حسم المنتخب الهولندي «معركة الولايات المتحدة» بالفوز عليها 3 - 1، وتسجيل اسمه كأول العابرين إلى ربع نهائي مونديال قطر 2022 لكرة القدم أمس السبت.

ويدين «البرتقالي» بهذا الفوز إلى لاعبه دنزل دامفريس الذي لعب تمريرتين حاسمتين لممفيس ديباي (10) ودالي بليند (45+1) وسجل الهدف الثالث (81)، فيما سجّل حجي رايت هدف الأميركيين الوحيد (76).

فرحة لاعبين المنتخب الهولندي بالتاهل

Ad

وقبل المباراة، علَّق الحساب الرسمي للمنتخب الهولندي لكرة القدم في «تويتر» على المواجهة بـ «معركة مع الولايات» في إشارة إلى الاختبار الصعب الذي ينتظر «الطواحين» في سعيهم إلى الذهاب بعيداً في البطولة وفك النّحس الذي يلازمهم فيها بخسارتهم ثلاث مباريات نهائية بفوارق ضيقة أعوام 1974 و1978 و2010.

وفيما يبدو لسان حال أغلبية لاعبي المنتخب الهولندي الحديث عن التتويج باللقب، شدّد المدرب لويس فان خال (71 عاماً) على أن المرحلة الأهم في البطولة تبدأ من ثمن النهائي.

ويمنّي فان خال، المكنى «البجعة» بسبب فمه الكبير وحنكه السميك، نفسه بمواصلة سجله الرائع مع منتخب بلاده في العرس العالمي بعدما أصبح السبت (عقب الفوز على الولايات المتحدة) أول مدرب يتفادى الخسارة في 11 مباراة متتالية في كأس العالم (8 انتصارات وثلاث تعادلات)، في سعيه لتحقيق ما عجز عنه في البرازيل وأن يختتم مشواره مع المنتخب بلقب عالمي طال انتظاره خصوصاً أن النسخة الحالية هي الأخيرة له في مسيرته التدريبية حيث سيعتزل ويترك منصبه لرونالد كومان.

وخرجت هولندا من ثمن النهائي أربع مرات أعوام 1934 و1938 و1990 و2006، لكنها نجحت في تخطيه ست مرات بينها ثلاث مرات أكملت المشوار حتى النهائي (1974 و1978 و2010) ومرتين حتى دور الأربعة (1998 و2014)، فيما خرجت من ربع النهائي عام 1994 ولم تتأهل إلى النسخة الأخيرة.

دمفريس وديباي يحبطان الأميركيين

ولم تكن المهمة سهلة أمام الولايات المتحدة العائدة الى العرس العالمي بعد غيابها عن النسخة الأخيرة في روسيا على غرار هولندا، إلى ربع النهائي سوى مرة واحدة عام 2002 حين انتهى مشوارها أمام ألمانيا بهدف لميكايل بالاك.

ودخل الأميركيون المباراة بهجوم ضاغط فاجأوا فيه الهولنديين، وأولى الفرص كانت لكريستيان بوليسيك المفلت من الرقابة الدفاعية داخل منطقة الجزاء، لكن تصدى لها الحارس أندريس نوبرت (3).

وحاول بوليسيك نفسه بعد ذلك خرق الدفاعات الهولندية، بعرضية لم تصل إلى مبتغاها في الدقيقة الثامنة.

لكن «الطواحين» عكست مجرى رياح المباراة سريعاً، وافتتحت التسجيل من هجمة منظمة سريعة وصلت إلى دامفريس من الجهة اليمنى، فحوّلها عرضية أرضية خلفية إلى داخل منطقة الجزاء، لتصل على طبق من فضة إلى ديباي الذي أسكنها في الشباك إلى يمين الحارس الأميركي مات تورنر (10).

حاول الأميركيون العودة، عبر الضغط على الأجنحة والتسديدات من خارج المنطقة. وكان الردّ حاضراً في الجهة المقابلة رغم الرتابة في بعض الأحيان خصوصاً في خط الوسط.

بدأ الهولنديون بإهدار الفرص تباعاً، أبرزها من ديباي الذي تسرّع وسدد مبكراً بشبه انفرادية (21).

قبل الدخول إلى الاستراحة، بدا الأميركيون في طريقهم إلى إدراك التعادل، تسديدة من تيموثي وياه (43) كان لها الحارس بالمرصاد.

لم يرحم الهولنديون الخصوم، وأدخلوهم إلى غرف الملابس متأخرين بثنائية، بعدما تألق دمفريس مجدداً وحوّل نفس العرضية الأولى، لكن هذه المرة كان بليند في انتظارها ليسكنا الشباك (45+1).

أميركا تقلّص

في الشوط الثاني، محاولات ومحاولات مضادة. وستون ماكيني يسدد، وبوليسيك يراوغ، من دون جدوى. في الدقيقة الحادية والستين بدأ الهولنديون مسعاهم لقتل المباراة.

تسديدة رائعة لديباي أنقذها الحارس بأطراف أصابعه (61). وفي الدقيقة 71 كاد ديباي ينجح مجدداً عندما تابع برأسه تسديدة لتون كوبماينرس، تصدى لها الحارس مرتين.

لكن ما هي إلا خمس دقائق حتى قلّص الأميركيون الفارق. أهدر البديل رايت انفرادية أثمرت ركنية. من تلك الركنية التي أبعدت عشوائياً، وصلت الكرة إلى بوليسيك في الرواق الأيمن فحولها عرضية لمست قدم رايت ودخلت المرمى بشكل سحري، فقلص الأميركيون الفارق.

لكن دامفريس وضع النقاط على الحروف، بأقدامه هذه المرة عندما رد له بليند التحية وحوّل له عرضية سددها بقوة في الشباك، معلناً عبور الهولنديين إلى ربع النهائي.

فان دايك: نملك يومين إضافيين للتعافي

قال قائد دفاع المنتخب الهولندي فان دايك إن «الهدف الأميركي لا أعرف كيف دخل. بعد ذلك قاتلنا، وهذا يشرح كل شيء عن هذا الفريق. اعتقد أننا نملك يومين إضافيين للتعافي، وهذا سيساعدنا. سنستعد لموقعة جميلة».

قائد دفاع المنتخب الهولندي فان دايك

وقال فان دايك إن منتخب الطواحين سيستعد للدور ربع النهائي بغض النظر عن هوية الفريق المنافس، مشيراً الى أن المنتخب الهولندي يمتلك فرصة ذهبية لتحقيق نتائج لافتة في هذا المونديال من أجل العودة الى أمجاد الفريق.

بيرهالتر: الحظ لم يحالفنا

قال المدرب الأميركي غريغ بيرهالتر بعد خسارة فريقه: «كان المنتخب متكاملاً، لكن الحظ لم يحالفنا»، مشيراً الى ان منتخب بلاده بذل كل جهد وكل المهارات المطلوبة «ولكن خسرنا، وهذه هي كرة القدم».

المدرب الأميركي غريغ بيرهالتر

وأضاف بيرهالتر: «أنا فخور بهذا الفريق، رغم إصابتي بخيبة الأمل»، موضحاً أن فريقه لعب من اجل تحقيق نتائج افضل من الوصول الى الدور ثمن النهائي غير انه قدم مستويات لافتة خلال البطولة، «ولكن الحظ وقف عنيداً أمامنا».

وأشار إلى أن المنتخب الاميركي كان بإمكانه العودة الى المباراة بعد تقليص الفارق وتسجيل منتخبه هدفه الأول أمام الطواحين، «ولكن عودة المنتخب الهولندي بتسجيل الهدف الثالث صعّبت مهمتنا».

المباراة في سطور

المباراة: هولندا - الولايات المتحدة 3-1

الملعب: استاد خليفة الدولي

الجمهور: 44846 متفرجاً

الدور ثمن النهائي

الحكم: البرازيلي ويلتون سامبايو

الأهداف:

هولندا: ممفيس ديباي (10)، دالي بليند (45+1)، دنزل دامفريس (81).

الولايات المتحدة: حجي رايت (76)

الإنذارات:

هولندا: تون كوبماينرس (60)، فرنكي دي يونغ (87)

التشكيلتان:

هولندا: أندريس نوبرت - يوريين تيمبر، فيرجيل فان دايك، نايثن أكيه (ماتيس دي ليخت 90+3) - دالي بليند، مارتن دي رون (ستيفن بيرخفين 46)، فرنكي دي يونغ، دنزل دامفريس - ديفي كلاسن (تون كوبماينرس 46)، كودي خاكبو (فاوت فيخهورست 90+3)، ممفيس ديباي (تشافي سيمونز 83).

المدرب: لويس فان خال

الولايات المتحدة: مات تورنر - سيرجينيو ديست (ديأندري يدلين 75)، ووكر زيمرمان، أنتوني روبنسون (جوردان موريس 90+2)، تيم ريم - تايلر أدامس، يونس موسى، وستون ماكيني (حجي رايت 67) - خيسوس فيريرا (جيوفاني رينا 46)، كريستيان بوليسيك، تيموثي وياه (براندن آرونسون 67).

المدرب: غريغ بيرهالتر.

دمفريس... القاطرة البشرية
خطة 3-5-2 تضع دنزل دمفريس على الجهة اليمنى من خط الوسط. تمريرة حاسمة في الدقيقة العاشرة لممفيس ديباي، وأخرى نسخة طبق الأصل لدالي بليند، ثم هدف ثالث حاسم قبل 10 دقائق من الصافرة: هولندا تتفوّق على الولايات المتحدة 3-1 وتبلغ ربع نهائي مونديال قطر 2022 في كرة القدم.

إنجاز المساهمة المباشرة بثلاثة أهداف في مباراة واحدة في كأس العالم للاعب هولندي، لم يسبقه اليه سوى النجمين السابقين يوهان كرويف (1974)، وروب رنسنبرينك (1978).

قطار برتقالي ينجرف صعوداً ونزولاً، أصبح أول هولندي يمرر كرتين حاسمتين في الشوط الأول ضمن كأس العالم، والدقيقة الـ 50 شهدت سيناريو مماثلاً، لكن عرضية ابن روتردام لممفيس صدّها الحارس الأميركي مات تورنر بصعوبة، مانعاً أبناء البلاد المنخفضة من تسجيل الثالث.

هدف ثالث بصمه بنفسه هذه المرة في الدقيقة 81، قاضياً على آمال الأميركيين بالعودة، بعد هدف تقليص الفارق الذي سجله حجي رايت قبل خمس دقائق.

وفضل دمفريس عدم الحديث عن الأداء الفردي، قائلاً «كان هدفاً جماعياً. كان هدفاً رائعاً تجلى فيه الأداء الجماعي».

- خطة تعجبه -ليست البطولة الأولى يتألق فيها لاعب إنتر الإيطالي، إذ سبق له وابرز مواهبه التسارعية في السبرينت خلال كأس أوروبا الصيف الماضي، لكن في حينها ودّعت هولندا من ثمن النهائي بخفّي حُنين أمام تشيكيا 0-2.

تطور بشكل مثالي

آنذاك، شرح اللاعب الذي استهل مسيرته مع سبارتا روتردام قبل الانتقال إلى هيرنفين ثم أيندهوفن «أتطوّر بشكل مثالي بهذه الخطة».

لكن اللاعب البالغ 26 عاماً راهناً، لم تكن بدايته مفروشة بالورود: عام 2015، اعتبره موب مارتنس صياد المواهب في فينورد روتردام بأنه غير جيد بما يكفي للانضمام إلى الفريق، فانتقل إلى الفريق الثاني في المدينة سبارتا.

بعدها بثلاث سنوات، تفجّرت موهبة دمفريس في بطولة الدوري «إيريديفيزييه»، فانتقل من هيرنفين إلى أيندهوفن بصفقة بلغت 5.5 ملايين دولار.

بعد مطاردته من قبل تشلسي وإيفرتون الإنكليزيين، نجح إنتر في الحصول على بطاقته من خلال وكيل أعماله الراحل مينو رايولا، مقابل نحو 13 مليون دولار في أغسطس 2021.

لكن مشوار اللاعب الذي خاض 41 مباراة دولية مع منتخب الطواحين قد لا يطول مع «نيراتزوري»، في ظل تقارير جديدة تشير إلى رغبة توتنهام الإنكليزي بضمّه مقابل 30 مليون يورو.

رئتا حصان

اللاعب الذي يصف نفسه بأنه يملك «رئتي حصان»، تمت تسميته بهذا الاسم تيمناً بالممثل الأميركي الشهير دنزل واشنطن الذي أعجب به والداه بسبب أدواره المليئة بالشجاعة والإنسانية، فيما يرتبط اسم عائلته بقرية في جنوب غرب اسكتلندا.

ولدى سؤاله السبت عن اسمه واللعب في مواجهة بلد الممثل الأميركي الشهير، قال الهولندي «ليس لدي أي صلات (عائلية) بالولايات المتحدة. لقد أطلق عليّ هذا الاسم (من قبل والديه) وأنا فخور به. إنه شخصية قوية».

في قطر، جاءت نتائج هولندا مقبولة لكن غير استعراضية، فتخطت السنغال افتتاحاً 2-0 ثم تعادلت مع الاكوادور 1-1 قبل ان تضمن التأهل على حساب قطر بهدفين.

تعرّض المدرب لويس فان خال لانتقادات، وأيضاً لاعبوه ومن بينهم دمفريس، لعدم تقديم المستويات المتوقعة.

قال اللاعب الفارع الطول (1.88م) في الدوحة «أتفهم الانتقادات التي تلقيناها، وتلك التي تعرضت الها انا تحديداً».

تابع اللاعب الذي ينحدر والده من جزيرة أروبا الصغيرة في البحر الكاريبي «يجب أن نبذل المزيد. أريد لعب دور مهم في المباراة المقبلة (ضد الولايات المتحدة) من خلال تسجيل هدف أو تمريرة كرة حاسمة».

فكرة تكتيكية وعن مركزه في أرض الملعب، شرح الممرّر-الهدّاف «موقعي في الملعب؟ ليس عن طريق المصادفة. هناك فكرة تكتيكية من ورائه. هدفها هو فتح المساحات للمهاجمين. وأكثر من ذلك، هدفنا هو الترفيه عن المشجعين، ما يعني تقديم استعراض جميل لهم في جميع الأحوال».

لم ينجح فقط في تمريرة حاسمة واحدة على استاد خليفة الدولي، بل اثنتين وسجّل هدفاً جميلاً بكرة نصف طائرة بقدمه اليسرى حصدت الفوز الهولندي المتوقع، ليضرب وصيف بطل العالم ثلاث مرات موعداً في ربع النهائي مع الفائز بين الأرجنتين وأستراليا.

وعد دنزل ووفى، ولولا صافرة النهاية للحكم البرازيلي ويلتون سامبايو، لكان الممرّ الأيمن في هجوم هولندا شهد اجتياحاً تلو الآخر من دمفريس... القاطرة البشرية.