 115 من أفراد الجيش؛ بسبب دعمهم للاحتجاجات.

وبحسب ما سرّبته «رويترز» عن مسؤول عسكري، فضّل عدم نشر اسمه، فإنّ الأجهزة الاستخباراتية كثفت نشاطاتها وتدقيقها الأمني حول كل عنصر تشارك عائلته أو أحد أفرادها في التظاهرات، أو أقارب الذين لقوا مصرعهم على يد الأمن والجيش في الأحداث الأخيرة، وتحقق معهم لضمان ولائهم للنظام.