فقيد قلبي الغالي أبي أحمد السني أحد أعضاء الهيئة التدريسية الأسبق للهيئة العامة للتعليم والتدريب التطبيقي سابقاً، ولاعب النادي العربي والمدرب الوطني السابق، أبي الذي تعلمت منه طبع الطموح المستمر والمثابرة.
أنت صنعت لأجلي الكثير كي أصل إلى ما أنا عليه اليوم، أبي كان درعي الحصين، والحضن الذي ألجأ إليه حين أفقد الأمان، كان مشجعي وداعمي الأكبر، وكان معجبي الأول، كان كلما نظر إليّ، رأيت أنهار الحب والحنان تتدفق في عينيه، أبي كان عشقي الأعظم.
بعد رحيله انطفأت أنوار البيت، وسَادَه الصمت المُطْبِق لوقت طويل، وهَبَّت علينا نسائم الوحشة الموجعة، وصرت ألجأ إلى دنيا الأحلام لأرى ثغره الباسم مرة أخرى، صرت أَحِنُّ إلى أحضانه، وأتوق لأشْتَمَّ عَبيرَهُ الزاكي، وصارت الآهات والوَنّات هي منطق لساني، وفَقَدَتِ الحياة الكثير من جمالها.
بعد أن فَقَدْتُ ظِلَّه صرت أندم على كل لحظة لم أُمْضِها معه، ولا أبيت الليلة إلا وقد غَرِقَتِ الوسادة بدموعي، فقد جَرَحَتني الدنيا، جَرَحَتني جُرْحاً لن يَنْدَمِل أبد الدهر، لقد غاب أبي وما غَيَّبَهُ إلا الموت الزُّؤام، سأظلُّ أنعاك يا أَبَتِ كلما ذكرتك، فقد تركتني في وقتٍ ما كنت لأتخيل الحياة فيه دونك.
لقد ذهبت في سفر، سَفَرٍ طويلِ سَرْمَدي، رَحَلْتَ لتلقى بارئك، رَحَلْتَ لتلقى عزيزك الأوحد، رَحَلْتَ وما تركت لي سوى الألم والعَبَراتِ والزَّفَرات، أَلَمُ رحيلك يعتصر قلبي، ويُضْني روحي التي تَعَلَّقت بك، لكنني رغم كلّ ذلك لا ألومك، فأنت لَبَّيْتَ نِداء الخالق، الذي سنلبيه كُلّنا يوماً ما، سواء شئنا أم أبينا، لذا سأساعدك يا أَبَتِ في سَفَرِك هذا وأدعو لك بالرحمة، سأدعو بأن تَحُطَّ رحالك في الفردوس الأعلى، بإذن الله تعالى.