ازدهر الشغف للطعام في دولة الكويت بفضل تنوع سكانها، والمنافسة الكبيرة في هذا المجال، ورغم هيمنة شركات النفط والغاز على غالبية الاقتصاد الكويتي، إلا أن قطاع الأغذية والمشروبات يعد من أهم القطاعات في الدولة، والذي يضم المطاعم، والمقاهي وقطاع الأغذية والمشروبات بشتى أنواعها.
يعيش في دولة الكويت اليوم حوالي 4.5 مليون نسمة يتميزون بتنوعٍ كبيرٍ في عادات تناول الطعام والشراب، يخدمهم أكثر من 21,000 مطعم ومقهى تعمل وفق أنظمة وتشريعاتٍ محددة. ومع انتقال الحديث حول الأغذية والمشروبات من التجمعات الاجتماعية مثل الديوانيات إلى إجتماعات العمل الرسمية، برزت المطاعم والمقاهي ضمن قطاع الأغذية والمشروبات لتوفر فرصاً واعدة للنجاح.
وما من شكٍ أن النجاح في هذا القطاع يتطلب مهاراتٍ وإمكاناتٍ تتجاوز المهارات المهنية، وحاسة التذوق المرهفة لتشمل العديد من العناصر الأساسية الأخرى.
وبناءاً على ذلك، شرعت شركة كي بي إم جي في الكويت في الكشف عن التحديات السائدة في مجال المطاعم والمقاهي، من خلال حديث مفصل مع الأطراف الأساسية التي تشكل هذا القطاع، سواء كانوا مستهلكين أو أصحاب أعمال، لاكتساب مفهوم أعمق لهذه التحديات.
وفي هذا الصدد، أصدرت كي بي إم جي في الكويت تقرير مفصل عن قطاع الأغذية والمشروبات في الكويت، حيث جمعت فيه آراء 350 مستهلك، وأربعة من قادة القطاع والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي. ويحمل التقرير العنوان «غذاء للفكر: الذوق، اتجاهات السوق، وقصص النّجاح»، والذي يهدف إلى الكشف عن التوجهات الراهنة والمستقبلية للقطاع، والتحديات المحتملة، واستعراض أهم الاستراتيجيات التي تضمن نجاح الشركات في هذا القطاع.
وأظهر التقرير أن الرأي العام في الكويت حول كل ما يتعلق بعالم الطهي يتميز بتنوعه الواسع الذي يوازي تعدد الثقافات الملموسة في الكويت، ما يحتم على شركات الأغذية والمشروبات، وخاصة المطاعم والمقاهي، مواكبة اتجاهات المستهلكين، وتقديم العروض الجديدة التي تستقطب الزبائن بأكبر قدرٍ ممكنٍ من التنوع.
وكشف التقرير أيضاً أن المستهلكون في الكويت أظهروا اهتماماً كبيراً بالمطبخ اللبناني (15.9%)، يليه المطبخ الهندي (14.4%)، ثم الأطباق المحلية (14.2%)، وهذا يعكس رغبة متزايدة في استكشاف المزيد من الأطباق المختلفة، إذ يميل المزيد من المستهلكين لتجربة المأكولات العصرية، كما في المطابخ الإيطالية والصينية واليابانية. ويرى قادة القطاع أن المستهلكين يعودون دوماً إلى الأطباق الأساسية بعد فتراتٍ من التجارب الجديدة، في حين يسعى بعض أصحاب الأعمال لتنويع قوائم الطعام في مطاعهم لجذب أكبر عددٍ من الزبائن.
ولعل ازدهار قطاع المطاعم والمقاهي في الكويت يعود لاعتماد التقنيات المتقدمة وارتفاع استخدام أجهزة الجوال. حيث يتزايد عدد المستهلكين الذين يعتمدون بشكلٍ متزايدٍ على التطبيقات، حيث يستخدم 73,9٪ التطبيقات لطلب الطعام، منهم 43.1٪ يدفعون عبرها. وعلى الرغم من أن الأجيال الأقدم لا يعتمدون بشكل رئيسي على هذه التقنيات، إلا أن شركات الأغذية والمشروبات تستهدف الجميع، وتستغل التقنية لتعزيز تجربة العملاء من خلال تطوير وصفات جديدة ومتميزة، وتقليل أوقات الطهي والتوصيل، وضمان الطعم وجودة المنتج، كما أن الزيادة في الطلبات عبر الإنترنت تدفع المطاعم لإعادة النظر في عروضها وابتكار أطباق تشجع المستهلكين على الاستمتاع بتناول الطعام في المنزل.
وعادة ما يتطلع العملاء للخصومات والعروض الخاصة رغم التغيرات المستمرة في القطاع، حيث يفضل 55,6٪ الحصول على خصوماتٍ، معتبرين أن مثل هذه المزايا تجذبهم إلى المطاعم والمقاهي وتحفزهم على العودة باستمرار، وأكد نسبة (28,5٪) من هؤلاء المستهلكين أن التواصل الايجابي يؤثر على نيتهم لزيارة مطعم أو مقهى معين. وبشكلٍ عام، تلفت هذه الإحصاءات الانتباه إلى أساليب شركات الأغذية والشراب في كيفية الاستفادة من المبادرات المذكورة لزيادة رضا العملاء وتعزيز العلاقات معهم، وبالتالي رفع معدل زياراتهم وولائهم.
وكشف تقرير كي بي إم جي في الكويت عن تحدٍ اخر مثيرٍ للاهتمام أمام سلاسل المطاعم والمقاهي العصرية بالكويت قد يؤثر على جهودها لتعزيز حضورها ومكانتها في السوق المحلي. 80% من المشاركين بالدراسة قالوا أنهم يدخنون الشيشة، منهم 69,1% يطلبونها من مرة إلى ثلاث مرات أسبوعياً. وللاستفادة من هذه الفرصة المهمة، ترى كي بي إم جي في الكويت أن على أصحاب الأعمال إعادة تقييم عروضهم، ومحاولة تقديم المنتجات التقليدية بطرقٍ مبتكرة وعصرية.
وعلى الرغم من كونها مشروباً شائعاً في العديد من الثقافات عبر العالم، إلا أن القهوة لا تتصدر قائمة المشروبات المفضلة في الكويت كما قد يتوقع البعض، حيث تتفوق منتجات العصير التي يفضلها 21.8% من المستهلكين على القهوة بفارقٍ ضئيل التي يفضلها 21.7% منهم.
ورغم ضآلة نسبة من يعانون من حساسية اللاكتوز والغلوتين، إلا أن مقدمي الطعام والشراب يتوقون لتلبية احتياجات هذه الشريحة الصغيرة بشكلٍ يومي. في ذات الوقت، نجد أن هناك تردداً في قطاع المنتجات النباتية والخالية من اللحوم، حيث لا تتوقع الشركات ظهور طلب كبير على هذه المنتجات في المستقبل القريب.
وعلى الرغم من وجود نسبة صغيرة من المستهلكين المهتمين بقوائم الطعام النباتية، فإن نجاح هذا القطاع يعتمد على عدة عوامل مثل تثقيف المستهلكين حول ميزات هذه الأنظمة الغذائية، وتقديم المنتجات بأسعار معقولة، ومحاولة تغيير النظرة الثقافية التي تغلب عليها اللحوم، وفي ذلك تحدٍ كبيرٍ بالنظر إلى الخيارات التقليدية المفضلة للناس في الكويت. ويشير تقرير كي بي إم جي في الكويت إلى أن صناعة الأغذية والمشروبات في الكويت تواجه تحولًا منهجياَ مدفوعاً بتطور تطلعات المستهلكين، وفي مقدمتها زيادة الشفافية والتفاعل مع المجتمع، وهذا يحتم على العلامات التجارية التفاعل المباشر مع العملاء، والرد على استفساراتهم، والاستجابة لاهتماماتهم.
وحول قطاع الأغذية والمشروبات في الكويت، أوضح الشريك ورئيس قسم استشارات الصفقات في كي بي إم جي في الكويت، أنكول أغاروال، أن المطبخ المحلي يتميز بإرثه الغني، كما أن السوق المحلي يتمتع بإمكانات نموٍ واسعة، مشيراً إلى أن الهدف من التقرير كان جمع وجهات نظر المستهلكين وآرائهم واستكشاف احتياجاتهم المختلفة التي يتوجب على شركات الأغذية والمشروبات، خاصة المطاعم والمقاهي، تلبيتها لتمكين السوق من الازدهار اليوم وفي المستقبل. وقال أنكول أن كي بي إم جي في الكويت قامت بالتعاون مع كلية إمليون للأعمال في باريس لإنجاز هذه الدراسة الاستطلاعية، حيث تم الاستماع المباشر إلى رواد هذا القطاع، وقد أثمرت عن عددٍ من الأفكار التي يمكن تحويلها إلى فرص عملية. وأعرب أنكول عن ثقته بأن التقرير الجديد سيوفر للمهتمين بالقطاع المعلومات والبيانات التي يحتاجونها للنهوض بأعمالهم وتحسين عمليات اتخاذ القرار لديهم.
أعدت كي بي إم جي في الكويت هذا التقرير بالتعاون مع كلية إمليون للأعمال في باريس. وشمل العمل على التقرير مقابلاتٍ مع عدد من الشخصيات البارزة في قطاع الأغذية والمشروبات بالكويت، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة TABCo Food عبد العزيز الطريجي، والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة KLC Virtual Restaurants مبارك جعفر، والرئيس التنفيذي لشركة Aleid Foods المهندس محمد المطيري، والرئيس التنفيذي لقطاع المطاعم في شركة مجموعة الثقة الغذائية (TFGC) وInspired Edibles في الكويت خالد نجا. وقد ساهمت هذه المقابلات في جمع آراء حقيقية مفصلة حول التحديات والفرص في قطاع الأغذية والمشروبات في الدولة.