بعد مرور 40 عاماً على لقائهما الوحيد بنهائيات كأس العالم لكرة القدم، يعود منتخب فرنسا لمواجهة نظيره البولندي في المونديال من جديد، في لقاء أوروبي خالص.

وستكون حملة المنتخب الفرنسي للدفاع عن لقبه الذي حققه في المونديال الماضي بروسيا عام 2018 على المحك، حينما يلاقي بولندا على ملعب «الثمامة» اليوم، في دور الـ 16 بكأس العالم قطر 2022.

وأثار منتخب فرنسا قلق محبيه قبل خوض الأدوار الإقصائية في مونديال قطر، رغم صدارته ترتيب مجموعته في الدور الأول، في ظل الأداء المتذبذب الذي قدمه خلال دور المجموعات.
Ad


وصعد المنتخب الفرنسي لمرحلة خروج المغلوب في المونديال، بعدما تواجد على قمة المجموعة الرابعة برصيد 6 نقاط، عقب تحقيقه انتصارين وتلقيه خسارة وحيدة، متفوقاً بفارق الأهداف العام على أقرب ملاحقيه منتخب أستراليا، المتساوي معه في نفس الرصيد، الذي رافقه لمرحلة خروج المغلوب عن تلك المجموعة.

بداية قوية... ولكن!

ورغم البداية القوية لمنتخب «الديوك» في البطولة بفوزه الساحق 4 - 1 على أستراليا في الجولة الافتتاحية للمجموعة، فقد اجتاز عقبة منتخب الدنمارك بشق الأنفس، بعدما تغلب عليه 2 - 1 في الدقائق الأخيرة بالجولة الثانية، قبل أن يخسر صفر - 1 أمام المنتخب التونسي في ختام لقاءاته.

ودخل منتخب فرنسا البطولة بدون العديد من نجومه البارزين بسبب الإصابة مثل كريم بنزيمة ونجولو كانتي وبول بوغبا، كما أصيب لوكاس هيرنانديز خلال البطولة بقطع في الرباط الصليبي للركبة.
ودفع ذلك ديشان للاستعانة بمجموعة من العناصر البديلة في القائمة الأساسية للفريق التي خاضت لقاء تونس، خشية تعرض المزيد من النجوم للإصابة.

وتبدو جميع الأوراق الرابحة التي يمتلكها منتخب فرنسا حالياً جاهزة لمواجهة بولندا، بقيادة كيليان مبابي وعثمان ديمبلي وكومان وأنطوان غريزمان، الذي أحرز هدفاً في مرمى «نسور قرطاج» في اللحظات الأخيرة قبل أن يتم إلغاؤه بداعي وقوعه في مصيدة التسلل.

ولن تكون مواجهة منتخب بولندا، الذي يعود للظهور في الأدوار الإقصائية للمونديال للمرة الأولى منذ نسخة المسابقة عام 1986 في المكسيك، مواجهة سهلة على المنتخب الفرنسي.

وبعد ظهوره الباهت في نسخة كأس العالم الماضية قبل 4 أعوام التي شهدت خروجه من دور المجموعات، استعاد منتخب بولندا الكثير من بريقه الذي فقده لفترة طويلة في المونديال بالنسخة الحالية.

وتخطى المنتخب البولندي الدور الأول، بعدما احتل المركز الثاني في ترتيب مجموعته برصيد 4 نقاط، عقب الفوز في لقاء والتعادل في مباراة والخسارة في أخرى.

وافتتح منتخب بولندا مشواره في المجموعة الثالثة بالتعادل بدون أهداف مع منتخب المكسيك في لقاء شهد إهدار نجمه روبرت ليفاندوفسكي ركلة جزاء، قبل أن يحرز نجم فريق برشلونة الإسباني هدفه الأول في مسيرته بكأس العالم ليقود الفريق للفوز 2 - صفر على منتخب السعودية في الجولة الثانية للمجموعة.

واختتم منتخب بولندا، الذي يشارك في المونديال للمرة التاسعة في تاريخه والثانية على التوالي، مشواره في مرحلة المجموعات بالخسارة صفر - 2 أمام الأرجنتين.

تألق تشيزني

وشهدت المباراة أمام المنتخب الأرجنتيني تصدي فويتشيك تشيزني، حارس مرمى بولندا، لركلة جزاء من ليونيل ميسي، قائد منتخب «راقصو التانغو»، ليصبح ثالث حارس مرمى في تاريخ المونديال يتصدى لركلتي جزاء في نسخة واحدة بالبطولة، والأول منذ تحقيق الأميركي براد فريدل الإنجاز ذاته بنسخة 2002.

وكان تشيزني أنقذ ركلة جزاء أيضاً من سالم الدوسري خلال لقاء المنتخبين البولندي والسعودي في البطولة الحالية.

وأثار تألق تشيزني في ركلات الجزاء قلق ثنائي المنتخب الفرنسي أنطوان غريزمان وويليام ساليبا، اللذين شددا على ضرورة حسم المباراة لمصلحة فريقهما قبل اللجوء لركلات الترجيح.

والتقى المنتخبان في 16 مباراة ما بين رسمية وودية، حيث كانت الأفضلية للمنتخب الفرنسي الذي حقق 8 انتصارات، فيما فاز منتخب بولندا في 3 لقاءات، وخيم التعادل على 5 مواجهات.

ورغم ذلك، فقد حسم المنتخب البولندي المواجهة الوحيدة التي جرت بين المنتخبين في كأس العالم لمصلحته، حينما تغلب 3-2 على فرنسا في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع بنسخة المسابقة عام 1982 في إسبانيا.

وستكون هذه هي المواجهة الأولى بين المنتخبين منذ لقائهما الودي الأخير، الذي أقيم في 9 يونيو 2011 وانتهى بفوز فرنسا بهدف نظيف.

يذكر أن الفائز من هذا اللقاء سوف يلتقي يوم السبت القادم في دور الثمانية مع الفائز من مباراة إنكلترا والسنغال.

تشيزني... الحصن المنيع
يشكِّل حارس عرين منتخب بولندا، فويتشيك تشيزني، بالفعل الحصن الأول في مواجهة فرنسا اليوم. مع خط هجوم خجول سجل هدفين فقط في ثلاث مباريات بالمجموعة الثالثة، يُعد تشيزني بين الخشبات الثلاث ضمانة لا تقدَّر بثمن.

وبعدما اهتزت شباكه مرتين فقط في الملاعب القطرية، بات البولندي الحارس الذي منع أكبر عدد من الأهداف.

دفعت كلمات تشيزني البعض للابتسام، حتى إن الاتحاد الأوروبي (ويفا) أغاظه، على سبيل التحذير، بنشره على «تويتر» صور الهدف الذي سجله مهاجم باريس سان جرمان الفرنسي كيليان مبابي خلال المواجهة أمام يوفنتوس الإيطالي بدوري أبطال أوروبا في 2 نوفمبر.

حذَّر تشيزني، صاحب 69 مباراة دولية، قبل مواجهة الأرجنتين «ليونيل ميسي، أدرسك!». وبالفعل صد حارس «السيدة العجوز» ركلة جزاء نفذها «البرغوث»، لكن من غير أن يحول دون خسارة بلاده.

أثبت الحارس الفارع الطول (1.96م) جدارته بين الخشبات الثلاث، بعدما صد ركلة جزاء للسعودي سالم الدوسري بالجولة الثانية، ليحافظ بعدها على نظافة شباكه أمام المكسيك.

في عام 2008، تعرض تشيزني، نجل الحارس الدولي السابق ماتسيي، لكسر في كلتا يديه أثناء التمارين. وخلال كأس أوروبا 2012 حصل على بطاقة حمراء في مباراته الأولى، وفي عام 2016، عانى من الاصابات.

لكن في سن الـ 32 عاماً، وخلال ثاني مشاركة، وربما الأخيرة، في نهائيات كأس العالم، يبدو أن البولندي تصالح أخيراً مع العناية الإلهية على أرض الملعب على الأقل.
.
لوريس... مصدر ثقة «الديوك»
فرض حارس منتخب فرنسا هوغو لوريس وقائده منذ عام 2010 نفسه في تشكيلة أبطال العالم التي تواجه بولندا اليوم (الأحد) في ثُمن نهائي مونديال 2022، باعتباره قائداً «موثوقاً به» و«هادئاً» وشخصاً يستطيع التواصل مع الجميع.

سيصبح الحارس (35 عاماً)، الفرنسي الأكثر مشاركة في التاريخ، اليوم، بالتساوي مع ليليان تورام (142 مباراة).

ومع مرور السنوات، أصبح هذا الطفل من كوت دازور حارس عرين كليرفونتين، المركز التاريخي لمنتخب فرنسا، الذي فتح له ذراعيه عام 2008، بدعوة من ريمون دومينيك، ومن ثم تم تعيينه قائداً للمنتخب من قِبل لوران بلان في نوفمبر 2010.

وأينما ذهب، يكوِّن لوريس علاقة خاصة مع المدربين الذين يعهدون إليه الثقة لحراسة العرين، ويعتمدون على قيادته بكلمات قليلة.

ويرفض بطل العالم 2018 أيضاً المزج بين الرياضة والسياسة، وتحديداً قبل كأس العالم، عندما سارع للتخلي عن شارة «حب واحد»، حيث فضَّل «إبقاء التركيز على لعبة كرة القدم». عندما يتعلق الأمر بالأمور الفنية، فإنه لا يتردد في الإشارة علناً إلى اختلالات في أداء المنتخب الفرنسي

بدأ لوريس مسيرته في كرة المضرب قبل كرة القدم، ولم يختر منصب حارس المرمى عن طريق الصدفة، إذ يحتفظ ببعض الاستقلالية والفردية داخل المجموعة.

هذه الاستقلالية التي يتبناها أيضاً في إدارة حياته المهنية، إذ لا يملك وكيل أعمال أو مستشارين رسميين، حتى لو كان بإمكانه أن يحيط نفسه بهم، بل يتفاوض لوريس على عقوده بنفسه، ويدير اتصالاته بمفرده، ولا يستخدم أيضاً مواقع التواصل الاجتماعي.


.

كونديه بلغ القمة من دون ضجة

لم يحرق مدافع منتخب فرنسا جول كونديه المراحل في بداية مسيرته، لكنه كان مصمّماً على بلوغ أعلى المستويات وهو ما يعيشه حالياً في صفوف ناديه برشلونة الإسباني ومنتخبه الوطني.

وُلد في باريس، لكنه ترعرع في منطقة لانديراس التي تبعد حوالي 40 كيلومتراً عن مدينة بوردو حيث انتقلت والدته للعمل كساعية بريد عام 2000. بعد المدرسة، كان يمارس التسديد نحو الحائط.

وبعد خمسة مواسم قضاها مع لانديراس وآخر مع سيرون، لفت أنظار أحد كشافي لا بريد أحد الأندية المعروفة في تخريج اللاعبين بالقرب من بوردو، بعمر الحادية عشرة.

ومن أجل تحاشي مصير الذين سبقوه ورحلوا عن الفريق من دون أي أفق، قام لا بريد بالاتصال بنادي بوردو من اجل ان يتابعوا تطوّر مستواه.

وسرعان ما انتقل الى بوردو، ويملك كونديه ذكاء في قراءة اللعب، وغالبا ما يأخذ المبادرة في الانقضاض على الكرة.

ولفت الانظار في الفئة العمرية تحت 19 عاماً عندما كان قائداً لجيل ذهبي يضم اليه كلا من أوريليان تشواميني (ريال مدريد حاليا) وغايتان بوسان، حيث قاده الى لقب بطل فرنسا عام 2017. ومنحه مدرب بوردو حينها الأوروغوياني غوستافو بويت فرصته الأولى في الفريق الأول في يناير عام 2018. وعلى الرغم من انتقاله الى اشبيلية عام 2019 ثم الى برشلونة الصيف الماضي، لا يزال كونديه يعود الى الجذور كلما سنحت له الفرصة.

إصابة ثيو هرنانديز

ذكر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم أن الظهير الأيسر ثيو هرنانديز لم يكمل التدريبات أمس الأول قبل مواجهة بولندا في دور الـ16 لكأس العالم اليوم، بسبب إصابته بكدمة بسيطة في الكاحل.

وقال الاتحاد الفرنسي: «سيكون حاضرا في التدريب»، مشيرا إلى أن هرنانديز لن يشارك، كما هو مقرر، في كامل الحصة التدريبية التي ستقام على استاد جاسم بن حمد.
ثيو هرنانديز
وهرنانديز هو الظهير الأيسر الوحيد ضمن التشكيلة، بعد استبعاد شقيقه لوكا من البطولة، بسبب إصابة خطيرة بالركبة، تعرض لها في المباراة الافتتاحية التي فازت بها فرنسا 4-1 على أستراليا الأسبوع الماضي.
جيرو ولقب «الهداف التاريخي»
تمكّن المهاجم أوليفييه جيرو من نسج قصته بتصميم وبصورة غير نمطية ليتحدى كل الصعاب والتحديات التي واجهته في مسيرته ويصبح على مشارف دخول التاريخ، حيث يكفيه تسجيل هدف واحد في مرمى بولندا الأحد في ثمن نهائي مونديال 2022، ليصبح الهدّاف القياسي للمنتخب الفرنسي.

في سن السادسة والثلاثين، يحتاج المهاجم المخضرم الى هدف واحد فقط ليتخطى المهاجم تييري هنري وينفرد بالمركز الاول في صدارة الهدّافين التاريخيين لبلاده (يتساوى اللاعبان بـ 51 هدفًا).

قبل عام، لم يكن المدرب ديدييه ديشان يقوم باستدعائه طالما أنّ كريم بنزيمة حاضر للمشاركة، لكن مهاجم ميلان الايطالي جعل نفسه خياراً دائماً، وفاز بمكانه مرّة أخرى، ثم ادّت اصابة بنزيمة وغيابه عن مونديال قطر بانتزاعه موقعاً أساسياً.

وفي حال استحال على جيرو تخطي هنري، فسيشعر بالندم لانّ لاعبين آخرين يقتربون شيئا فشيئا، كزميله الحالي أنطوان غريزمان (42 هدفًا)، والنجم الشاب كيليان مبابي الذي يتقدم بشكل صاروخي (31 هدفًا)، لذا فإنّ الأمر هو مكافأة لا تعوّض لجيرو عن رحلة مذهلة مليئة بالمزالق والتحديات.

تألق جيرو، المولود في مدينة شامبيري، بشكل متأخر مقارنة بنجوم المنتخب الفرنسي عادة؛ بعد غرونوبل وإيستر وتور، بلغ أخيرا الدوري الفرنسي للدرجة الاولى «ليغ1» في سن 23 عن طريق مونبلييه. وفُتحت ابواب المنتخب الفرنسي لجيرو في نوفمبر 2011، وهو في الـ 25 عاما.

بعد بضعة أشهر، تحقق حلم آخر، بانتقاله الى الدوري الإنكليزي الممتاز. في غضون خمس سنوات ونصف في صفوف آرسنال، كشف «المدفعجي» الفرنسي عن معدنه.

في الوقت نفسه، أصبح الرجل الأساسي لديشان، الى جانب بنزيمة، ثم بدونه بمجرد غياب لاعب ريال مدريد.

بين الفترات الغزيرة والخالية، كما كان الحال في كأس العالم 2018 التي فاز بها المنتخب الفرنسي، يجد جيرو الإجابة عن كل شيء.

وعندما تراجعت مكانته مع «الزرق» في عام 2022، كان يلتهم كل «فتات» بشهية الغول، ويقبل دوره كبديل لبنزيمة بينما ينتظر وقته. اليوم، يملك جيرو الفرصة للانفراد بالرقم القياسي وإثبات قيمته التي استخف بها الكثيرون.