من عرض السوالف مع صديق، تطرق إلى معاناته في إصدار شهادة أوصاف لعقاره من البلدية لغرض البيع، القصة باختصار أن معاملته رفضت عند الكشف الميداني من موظف البلدية لاختلاف البناء الواقعي عن المخطط الإنشائي المعتمد من البلدية، وبعد مراجعة الإدارة تبين خلط مخطط بيته مع بيت آخر، ولتعديل الوضع تطلب الأمر مروره على مكاتب وإدارات متعددة بالبلدية حتى حصل على الملف الأصلي، طلب منه الموظف الذهاب الى مركز طباعة خاص بالمرقاب (م.ح) لتحويل النسخ الورقية الى فورمة رقمية (pdf) ومن ثم طلب موظف البلدية من صاحبنا التواصل بالواتساب مع (م.ع) وإرسال النسخة الرقمية للمخطط الى ذلك الشخص ليقوم بتحميل الملف على سيستم البلدية، وبعد التواصل مع (م.ع)، وهنا الطامة الكبرى، تبين أن هذا الشخص وافد عربي يدخل على سيستم البلدية عن بعد من بلده، استغرب صاحبنا وبسؤاله موظف البلدية عن الأمر، قيل له إن هذا الشخص الوافد تم إنهاء خدماته من مدة (بسبب التكويت) وهو الوحيد من يملك صلاحية الدخول على النظام.
هل لك أن تتخيل أن هذا الوافد ومركز الطباعة يملكان نسخا من بيانات ومخططات كل المساكن والعناوين واسم المالك وغيرها من المعلومات الشخصية التي غالبا تكون مجهولة حتى على أقارب الدرجة الأولى، هل تملك البلدية نسخا احتياطية إن قرر الوافد لأي سبب إتلاف النظام، وأين يتم تخزين هذه المعلومات أصلا؟ داخل الكويت أم خارجها؟
أنا أعلم أن خصوصية المعلومات الشخصية بالكويت مضروبة، بواب الوزارة يسجل معلومات البطاقة المدنية، المحلات التجارية تملك أسماء العملاء وأرقامهم وعناوين السكن، شركات الاتصالات تملك نسخ من بصمات العملاء... إلخ. المعلومات الشخصية مطشرة بكل مكان.
السؤال: هل يوجد لدينا قانون يحمي خصوصية معلوماتي الشخصية أو الحكومية من الانتهاك؟ هل توجد عقوبات على من يبيع معلوماتي الشخصية لجهات تجارية؟
انتهاك خصوصية المعلومات الشخصية لا تشكل خطرا على الأفراد بقدر خطرها على الأمن العام، ولذلك أفردت لها الدول الغربية اهتماما خاصا، فالاتحاد الأوروبي مثلا أصدر لائحة مشددة تعرف باسم GDPR (لائحة حماية البيانات العامة) المعنية بتحديد آلية تخزين ومعالجة البيانات العامة، كما اشترط على الشركات غير الأوروبية مثل «فيسبوك» و«غوغل» وغيرها على تخزين المعلومات العامة التي بحوزتها التي تخص المواطنين والحكومات الأوربية بمراكز بيانات داخل الحدود الأوروبية ووضع غرامات مالية باهظة على الشركات المخالفة. كما اشترطت المملكة العربية السعودية والإمارات تخزين المعلومات الحكومية الحساسة داخل حدود البلد لأثر انتهاكها على الأمن الوطني، ولدينا في الكويت نقص تشريعي لحماية وتخزين ومعالجة البيانات الشخصية، وكذلك البيانات الحكومية وأماكن تخزينها إن كانت داخل الكويت أو خارجها، نعم هناك قانون الجرائم الإلكترونية، كما توجد لائحة صادرة من هيئة الاتصالات معنية بها الشركات الخاضعة لقانون إنشاء الهيئة لكنها جميعا لا ترقى إلى تشريع يعالج الخلل ويلزم الجهات العامة والخاصة بشروط وضوابط لحماية البيانات من الانتهاك.
نكرر القول إن غياب تشريع يعالج هذه الجزئية يشكل خطرا على الأمن الوطني ينبغي معالجته سريعا، لذا نتمنى أن تحظى حماية خصوصية المعلومات باهتمام حكومي وأن تدرج ضمن الأولويات لا سيما امتلاك الحكومة حاليا مسؤولية التشريع والتنفيذ مما يسهل من المهمة.