إن اقتصار مفهوم البطولة على رجال الأعمال والاقتصاد دون الاعتراف بتضحيات أبطال الوطن الحقيقيين ليس إساءة لذكراهم فقط، بل تجاهل لحق الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل حرية الكويت وسيادتها الوطنية.
هذه التصريحات المثيرة للجدل ليست سوى محاولة واضحة لإثارة البلبلة بين أبناء الوطن الواحد، فالشهداء الكويتيون كانوا في طليعة المقاومة الشعبية ضد الغزو العراقي، وخاضوا معارك ضارية للدفاع عن كل شبر من أرض الكويت، وتجاهل هذه التضحيات البطولية وإهدار حقهم أمر مرفوض، ويعبر عن نظرة ضيقة وسطحية لمعنى البطولة والفداء.
أثناء مواجهة الغزو والاحتلال، برزت إلى جانب الرجل المرأة الكويتية كرمز للصمود والتضحية من أجل الحرية والاستقلال، فكانت النساء بحق البطلات الحقيقيات في تلك الأيام العصيبة، وسطرن بأفعالهن أروع ملاحم البطولة الوطنية، فبينما كان بعض رجال الأعمال ينجون بأنفسهم ويفرون من البلاد، ظلت النساء الكويتيات في مواجهة المحتل بكل ما أوتين من قوة وإصرار.
فقد رفضن الاستسلام أو الخضوع لسيطرة القوات العراقية، وبدلاً من ذلك أطلقن حركة نضال سياسي شرس رفضاً للاحتلال واستنكاراً لجرائم الغزاة، فنظمن المظاهرات والاعتصامات، وأطلقن حملات التضامن الدولي، وواجهن قوات الاحتلال بالصوت العالي والشجاعة الفائقة، في مقدمتهن كانت سناء الفودري، أول شهيدة كويتية فارقت الحياة أثناء مشاركتها في الاحتجاجات النسائية المطالبة برحيل المحتل وعودة الشرعية، كما كانت البطلة أسرار القبندي التي نذرت حياتها لتحرير الكويت، والشهيدة أنعام العيدان التي انضمَّت سرًّا إلى صفوف المقاومة، ولا ننسى سعاد حسن التي واصلت نشاطها المعارض للاحتلال، وانضمَّت إلى صفوف المقاومين لإمدادهم بالضروريات، إلى أن استشهدت وشهيدة الحرية غالية التركيت التي قُتلت برصاص الجنود العراقيين في اللحظات الأخيرة قبيل التحرير.
وقد كان لصمود وتضحيات هؤلاء النساء وغيرهن أكبر الأثر في الحفاظ على الروح الوطنية للشعب الكويتي خلال فترة الاحتلال، فقد جسدن بأعمالهن البطولية معنى الوطنية والشهادة في سبيل الحرية، ستبقى هؤلاء الشهيدات بطلات الكويت الخالدات في الوجدان.
ختامًا، لمن ادعى بأن رجال الأعمال هم أساس نهضة الكويت وازدهارها، نقول: ماذا سيكون دور رجال الأعمال والتجار لولا شهداء الكويت الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل عودة الوطن حراً؟