يجد المنتخب التونسي نفسه أمام الفرصة الأخيرة للتأهل لدور ثمن النهائي عندما يواجه اليوم نظيره الفرنسي بطل العالم والضامن تأهله، ضمن الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة الرابعة لمونديال قطر في كرة القدم.
وتتصدر فرنسا المجموعة بالعلامة الكاملة من فوزين (6 نقاط)، تليها أستراليا مع ثلاث نقاط، فالدنمارك في المركز الثالث بنقطة يتيمة متساوية مع تونس.
ستكون تونس بحاجة للفوز على بطلة 1998 و2018 تزامناً مع عدم فوز أستراليا، وأن يصبّ فارق الأهداف في مصلحتها.
ويدرك المنتخب التونسي، المشارك للمرة السادسة، صعوبة مهمته أمام منافس لم يفز عليه في أربع مواجهات سابقة (هزيمتان وتعادلان)، ويواجهه للمرة الأولى منذ مايو 2010 (تعادلا 1-1).
وتأمل تونس في تفادي سيناريو عدم الفوز بأي مباراة في نهائيات كأس العالم للمرة الرابعة في 6 مشاركات بعد أعوام 1998 و2002 و2006، في حين يتضمن سجلها الفوز في مباراتين أمام المكسيك 3-1 عام 1978 في أوّل فوز لمنتخب عربي وإفريقيا، وبنما 2-1 في روسيا 2018.
تقف تونس عند عتبة انجاز تاريخي أمام منتخب «الديوك» على استاد المدينة التعليمية في الدوحة بعد التعادل السلبي الثمين أمام الدنمارك والخسارة أمام أستراليا صفر- 1، في مباراة وصفها مهاجم «نسور قرطاج» وهبي الخزري المولود في جزيرة كورسيكا وخاض معظم مسيرته في الملاعب الفرنسية ب «الحلم».
الخزري حاضر
وأمام معادلة الفوز، تبدو حظوظ الخزري كبيرة للمشاركة أساسياً من أجل منح المزيد من النجاعة لخط هجوم لم يهز شباك منافسيه في مباراتين.
وينتظر مهاجم سندرلاند الإنكليزي السابق ومونبلييه الحالي فرصته للعب حيث لم يخض سوى 23 دقيقة، بعدما فضّل المدرب جلال القادري الثنائي نعيم السليتي ويوسف المساكني في المقدمة خلف عصام الجبالي.
ظل القادري وفياً لتشكيلته الأساسية في مباراتيه الأوليين، إذ أجرى تبديلاً واحداً بإدخاله نعيم السليتي بدلاً من أنيس بن سليمان أمام أستراليا.
عكست تونس صورة صلبة دفاعياً، بخلاف الهجوم، إذ يتوجب عليها إظهار قدراتها في المقدمة وهز الشباك الفرنسية الساعية لأن تصبح أول دولة تحتفظ بلقبها منذ البرازيل 1962 برغم صعوبة المهمة.
مشاركة وجوه جديدة
من ناحيتها، تخوض فرنسا المباراة من دون ضغوطات بعدما فازت على أستراليا 4-1 وأتبعته بثانٍ على الدنمارك 2-1، لتتربع على الصدارة بالعلامة الكاملة (6) على أمل تعزيزها بفوز ثالث.
حققت فرنسا فوزها السادس توالياً في نهائيات كأس العالم متساوية مع إسبانيا وإنجازها في مونديال جنوب إفريقيا 2010.
ومن المتوقع أن يمنح ديدييه ديشان مدرب «الديوك» فرصة لعدة وجوه جديدة لم تشارك في المباراتين الأوليين، مما يعني إراحة المدافع رافايل فاران، العائد من إصابة، والمهاجم المخضرم أولفييه جيرو. كما من الصعب إقناع نجم باريس سان جرمان كيليان مبابي الخلود للراحة، علماً أنه يتقاسم مع مهاجم الإكوادور إينير فالنسيا صدارة الهدافين (ثلاثة أهداف لكل منهما).
سجل مبابي هدفي الفوز أمام الدنمارك لتصبح فرنسا أول المتأهلين إلى ثمن النهائي. أقلق الباريسي بسرعته واختراقاته الدفاع الدنماركي ويبدو مصمماً على زيادة غلته التهديفية أمام تونس.
ومن المرجح أن يدفع ديشان بالثلاثي ماركوس تورام وكينغسلي كومان وإبراهيما كوناتيه في التشكيلة الاساسية على حساب بعض الكوادر، علماً ان لاعب خط الوسط السابق أدخل في قطر بعض التعديلات من دون الاخلال بتوازن تشكيلته، فلعب بدفاع رباعي على غرار ما فعل في روسيا، ولكن مع اختلاف وحيد وهو الدفع بمهاجم إضافي ليرتفع العدد إلى 4 لاعبين يملكون الجينات الهجومية في المقدمة، مع أنطوان غريزمان كلاعب موزع خلف جيرو في قلب الهجوم ومبابي وعثمان ديمبيليه على الرواقين.
الطالبي حائط دفاع «نسور قرطاج»
يعلِّق منتخب «نسور قرطاج» آماله على المدافع الدولي منتصر الطالبي للحد من خطورة مهاجمي «الديوك»، لضمان تأهل تاريخي.
وُلد الطالبي في باريس، وقرر ارتداء القميص التونسي، ليدافع عن ألوانه في 25 مباراة دولية (سجل هدفاً).
عادت عائلة الطالبي إلى تونس، حيث برزت موهبته باكراً، فخطا خطواته الأولى مع الترجي في سن ال 17 عاماً، وحتى قبل حصوله على شهادة البكالوريا.
وعد رئيس النادي مدافعه الشاب بإشراكه مع الفريق الأول في حال حصوله على الشهادة، ليفي بوعده بعد أسبوع من مغادرة الطالبي لمقاعد الدراسة.
حينها، وفي سن ال 18 عاماً، لم يكن أمام الطالبي أي هامش لارتكاب الأخطاء ليرد الجميل لمن وضع ثقته به باكراً، إضافة إلى اكتساب ثقة محبة جماهير الترجي المتطلبة والمتعطشة للانتصارات. لم تمنعه الضغوط الكبيرة من إبراز نضجه الكروي، رغم صغر سنه، ليصف ما عاشه ب «الاختبار الصعب».
شُرّعت أمامه أبواب الاحتراف خارج تونس، فتعاقد عام 2018 مع تشايكور ريزه سبور التركي، حيث بقي مدة ثلاثة أعوام، قبل انتقاله إلى بينيفينتو الإيطالي من دون أن يحصل على فرصة لخوض أي مباراة، ليغادر إلى روبن قازان.
لم تدم مغامرته طويلاً، إذ أرخى غزو روسيا لأوكرانيا بظلاله على مستقبله، فقرر الرحيل إلى لوريان، بعدما كانت الحرب فرصة للاعبين الأجانب لمغادرة البلاد. رغم طبول الحرب ظل وفياً لنادٍ منحه الثقة، لكنه فقد معظم كوادره الأساسية الذين شكلوا 90 في المئة من تشكيلته.
وتلقى الطالبي عروضاً عدة من أندية في روسيا وتركيا «لكني لم أرَ نفسي هناك، رغم العروض المغرية. كان هدفي الاستمرار في التقدم وتحقيق أهدافي»، وفق ما قال.
تسارعت الأمور بالنسبة للمدافع التونسي، فدخل لوريان على خط المفاوضات، ونجح في الظفر بجهوده.
مبابي «الزعيم» أكثر من أي وقت مضى
بهدفي الفوز والتأهل على حساب الدنمارك (2-1)، فرض كيليان مبابي نفسه قائدا لهجوم المنتخب الفرنسي بحماسة وتصميم، مبديا في قطر روحا قتالية خلال المونديال، المسابقة المفضلة لديه.
«زعيم الزرق»، هكذا نُظر إلى مبابي كقائد لهجوم أبطال العالم، بعد انسحاب حامل الكرة الذهبية كريم بنزيمة بسبب الإصابة.
وكالعادة، جاء الغيث من السرعة الخارقة للمهاجم الباريسي الذي انطلق بهجمة مرتدة بسرعة البرق ووصل الى الشباك الدنماركية بعد تبادله للكرة مرتين مع تيو هرنانديز (61)، ثم خطف هدف الفوز والتأهل في الدقيقة 86 حين استقبل تمريرة عرضية من أنطوان غريزمان وحولها بفخذه في الشباك.
وفي أجزاء من الثانية، كان مبابي يحتفل بثنائيته مع الجمهور الفرنسي الحاضر في المدرجات، مع حماس ساخط نادرا ما يظهره بقميص «الديوك».
وبعدما سجل 14 هدفا في آخر 12 مباراة مع المنتخب الفرنسي، رفع مبابي رصيده الإجمالي الى 31 هدفاً في 61 مباراة خاضها بقميص بلاده، والى 7 أهداف في نسختين من كأس العالم.
وواقع أن كلا من النجمين البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي رفع رصيده الى 8 أهداف في خمس نهائيات، يظهر أهمية ما حققه مبابي في كأس العالم.
وبعدما لعب الدور الرئيسي في قيادة بلاده الى اللقب العالمي عام 2018 حين كان في التاسعة عشرة من عمره، يظهر مبابي في قطر 2022 روح التعاون مع زميليه أنطوان غريزمان وأوليفييه جيرو، وأيضاً مع عثمان ديمبيليه الذي يعتبر أحد أكثر المقربين منه في مجموعة المدرب ديشان.
في مباراة مغلقة، مثل التي خاضها «الديوك» السبت ضد الدنمارك، كان المنتخب الفرنسي بحاجة الى مواهب مبابي لزعزعة دفاعات الخصم.
ونجم نادي العاصمة يعشق أن تكون المسؤولية ملقاة على عاتقه، لأن هذه الظروف تستخرج أفضل ما لديه على أرضية الملعب، وكل ما فعله غياب بنزيمة عن التشكيلة أن زاد من حجم المسؤولية لينعكس ذلك مزيدا من التألق.
عيسى العيدوني... «لا يتعب»!
يؤكد لاعب الوسط الدولي عيسى العيدوني، أنه فخور بجذوره الجزائرية، وفي الوقت ذاته بانتمائه إلى المنتخب التونسي، المدافع عن ألوانه في مونديال قطر، حيث استهل مبارياته بجائزة أفضل لاعب خلال التعادل السلبي أمام الدنمارك، قبل أن يستبدله المدرب جلال القادري في الخسارة أمام أستراليا بهدف يتيم.
تعالت الأصوات في الجزائر منتقدة عدم ضم نجم فيرينتسفاروش المجري إلى صفوف منتخب «محاربي الصحراء»، فيما أشادت الصحف التونسية بأداء العيدوني، بفضل اعتراضاته للكرة، وتحركاته، وتوجيهه لرفاقه داخل المستطيل الأخضر.
واستهل العيدوني حلم المشاركة في العرس الكروي العالمي بألوان تونس، بعدما كان معادلة مهمة في التأهل، ليرد الثقة التي وضعها فيه المدرب منذر الكبيِّر وبعده القادري في المباراة الأولى ضد الدنمارك، ليصفه المراقبون ب «الرجل الحديدي» الذي لا يتعب.
وُلد العيدوني من أب جزائري وأم تونسية، فتعلق بالبلدين وارتبط بهما، وبعدما انتظر فرصة صريحة للانضمام إلى «محاربي الصحراء» أتته من «نسور قرطاج» في 19 مارس 2021، ليشارك في أول مباراة دولية في 25 منه بتصفيات كأس الأمم الإفريقية 2021 ضد ليبيا.
انضم العيدوني إلى فيرينتسفاروش بأغسطس 2020 في صفقة قُدرت قيمتها بحوالي 600 ألف يورو، وقاده للفوز بلقب الدوري موسمين توالياً، واختير أفضل لاعب في الدوري عام 2020.
يرتبط العيدوني بعلاقة وطيدة مع زملائه في المنتخب التونسي، أبرزهم الشاب حنبعل المجبري، والسليتي، وحمزة رفيعة، علماً بأنه واجه بلده الجزائر في مباراة ودية انتهت بفوز «محاربي الصحراء» 2 - صفر في ملعب حمادي العقربي برادس في 11 يونيو 2021.
ديشان: بنزيمة لا يشغل بالي
رأى مدرب منتخب فرنسا ديدييه ديشان أن مكان وجود كريم بنزيمة الذي يغيب عن مونديال قطر 2022 بداعي الإصابة «لا يشغل باله» كثيراً بعد بث شريط فيديو يظهر وصول مهاجم ريال مدريد إلى جزيرة ريونيون لقضاء إجازة، مؤكداً أنه يهتم فقط باللاعبين ال 24 الموجودين في صفوف المنتخب.
ولا شك أن وجود بنزيمة في جزيرة ريوينون يضعف إمكانية عودته إلى تدريبات ريال مدريد الخميس كما أعلن بعض وسائل الإعلام الاسبانية الاثنين، وربما عودته لاحقاً للالتحاق بصفوف منتخب فرنسا خلال المونديال الحالي.
وأعلن الاتحاد الفرنسي انسحاب بنزيمة بسبب إصابة عضلية عشية المباراة الافتتاحية لكأس العالم.
ووصل بنزيمة صباح أمس، إلى جزيرة ريونيون بحسب ما أكد مراسل وكالة فرانس برس.
وأكد مصدر مقرب من المهاجم الذي اختير أفضل لاعب في العالم هذا العام، أنه سيمضي إجازة مدتها أسبوع في هذه الجزيرة الواقعة على المحيط الهندي، علماً أنه لم يدل بأي تصريح لدى خروجه من المطار.
ولدى سؤال ديشان عن بنزيمة الذي لا يزال مسجلاً إدارياً في اللائحة الرسمية للمنتخب قال متوجهاً إلى الصحافيين عشية المواجهة ضد تونس في الجولة الثالثة «تبحثون عن أمور ما هنا؟...». وأضاف «هذه أمور لا تشغل بالي، لا أدري من قال ماذا وأين ولماذا». وتابع «تناقشت مع كريم بعد رحيله، تعرفون جميعاً وضعه والمدة الزمنية التي يستغرقها تعافيه من الإصابة. أنا أهتم فقط باللاعبين ال 24 الموجودين هنا».
ديمبيلي لفرض نفسه مع أبطال العالم
بعد أن تخلّص من «كابوس» الإصابات وأصبح أكثر نضجاً مما كان عليه في عام 2018، تمكّن الجناح عثمان ديمبيلي أخيراً من أداء دور قيادي في منتخب فرنسا، فلم يبرز فقط من الناحية الهجومية إنما حضر بقوة دفاعياً حتى الآن في مونديال قطر 2022، وتحديداً في المباراة التي فازت بها بلاده 2-1 على الدنمارك.
بعد أدائه الواعد ضد أستراليا (4-1) التي أسهم فيها بتمريرة حاسمة، جدّد مدرب فرنسا ديدييه ديشان الثقة بلاعب الجناح السبت على ملعب 974 في الدوحة بمواجهة الدنمارك، وتمكن ديمبيلي من تقديم أداء جدير حظي بتقدير كبير خصوصاً في الشوط الأول. إنه تطوّر لافت: لم يخض ديمبيلي مباراتين متتاليتين مع فرنسا منذ يونيو 2017. شيء استثنائي لسيرته الذاتية غير النموذجية والمتقلبة وغير قابل للتوقع، ملك المراوغة والسرعة والمواجهات الفردية. أداء ديمبيلي لم يقتصر فقط على الهجوم، بل كان السبت عنيداً في المواكبة الدفاعية والتدخلات والضغط.
يبقى ديمبيلي منخرطاً وحاسماً ومبتسماً ويمزح دائماً، وهو ذاك اللاعب في غرفة خلع الملابس، المحبوب والجامع.